الأحد، 19 يوليو 2015

فتاوى خاصة بشهر شوال د/ أحمد عرفة

وصلني سؤال يقول:
ما حكم صيام الست أيام من شوال؟
الجواب:
من الأيام التي يستحب صومها صيام ستة أيام من شوال، ويشرع للمسلم صيام هذه الأيام، وذلك لما فيها من الفضل العظيم والأجر الكبير، ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"
وقد فسّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة في سننه بسند صحيح عن ثوبان ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
قال الإمام النووي رحمه الله:فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة، وقال مالك وأبو حنيفة يكره ذلك قال مالك في الموطأ ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها قالوا فيكره لئلا يظن وجوبه ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها.(شرح النووي على مسلم:جـ8صـ56).
والله أعلم.











وصلني سؤال يقول:
هل يشترط التتابع في صيام الستة أيام من شوال؟
الجواب:
صيام الستة أيام من شوال سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة، فإن صامها متتابعة أو متفرقة حصل الأجر إن شاء الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق صيامها ولم يذكر فيه تتابعاً ولا تفريقاً، وإنما قال صلى الله عليه وسلم: (من رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).
قال الإمام النووي رحمه الله: والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة؛ لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال.(شرح النووي على مسلم:جـ8صـ56).والله أعلم.





















وصلني سؤال يقول:
هل يجوز صيام الأيام الست من شوال قبل قضاء ما أفطره من رمضان؟
الجواب:
نعم يجوز صيام الأيام الست من شوال قبل قضاء الأيام التي أفطرها من رمضان بعذر كمرض وحيض ونفاس ونحو ذلك، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، قال النووي رحمه الله: ومذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير السلف والخلف أن قضاء رمضان في حق من أفطر بعذر كحيض وسفر يجب على التراخي، ودليلهم على ذلك أن قضاء رمضان ليس واجباً على الفور وإنما على التراخي، ولما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سلمة ، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها ، تقول : " كان يكون علي الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان " ، قال يحيى : الشغل من النبي أو بالنبي صلى الله عليه وسلم"، ولأن قضاء رمضان موسع فيه، وصوم مثل هذه الأيام ضيق، فلا يدرك إن فات.والله أعلم.

















وصلني سؤال يقول:
هل يجوز الجمع بين قضاء رمضان وصيام ست من شوال بنية واحدة؟
الجواب:
الجمع بين عبادتين بنية واحدة يجوز في النوافل، وذلك إذا كان في الوسائل أو مما يتداخل صح، وحصل المطلوب من العبادتين، كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة، فإن جنابته ترتفع ويحصل له ثواب غسل الجمعة، وإن كانت إحدى العبادتين غير مقصودة، والأخرى مقصودة بذاتها صح الجمع ولا يقدح ذلك في العبادة كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، فتحية المسجد غير مقصودة بذاتها، وإنما المقصود هو شغل المكان بالصلاة، وقد حصل.
 وأما الجمع بين عبادتين مقصودتين كصيام فرض أداءً أو قضاء كفارة كان أو نذراً، مع صيام مستحب كست من شوال فلا يصح التشريك، لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى مقصودة بذاتها لا تندرج تحت العبادة الأخرى.
فصيام شهر رمضان، ومثله قضاؤه مقصود لذاته، وصيام ست من شوال مقصود لذاته لأنهما معاً كصيام الدهر، فلا يصح التداخل والجمع بينهما بنية واحدة. والله أعلم.


