الجمعة، 26 يونيو 2015

الدعاء سلاح المؤمن د/ أحمد عرفة

الدعاء سلاح المؤمن
  إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ   يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ ، وإِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ 0
فإن العبادة فى الإسلام كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هى اسم جامع لكل ما يحبه الله عز وجل ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، ومن هذه العبادات التى أمرنا الله تعالى بها الدعاء فتعالوا بنا نتعرف على أهمية الدعاء وفضائله وآدابه من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فى هذه المقالة المتواضعة .
أولاً: فضل الدعاء فى القرآن والسنة :
إن المتدبر فى آيات القرآن الكريم يجد أن ربنا تبارك وتعالى قد أرشد عباده المؤمنين إلى سؤاله ودعائه وحده لا شريك له فى آيات كثيرة من كتابه الكريم منها:
قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (سورة البقرة : الآية : 186).
سبب نزول هذه الآية : روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قال يهود أهل المدينة يا محمد كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام وأن غلظ كل سماء مثل ذلك فنزلت هذه الآية
وقال الضحاك: سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم  فقالوا:أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)(سورة البقرة : الآية : 186).
وقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)(سورة غافر: الآية: 60).
وقال تعالى :( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)(سورة النمل: الآية : 62).
وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :(أفضل العبادة الدعاء)
( أخرجه الحاكم فى المستدرك وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم 1122)
وعن سلمان الفارسي رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين)( أخرجه الترمذي فى سننه وصححه الألبانى فى صحيح سنن الترمذي حديث رقم 3556).
قال الإمام بدر الدين العينى رحمه الله : قوله صلى الله عليه وسلم:( إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع إليه العبد يديه أن يردهما صفراً) :حتى يضع فيهما خيراً وهذا جار على سبيل الاستعارة التبعية التمثيلية شبه ترك الله تعالى تخييب العبد ورد يديه صفرا بترك الكريم رد المحتاج حياء فقيل: ترك الله رد المحتاج حياء كما قيل: ترك الكريم رد المحتاج حياء فأطلق الحياء ثمة كما أطلق الحياء ههنا فذلك استعير ترك المستحي لترك ضرب المثل ثم نفى عنه(عمدة القاري شرح صحيح البخاري : جـ 1صـ 177).
وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ( الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء)( أخرجه الترمذي فى سننه 3554 وصححه الألبانى فى صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم 1634).
قال الإمام المناوى رحمه الله :قوله صلى الله عليه وسلم :( الدعاء ينفع مما نزل): من المصائب والمكاره أي يسهل تحمل البلاء النازل فيصيره كأنه لم ينزل أو يرضيه حتى لا يتمنى خلافه (ومما لم ينزل) من ذلك فيمنع نزوله بالمعنى المقرر (فعليكم عباد الله) بحذف حرف النداء (بالدعاء) أي إلزموه واجتهدوا فيه وداوموه وكفى بك شرفاً أن تدعوه فيجيبك ويختار لك ما هو الأصلح(التيسير بشرح الجامع الصغير : جـ 2 صـ 21).
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (إنه من لم يسأل الله يغضب عليه)( أخرجه الترمذي فى سننه وحسنه الألبانى فى صحيح سنن الترمذي حديث رقم 3373).
قال الطيبى : وذلك لأن الله يحب أن يسأل من فضله فمن لم يسأل الله يبغضه والمبغوض مغضوب عليه لا محالة(مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح : جـ 7 صـ 125).
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :(إن أبخل الناس من بخل بالسلام ، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء)( أخرجه ابن حبان فى صحيحه وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم 1519).
قوله:( إنّ أبخل الناس من بخل بالسلام) : ابتداء وجواباً لأنه لفظ قليل لا كلفة فيه وأجره جزيل فمن بخل به مع عدم كلفته فهو أبخل الناس (وأعجز الناس من عجز عن الدعاء) أي الطلب من الله تعالى حيث سمع قول ربه ادعوني فلم يدعه مع فاقته وعدم المشقة عليه فيه(التيسير بشرح الجامع الصغير : جـ 1 صـ 616).
ثانياً: آداب الدعاء :
إن للدعاء آداباً كثيرة منها :
1-أن يجزم بالدعاء ويوقن بالإجابة : عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافلٍ لاهٍ )( أخرجه الترمذي فى سننه وحسنه الألبانى فى صحيح سنن الترمذي حديث رقم 3479 ، وصحيح الجامع حديث رقم 245).
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقل أحدكم إذا دعا اللهم اغفر لى إن شئت ، اللهم ارحمنى إن شئت فليعزم المسألة فإن الله لا مكره له )(رواه البخاري).
2-أن يلح فى الدعاء ويكرره ثلاثاً : ورد فى الأثر: (إن الله يحب الملحين فى الدعاء).
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : ( كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً)(رواه مسلم).
3-أن يفتتح الدعاء بذكر الله تعالى وأن يختمه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :(كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم)( الدعاء للطبرانى – باب ما جاء فى فضل لزوم الدعاء والإلحاح فيه حديث رقم 17).
4-أن يدعو مستقبل القبلة ويرفع يديه: عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم : كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه فى الدعاء)(متفق عليه).