د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية
عضو الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي

Ahmedarafa11@yahoo.com

وماذا بعد رمضان د/ أحمد عرفة

ماذا بعد رمضان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فإن من أعظم الدروس المستفادة من شهر رمضان تهذيب الأخلاق التي هي أصل عظيم دعا إليه الإسلام ، وشُرعت من أجله العبادات ، ونجد ذلك واضحاً جلياً في فريضة الصيام حيث قال صلى الله عليه وسلم:(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (رواه البخاري ومسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم:(فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل وإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم) (رواه البخاري ومسلم)
فما أحوج المسلمين للتمسك بأخلاق الصيام والمحافظة عليها بعد رمضان، فالإسلام جاء لتهذيب الأخلاق وإصلاحها وقد قال صلى الله عليه وسلم:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)(رواه البيهقي).
ومن الدروس المستفادة أيضاً من شهر رمضان تحقيق تقوى الله عز وجل التي هي المقصد الأعلى والغاية العظمى من فريضة الصيام قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة:183)، والتقوى هي وصية الله تعالى للأولين والآخرين قال تعالى:( وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ)(النساء:132)، والتقوى هي أن يجعل الإنسان بينه وبين ما يُغضب الله تعالى وقاية ، فما أحوج المسلمين إلى درس التقوى بعد رمضان والمواظبة عليه في كل وقت وكل في لحظة من لحظات الحياة في السر والعلانية بين الإنسان وبين نفسه، وبين الإنسان وغيره، أي أن يستوي سره وعلانيته .
ومن الدروس المستفادة أيضاً من شهر رمضان المداومة على الطاعات، فلقد حرص كثير من المسلمين على اغتنام هذا الشهر بالصيام والقيام وقراءة القرآن وذكر الله ، والإكثار من الصدقات والإنفاق في سبيل الله ، وغير ذلك من الطاعات التي داوم عليها في رمضان، فما أحوج المسلمين إلى المداومة على هذه الطاعات بعد رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في المداومة على العمل وإن كان قليلاً فقد جاء في البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ » . قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ لَزِمَتْهُ، فلنحافظ على الصلوات في أوقاتها بعد رمضان، ونكثر من صيام التطوع كصيام ست من شوال، وصيام يومي الاثنين والخميس، والثلاثة أيام البيض، وليكن لنا ورد يومي من القرآن الكريم يومياً ، ولنحرص على الصدقة أيضاً والإنفاق في سبيل الله بما تيسر فالنبي صلى الله عليه وسلم قال:(اتقوا النار ولو بشق تمرة) (رواه البخاري)، وليحرص أيضاً على قيام الليل ولو بركعتين فقيام الليل من أفضل الصلوات بعد صلاة الفريضة قال صلى الله عليه وسلم:(أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم)(رواه مسلم).
ثم في النهاية ليحذر المسلم بعد رمضان من الانغماس في الشهوات والمعاصي ولا يكون حاله كحال هذه المرأة التي ضربها الله تعالى مثلاً لنا في القرآن قال تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(سورة النحل:92) يبيّن لنا ربنا جل وعلا في هذه الآية الكريمة حال هذه المرأة التي ظلت تغزل طوال الليل فلما أصبحت نقضت هذا الغزل الذي تعبت فيه بعد عناء ومشقة بأن هذا خيبة وسفاهة، فليحذر المسلم بعد رمضان أن يكون حاله كهذه المرأة أن ينقض الطاعات والقربات التي قام بها في رمضان من صلاة وصيام وقراءة للقرآن وصدقة وغير ذلك من أعمال البر التي كان محافظاً عليها في رمضان بالذنوب والمعاصي والعودة إلى الحال التي كان عليها قبل رمضان، ولقد سُئل بعض السلف أيهما أفضل شعبان أم رمضان فقال: كن ربانياً ولا تكن ربانياً ، ولمَّا سُئِل بشر الحافي- رحمه الله- عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضانُ تركوا، قال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان!
فما أحوجنا إلى المداومة على الطاعات بعد رمضان ، فالمداومة على الطاعة من علامات القبول فمن علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها، فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا وأن يوفقنا للمداومة على العمل الصالح بعد رمضان اللهم آمين .
د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية
عضو الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي

Ahmedarafa11@yahoo.com

السبت، 18 يوليو 2015

المنهج النبوي في الدعوة إلى الله

الحكمة. والموعظة الحسنة
بقلم: نهلة متولى
المصدر: الأهرام المسائى
16-7-2015
More Sharing ServicesShare| Share on facebookShare on favoritesShare on googleShare on twitter
المنهج النبوي فى الدعوة إلى الله لابد وأن يتسم بالحكمة والموعظة الحسنة والمصداقية والواقعية والإحسان لمن أساءوا إلينا ولن يتحقق للدعوة أهدافها إلا إذا التزم دعاة العصر بنهج نبيهم وآمنوا وطبقوا ما يدعون الناس إليه وكان لديهم من التقوى والورع ما يجعلهم قدوة الناس ومثالهم الذي يحتذى به واختلطوا بالناس وتفاعلوا مع مشكلاتهم وبصروا الناس بالمنهج الحق لحل ما يواجههم فى حياتهم وفق منهج الله تعالى وشرعه.
وحول المنهاج النبوى فى الدعوة يقول الدكتور عبدالفتاح محمود إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر إنه لم يكن المنهج الذي اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم فى الدعوة إلى الله تعالى منهجا بشريا بل كان منهجا إلهيا أرشده إليه ربه، فقد أمره أن تكون دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة فقال سبحانه: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وأمره ربه أن يكون رفيقا بمن يدعوهم قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر) وأمره أن يجادلهم بالحسنى فقال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال له عند مخاطبة أهل الكتاب: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) كما أمر نبيه أن يحسن إلى من يدعوهم إلى الإسلام وإن أساءوا إليه فقال تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) وقال سبحانه: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ولذا فقد طبق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الهدي فى دعوته.
فعندما قسم الرسول صلي الله عليه وسلم غنائم هوازن جذبه أعرابي من جذبه جبذة أثر طرف الثوب بها فى عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أعطني يا محمد مما أعطاك الله فلم يزد عن أنه تبسم له وأمر أن يعطى من المال المغنوم تلك كانت شيمته صلى الله عليه وسلم فى دعوته إلى الله تعالى حتى فتحت بدعوته قلوب غلف وأشربت دعوته أفئدة هي كالحجارة أو أشد قسوة فصاروا من أتباع هذا الدين يدافعون وينافحون عنه ولن يصلح هذا الدين إلا بما صلح به أوله مؤكدا أن هذا هو المنهج النبوي الذي إذا ترسمناه فى الدعوة إلى الله تعالى كان الفلاح كله فى هذا السبيل ولم نجد فى حياتنا ما يشذ من خلق أو تصرف أو سلوك أو شطط فكري أو انحراف فى التوجه أو الفهم.
بينما يقول أحمد عرفة باحث دكتوراه بجامعة الأزهر إّنَّ الدعوة إلى الله تعالى هي سبيل الأنبياء والمرسلين ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين من العلماء الناصحين والدعاة الصادقين قال عزّ وجل مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وقال تعالى: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) ومن أجل ذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب للدعوة إليه سبحانه تذكيراً للغافل وتعليماً للجاهل ورداً للشارد عن منهج الله عز وجل ودعوةً له للرجوع إليه سبحانه كما قال تعالى: (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ.)، وقال تعالى: (وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ.)، وقال تعالى: (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى).