5-التضرع والخشية والرغبة والرهبة : قال الله عز وجل:( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)(سورة الأعراف : الآية : 55).
6-عدم الاعتداء فى الدعاء : عن ابن مغفل رضى الله عنه أنه سمع ابنه يقول: ( اللهم إنى أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة فقال بنى: سل الله الجنة وتعوذ به من النار) فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سيكون فى هذه الأمة  قوم يعتدون فى الطهور والدعاء)( أخرجه أبو داود فى سننه وصححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود حديث رقم 96).
7-ألا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم : عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له فى الآخرة ، وإما أن يدفع عنه من السوء مِثلَها)( أخرجه الحاكم فى المستدرك وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم 1633).
8-ألا يدعو على نفسه وأولاده : عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على خدمكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء ، فيستجيب لكم "(رواه مسلم).
9-أن يتحرى أوقات إجابة الدعاء : وأوقات إجابة كثيرة منها :
1-الثلث الأخير من الليل : عن جابر رضى الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم ، يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة ، إلا أعطاه إياه ، وذلك كل ليلة "(رواه مسلم).
وعن عمرو بن عبسة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :(أقرب ما يكون الرب من العبد فى جوف الليل الآخر ، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله فى تلك الساعة فكن )( أخرجه الترمذي فى سننه وصححه الألبانى فى صحيح سنن الترمذي حديث رقم 3579).
2-عند الآذان : عن أبى أمامة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا نودى بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء)( أخرجه الطبراني فى المعجم الأوسط حديث رقم 9371).
3-بين الآذان والإقامة : عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (الدعاء بين الآذان والإقامة مستجاب فادعوا)(أخرجه أبو يعلى فى مسنده وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم 3405).
وعن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (لا يُردُّ الدعاء بين الآذان والإقامة )( أخرجه أبو داود فى سننه وصححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود حديث رقم 521).
4-فى السجود : عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمِن أن يستجاب لكم)(رواه مسلم).
5-يوم الجمعة : عن جابر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة ، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا آتاه الله إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر)( أخرجه أبو داود فى سننه وصححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود حديث رقم 1048).
6-عند نزول المطر ، وعند التقاء الجيوش ، وعند إقامة الصلاة : عن سهل بن سعد رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :(ثنتان ماتردان : الدعاء عند النداء ، وتحت المطر)( أخرجه أبو داود فى سننه وصححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود حديث رقم 2540).
وقال صلى الله عليه وسلم :(اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش ، وإقامة الصلاة،ونزول الغيث )( أخرجه البيهقى فى معرفة السنن والآثار وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم 1026).
7-دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب : أخرج البزار بسند صحيح عن عمران بن حصين رضى الله عنه أن النبى صلى لله عليه وسلم قال : (دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب لايُرد)( أخرجه البزار فى مسنده وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم (3379))
8- دعوة المسافر ، دعوة المظلوم ، دعوة الوالد لولده ، دعوة الصائم : عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث دعوات مستجابات :دعوة الصائم ، ودعوة المظلوم ، ودعوة المسافر)( أخرجه أبو داود فى سننه وحسنه الألبانى فى صحيح سن أبى داود حديث رقم 1536).
9-الدعاء يوم عرفة : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد وهو على كل شئ قدير)( أخرجه الترمذي فى سننه وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم 3274).
10-دبر الصلوات المكتوبة : عن أبى أمامة رضى الله عنه قيل : يارسول الله أىّ الدعاء أسمع ؟ قال : جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبات)( أخرجه الترمذى فى سننه وحسنه الألبانى فى صحيح سنن الترمذى حديث رقم 3499)0
ثالثاً : شروط قبول الدعاء:
1 – الإخلاص : قال الله عز وجل :(هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(سورة غافر: الآية : 65).
وعن أبى أمامة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى لايقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغى به وجهه)( أخرجه النسائى فى سننه وحسنه الألبانى فى صحيح سنن النسائى حديث رقم 3140).
2- تحرى الحلال فى المأكل والملبس والمشرب : عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله طيب لايقبل إلا طيباً ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين )وقال:(يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)( سورة المؤمنون : الآية: 51) وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)( سورة البقرة : الآية: 172) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء ، يارب ، يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذى بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك)(رواه مسلم).
3- الثقة واليقين وعدم غفلة القلب أثناء الدعاء : عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لايستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ )( أخرجه الترمذى فى سننه وحسنه الألبانى فى صحيح سنن الترمذى حديث رقم 3479).
4-عدم الاستعجال فى الدعاء : عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : قد دعوت فلم يستجب لى )( رواه البخارى).
قال الإمام ابن بطال رحمه الله : المعنى أن يسأم فيترك الدعاء ، فيكون كالمان بدعائه ، أو أنه أتى من الدعاء ما لايستحق به الإجابة ، فيصير كالمبخل للرب الكريم الذى لاتعجزه الإجابة ، ولا ينقصه العطاء)( شرح صحيح البخارى: لابن بطال جـ10 صـ100
مالنا ندعو ولا يستجاب لنا :
 اجتمع أهل البصرة مع الإمام الزاهد إبراهيم بن أدهم رحمه الله وقالوا له : ما لنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟ قال : لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء :
عرفتم الله ولم تؤدوا حقه .
وزعمتم حب النبى وتركتم سنته .
وقرأتم القرآن ولم تعملوا به .
وأكلتم نعمة الله ولم تؤدوا شكرها .
وقلتم إن الشيطان عدوكم ووافقتموه .
وقلتم إن الجنة حق ولم تعملوا لها ..
وقلتم إن النار حق ولم تهربوا منها .
وقلتم إن الموت حق ولم تعملوا له .
وانشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم .
ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.
كانت هذه بعض فضائل الدعاء فى الكتاب والسنة النبوية المطهرة وآدابه نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعمل بها اللهم آمين وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال اللهم آمين.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل


د/أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية


عضو الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي 

الخميس، 25 يونيو 2015

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة من زاد المعاد للإمام ابن القيم الجزء الثاني

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة
 من زاد المعاد للإمام ابن القيم الجزء الثاني
قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلاة
1-كان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية، وصلاها بسورة (ق)، وصلاها ب (الروم) وصلاها ب (إذا الشمس كورت) وصلاها ب (إذا زلزلت) في الركعتين كليهما، وصلاها ب (المعوذتين) وكان في السفر وصلاها، فافتتح ب (سورة المؤمنين) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى، أخذته سعلة فركع.

2-وكان يصليها يوم الجمعة ب (ألم تنزيلا السجدة) وسورة (هل أتى على الإنسان ) كاملتين، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه في الركعتين، وقراءة السجدة وحدها في الركعتين، وهو خلاف السنة.

3-وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضل بسجدة، فجهل عظيم، ولهذا كره بعض الأئمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين لما اشتملتا عليه من ذكر المبدإ والمعاد، وخلق آدم، ودخول الجنة والنار، وذلك مما كان ويكون في يوم الجمعة، فكان يقرأ في فجرها ما كان ويكون في ذلك اليوم، تذكيرا للأمة بحوادث هذا اليوم، كما كان يقرأ في المجامع العظام كالأعياد والجمعة بسورة (ق) و(واقتربت) و(سبح) و(الغاشية).

4- وأما الظهر، فكان يطيل قراءتها أحيانا، حتى قال أبو سعيد: "كانت صلاة الظهر تقام، فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله، فيتوضأ، ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطيلها" رواه مسلم. وكان يقرأ فيها تارة بقدر (ألم تنزيل) وتارة ب (سبح اسم ربك الأعلى) و(الليل إذا يغشى) وتارة ب (السماء ذات البروج) و(السماء والطارق).


5-وأما العصر، فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت، وبقدرها إذا قصرت.


6-وأما المغرب، فكان هديه فيها خلاف عمل الناس اليوم، فإنه صلاها مرة ب(الأعراف) فرقها في الركعتين، ومرة ب (الطور) ومرة ب (المرسلات).
قال أبو عمر بن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب ب (المص) وأنه قرأ فيها ب (الصافات) وأنه قرأ فيها ب (حم الدخان) وأنه قرأ فيها ب(سبح اسم ربك الأعلى) وأنه قرأ فيها ب (التين والزيتون) وأنه قرأ فيها ب (المعوذتين) وأنه قرأ فيها ب (المرسلات) وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل قال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة. انتهى. وأما المداومة فيها على قراءة قصار المفصل دائما، فهو فعل مروان بن الحكم، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت، وقال: مالك تقرأ في المغرب بقصار المفصل؟! وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين. قال: قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: (الأعراف) وهذا حديث صحيح رواه أهل السنن.

7-وذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قرأ في المغرب بسورة (الأعراف) فرقها في الركعتين.
فالمحافظة فيها على الآية القصيرة، والسورة من قصار المفصل خلاف السنة، وهو فعل مروان بن الحكم.