ويضيف ماأحوج الأمة الإسلامية الآن فى هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن إلى المنهج النبوي فى الدعوة إلى الله ليكون الداعي على بصيرة بما يدعو، فالدعوة إلى الله تعالى من أشرف الأعمال وأجلها قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (سورة فصلت: الآية: 33).
ويؤكد أن المتأمل فى منهج النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه قد اتخذ عدة أساليب منها: أولاً: مراعاة حال المدعوين: فمن منهج النبي صلى الله عليه وسلم مراعاته صلى الله عليه وسلم لحال المدعوين فالدعوة إلى الله كالدواء لابد من وضعه فى محله ولا يمكن وضعه فى المحل المناسب إلا بعد معرفة حال المريض وما يناسبه من الدواء فما يصلح لمريض قد لا يصلح لآخر.
ويطالب عرفة الدعاة إلى الله تعالى اليوم بالرحمة والرفق تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم سيد الدعاة فى دعوته، ومن الأمثلة على ذلك ما رواه الإمام مسلم فى صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم؟ تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني "أي انتهرني" ولا ضربني ولا شتمني قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "فما أحوج الدعاة اليوم إلى تعلم هذا الرفق واللين والرحمة فى الدعوة إلى الله كما كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم فى دعوته.
ويقول الشيخ إبراهيم محمود عبدالراضى إمام وخطيب بوزارة الأوقاف إن الدعوة بمعناها العام هي حث الغير على الخير فحض الناس على الخير دعوة سواء كان هذا الخير فى فعل أمر فيفعلوه أو فى ترك أمر فيجتنبوه وفى كل خير ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله له (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) فهو الداعي إلى الله بإذن من الله ولذلك لم تكن دعوته كأي دعوة بل كانت دعوته على بصيرة (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة).
ويؤكد أن البصيرة فى الدعوة هي المنهج فى الدعوة وبصيرته صلى الله عليه جعلت منهجه يتسم بالحكمة والمصداقية والواقعية والتيسير أما الحكمة فهي لا تعني اللين ولا تعني الشدة بل هي اللين فى موضعه والشدة فى موضعها وهي خير دلنا الله على خيريته بقوله (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) ولم يؤت رسول الله الحكمة فحسب بل وعلم الحكمة أمته (هوالذي بعث فى الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) وقال فى لينه فى موضع اللين (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وشدته فى موضع الشدة (وما كان رسول الله يغضب إلا حينما تنتهك محارم الله).
ويشير إلى أنه إن أردنا مثالاً على حكمته صلى الله عليه وسلم فلا أدل على ذلك من استقباله للشاب الذي أراد الرخصة فى الزني فأراد بعضهم نهره إلا أنه قربه إليه وقال: ادن، يعني اقترب وفى قوله هذا من الود ما فيه قال له، أترضاه لأمك؟ قال الشاب لا، قال كذلك الناس لايرضونه لأمهاتهم أترضاه لأختك؟ قال لا قال كذلك الناس لايرضونه لأخواتهم، أترضاه لعمتك لخالتك. فحرك النبي صلى الله عليه وسلم فيه فطرته وغيرته ونخوته ثم دعا له بحفظ القلب وتحصين الفرج، حكمة ما بعدها حكمة فى التعامل مع الشاب.

ويضيف إن المصداقية هي أن يفعل الداعية ما يقول (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) ورسول الله هو الصادق الأمين غفر الله له ومع ذلك يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ويقول (أفلا أكون عبدا شكورا؟!) يقول (إني لأتقاكم لله وأشدكم له خشية) وهكذا ينبغي على كل داعية أن يوافق قوله فعله وكيف لا تتسم دعوته بالمصداقية وهو ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، أما الواقعية فلا يليق أن يكون الداعية فى معزل عن الواقع حتى لا يجنح بالدعوة إلى غير المراد.

سعادة الأمة متي وكيف تتحقق؟

سعادة الأمة كيف ومتى تتحقق?
بقلم: نهلة متولى
المصدر: الأهرام المسائى
21-6-2015
More Sharing ServicesShare| Share on facebookShare on favoritesShare on googleShare on twitter
لم ولن تتحقق سعادة الامة الا بتقوي الله، وبقوة الايمان بالله والاقتداء بسيد الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في صدقة وأمانته وإخلاصه في العبادة والعمل والبعد عن الحقد والغل والحسد والغيبة والنميمة وغيرها من الصفات المرذولة المنتشرة حاليا والتي لايشعر أحد بالسعادة ما دامت موجودة.
وحول كيفية تحقيق سعادة الامة يقول الدكتور اسماعيل شاهين نائب رئيس جامعة الازهر السابق ان سعادة الامة الاسلامية تتحقق اذا طبق كل فرد مبادئ واخلاقيات الاسلام وهي ان يؤدي الانسان ما عليه من عباده وان يخلص لله سبحانه وتعالي في اقواله وأفعاله وان يبتعد عن الغيبة والنميمة، وان يكون مخلصا وصادقا في ادائه لعمله حيث يقول الله عز وجل "الا لله الدين الخالص" ويكفي ان التاجر الصدوق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء فالصدق هو عماد الحياة وهو وسيلة السعادة في الدنيا والآخرة.
ومن عوامل تحقيق السعادة ان يكون الانسان متعاونا مع زملائه واهله ووطنه حيث قال عز وجل "وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان" مؤكدا ان من عوامل السعادة ايضا ترك المنكرات واهمها الكذب والغيبة والنميمة والنفاق إلي آخر هذه الأمور السيئة التي تسود أوصاف الناس في الوقت الحالي لافتا الي انه من عوامل السعادة ايضا الدوام علي الاستغفار والتوبة الي الله من كل ذنب ومعصية حيث ان الاستغفار يفتح ابواب الرزق ويزيل الهم والغم والكرب والبلاء.
ويؤكد أن من عوامل السعادة ايضا ان يؤدي الانسان عمله بأمانة حيث يكون رزقه واسعا ومباركا وان يتقي ربه في معاملته لزوجته واولاده وان يكون محافظا علي وطنه وعلي ما اؤتمن عليه من امانات.
بينما يقول الشيخ احمد عرفة باحث دكتوراه بجامعة الازهر إن سعادة الامة الحقيقية تكون في التزامها بدينها الذي شرفها الله تعالي به وهو الإسلام وهو النعمة العظيمة التي رضيها لنا ربنا جل وعلا وهو الدين الذي لايقبل الله تعالي من العباد غيره قال تعالي: (إن الدين عند الله الاسلام) وقال تعالي: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين) وقال تعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) من اجل ذلك امرنا ربنا تبارك وتعالي بالدخول في الاسلام والالتزام به من جميع جوانبه قال تعالي: (ياأيها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين).
ويوضح عرفة إنه لكي تتحقق السعادة للأمة لابد من الالتزام بالاسلام في جانب العقائد والعبادات والمعاملات والاخلاق، فلا صلاح ولا سعادة للأمة إلا من خلال شرع الله تعالي قولا وعملا وفهما وحينما نتأمل كتاب الله عز وجل نجد ان لفظ السعادة لن يذكر إلا مقترنا باصحاب الجنة في موضع واحد في القرأن الكريم وهو قوله تعالي: (وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السماوات والارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ مشيرا الي انه توجد اسباب عديدة لتحقيق هذه السعادة علي مستوي الفرد والمجتمع يسعد بها الانسان في الدنيا والآخرة منها: الايمان بالله تعالي والتزام الاخلاق الفاضلةالتي دعا اليها الاسلام قولا وعملا وفهما: قال تعالي: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون).
ويؤكد انه بالاخلاق الفاصلة تكون السعادة للأمة فالنبي صلي الله عليه وسلم كان احسن خلقا وجاء صلوات الله وسلامه عليه لتهذيب الاخلاق وتربية الأمة عليها قال صلي الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) وصلاح الاخلاق هواساس صلاح الافراد والمجتمعات، فالازمة الحقيقية التي تعاني منها الامم والشعوب في هذه الايام هي ازمة اخلاقية، فالسعادة الحقيقية لاتكون إلا بالتزام شرع الله تعالي في العقائد والعبادات والمعاملات والاخلاق.
ويضيف ان من وسائل تحقيق السعادة للأمة ايضا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال تعالي: (كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) يقول الامام الغزالي رحمه الله: (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الاعظم في الدين وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين اجمعين ولو طوي بساطه واهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشري الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد وقد كان الذي خفنا ان يكون فانا لله وإنا اليه راجعون) واخرج الامام مسلم في صحيحه عن ابي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "من راي منكم منكرا ليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان" فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر من اعظم الوسائل التي بها تحقق السعادة للفرد والمجتمع من خلال التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر قال تعالي: (والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). فما أحوجنا جميعا إلي أن نتقي الله تعالي في انفسنا وأهلنا واعمالنا فبالتقوي تكون السعادة الحقيقية للفرد والمجتمع في الدنيا وفي الآخرة.
ويقول الشيخ ابراهيم محمود عبدالراضي امام وخطيب بوزارة الاوقاف نحمد الله ان جعلنا من أمة محمد لكن خيرتها مقرونة بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر قال (كنت خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) فالايمان بالله والعمل علي زيادته والتناصح هو خير سبيل للحفاظ علي خيرية هذه الأمة حرصها علي زيادة الايمان والتناصح بالخير والعمل والسعي من اجل التغيير وبعث الهمة نحو مستقبل الأمة (إن الله يايغير ما يقوم حتي يغيروا ما بانفسهم) واني يتحقق التغير وكلنا يلقي باللوم علي غيره متجاهلا نفسه وغوائل نفسه وشرور نفسه.