8-وأما العشاء الآخرة، فقرأ فيها صلى الله عليه وسلم ب (التين والزيتون) ووقت لمعاذ فيها ب (الشمس وضحاها) و(سبح اسم ربك الأعلى) و(الليل إذا يغشى) ونحوها، وأنكر عليه قراءته فيها ب (البقرة) بعدما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف، فأعادها لهم بعدما مضى من الليل ما شاء الله، وقرأ بهم ب (البقرة) ولهذا قال له: "أفتان أنت يا معاذ" فتعلق النقارون بهذه الكلمة، ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا ما بعدها.
وأما الجمعة، فكان يقرأ فيها بسورتي (الجمعة) و(المنافقين ) كاملتين و(سورة سبح) و(الغاشية).
وأما الاقتصار على قراءة أواخر السورتين من (يا أيها الذين آمنوا) إلى آخرها، فلم يفعله قط، وهو مخالف لهديه الذي كان يحافظ عليه.



9- وأما قراءته في الأعياد، فتارة كان يقرأ سورتي (ق) و(اقتربت) كاملتين، وتارة سورتي (سبح) و(الغاشية) وهذا هو الهدي الذي استمر صلى الله عليه وسلم إلى أن لقي الله عز وجل، لم ينسخه شيء.

10-ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدون من بعده، فقرأ أبو بكر رضي الله عنه في الفجر بسورة (البقرة) حتى سلم منها قريبا من طلوع الشمس، فقالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين.
وكان عمر رضي الله عنه يقرأ فيها ب (يوسف) و(النحل) وب (هود) و(بني إسرائيل) ونحوها من السور، ولو كان تطويله صلى الله عليه وسلم منسوخا لم يخف على خلفائه الراشدين، ويطلع عليه النقارون.(أي الذي ينقر الصلاة ولا يطمئن فيها).
                             والحمد لله رب العالمين

                                                                دعواتكم
د/ أحمد عرفة


الأربعاء، 24 يونيو 2015

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة من زاد المعاد للإمام ابن القيم رحمه الله الجزء الأول

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة
من زاد المعاد للإمام ابن القيم رحمه الله
الجزء الأول

1- كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: "الله أكبر" ولم يقل شيئا قبلها ولا تلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلي لله صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما، ولا قال: أداء ولا قضاء، ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها البتة، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين، ولا الأئمة الأربعة.


2-وكان يرفع يديه معها ممدودة الأصابع، مستقبلا بها القبلة إلى فروع أذنيه، وروي إلى منكبيه، فأبو حميد الساعدي ومن معه قالوا: حتى يحاذي بهما المنكبين، وكذلك قال ابن عمر. وقال وائل بن حجر: إلى حيال أذنيه. وقال البراء: قريبا من أذنيه. وقيل: هو من العمل المخير فيه، وقيل: كان أعلاها إلى فروع أذنيه، وكفاه إلى منكبيه، فلا يكون اختلافا، ولم يختلف عنه في محل هذا الرفع، ثم يضع اليمنى على ظهر اليسرى.


3-وكان يستفتح تارة ب "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس".
وروي عنه أنه كان يستفتح ب "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك"
وصح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يستفتح به في مقام النبي صلى الله عليه وسلم ويجهر به، ويعلمه الناس وقال الإمام أحمد: أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر، ولو أن رجلا استفتح ببعض ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الاستفتاح كان حسنا.



4- وكان يقول بعد ذلك: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ثم يقرأ الفاتحة، يجهر ب "بسم الله الرحمن الرحيم " تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها.
ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائما في كل يوم وليلة خمس مرات أبدا، حضرا وسفرا، ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال حتى يحتاج إلى التشبث فيه بألفاظ مجملة، وأحاديث واهية، فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح، وهذا موضع يستدعي مجلدا ضخما. وكانت قراءته مدا، يقف عند كل آية، ويمد بها صوته.

5- فإذا فرغ من قراءة الفاتحة، قال: "آمين"، فإن كان يجهر بالقراءة رفع بها صوته وقالها من خلفه. وكان له سكتتان، سكتة بين التكبير والقراءة، وعنها سأله أبو هريرة،واختلف في الثانية، فروي أنها بعد الفاتحة. وقيل: إنها بعد القراءة وقبل الركوع. وقيل: هي سكتتان غير الأولى، فتكون ثلاثا، والظاهر إنما هي اثنتان فقط، وأما الثالثة، فلطيفة جدا لأجل تراد النفس.


6-فإذا فرغ من الفاتحة، أخذ في سورة غيرها، ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبا.

إلى اللقاء إن شاء الله تعالى في الجزء الثاني
حول قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلاة

                                                         دعواتكم
                                                      د/أحمد عرفة