ويوضح ان الوصول للتغيير انما يكون بان يعلم كل انسان من الامة انه نواة الأمن وبصلاحه تصلح الأمة وبفساده تفسد وبذلك نحقق (ابدا بنفسك) إذن فسعادة الأمة في استزداة الايمان تعقبها تناصح بالخير يعقبه سعي للتغيير والعمل يكون بان يبدأ كل من بنفسه ونستعين في ذلك كله بالله وبذكر الله (ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) وبمفهوم المخالفة السعادة لمن عاش حياته ذكرا لله ورضا بالله فالرضا هو مستراح العابدين وجنة الدنيا وسعادة المؤمن فالايمان بالله والعمل علي زيادته والتناصح هو خير سبيل للحفاظ علي خيرية هذه الامة وحرصها علي زيادة الايمان والتناصح بالخير والعمل والسعي من اجل التغيير وبعث الهمة نحو مستقبل الامة.

مشاركتي في تحقيق بجريدة الأهرام المسائي حول المنهج النبوي في الدعوة إلى الله

مشاركتي في تحقيق بجريدة الأهرام المسائي حول سعادة الأمة متى وكيف تتحق ؟

الثلاثاء، 14 يوليو 2015

حكم الختان في شريعة الإسلام د/ أحمد عرفة

وصلني سؤال يقول:
ما حكم الختان في شريعة الإسلام؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
أولاً: الختان مشروع:
الختان مشروع وهو من شعائر الإسلام وسنن الفطرة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد عٌرف الختان منذ عهد خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح  عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين ، اختتن بالقدوم)، وفي ذلك يقول الإمام الحافظ ابن عساكر رحمه الله: (( إن الله سبحانه كرم بني آدم على سائر الحيوان، واختار لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الأديان، وأمرهم بإتباع ملة أبيهم إبراهيم عليه السلام، فكان من أمره ما جاء به من الاختتان مخالفة لمن عاصره من القلفان (غير المختونين)، وتمييزاً عما عدا الصلبان، فما تفضل الله به على هذه الأمة من الامتنان وفقهم له عن الأخذ به في الطهور والاختتان)).( تبيين الامتنان بالأمر بالاختتان صـ28).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:(( الختان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن، فجعله إمامًا للناس، فقد ورد في الصحيحين أنه أول من اختتن وهو ابن ثمانين سنة واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن والنصارى تقر بذلك ولا تجحده )). ( تحفة المودود بأحكام المولودصـ158).
ثانياً: أدلة مشروعية الختان من السنة النبوية:
دلت السنة النبوية المطهرة على مشروعية الختان في حق الرجال والنساء في أحاديث كثيرة منها:
1-ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (( خمس من الفطرة، الاختتان، الاستحداد، قص الشارب، تقليم الأظافر، نتف الإبط )).
قال الإمام البغوي رحمه الله: وهذه الخصال كلها سنة إلا الختان فقد اختلف أهل العلم به في وجوه فقال كثيرٌ منهم: أنه واجب، وكان ابن عباس يشدد في ذلك، فيقول الأقلف لا تجوز شهادته ولا تؤكل ذبيحته ولا تقبل صلاته، وقال الحسن في الختان: هو للرجال سنة وللنساء طهرة، وسئل زيد أسلم عن خفض الجارية إلى متى يؤخر؟ قال: إلى ثماني سنين.(شرح السنة:جـ6صـ122).
2-بوب الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الغسل (باب إذا التقى الختانان)- ثم أخرج حديث أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –(( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)).
 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله:(باب إذا التقى الختانان)، المراد بهذه التثنية ختان الرجل والمرأة، والختن قطع جلدة كمرته وخفاض المرأة والخفض قطع جلدة في أعلى فرجها تشبه عرف الديك بينها وبين الذكر جلدة رقيقة.(فتح الباري:جـ1صـ395).
3- عن الضحاك بن قيس قال: كانت بالمدينة امرأة تخفض النساء ، يقال لها أم عطية ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اخفضي ، ولا تنهكي ، فإنه أنضر للوجه ، وأحظى عند الزوج "(أخرجه الحاكم والبيهقي والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (236).
4- أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل"
5- عن عائشة رضي الله عنها، قالت : " إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل ، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا "(رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي حديث رقم (108).
6- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قعد بين الشعب الأربع ، ثم ألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل "(رواه أحمد في مسنده وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (736).
في هذه الأحاديث السابقة وغيرها دلالة واضحة على أنه مشروع ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا إلى استيعاب وفهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن الحاج المالكي في المدخل : والسنة في ختان الذكر إظهاره وفي ختان النساء إخفاؤه ، واختلف في حقهن هل يخفضن مطلقاً أو يفرق بين أهل المشرق وأهل المغرب ، فأهل المشرق يؤمرن به لوجود الفضلة عندهن من أصل الخلقة وأهل المغرب لا يؤمرن به لعدمها عندهن .(عون المعبود:جـ9صـ2557).
ثالثاً: حكم الختان في المذاهب الفقهية:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه:
اتفق الفقهاء على أن إزالة القلفة من الأقلف (غير المختون) من سنن الفطرة ، لتضافر الأحاديث على ذلك ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الإبط .
 وذهب الشافعية وأحمد بن حنبل إلى أن الختان فرض، وهو قول ابن عباس وعلي بن أبي طالب والشعبي وربيعة الرأي والأوزاعي ويحيى بن سعيد وغيرهم ، وعلى هذا فإن الأقلف تارك فرض ، ومنهم من ذهب إلى أنه سنة كأبي حنيفة والمالكية ، وهو قول الحسن البصري.(الموسوعة الفقهية الكويتية:جـ6صـ88 وما بعدها).
بالتأمل في أقوال الفقهاء نجد أن منهم من قال: بأن الختان فرض في حق الرجال والنساء، ومنهم من قال: بأن الختان واجب في حق الرجال وسنة في حق النساء، ومنهم من قال: بأنه سنة في حق الرجال والنساء، ولم يقل أحد من الفقهاء بأن الختان ليس من الإسلام أو أن الختان حرام كما نرى ونسمع ونشاهد هذه الأيام سواء كان ذلك في حق الرجال أو النساء فانتبه أخي المسلم بارك الله فيك.
رابعاً: من فتاوى علماء الأمة في الختان:
سُئل شيخ الإسلام بن تيمية في هل تختن المرأة أم لا؟
فأجاب رحمه الله، نعم: تختن وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للخافضة وهي الخاتنة ((اشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج )) يعني لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المختلفة في القفلة ، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت قلفاء كانت شديدة الشهوة، ولهذا يقال في المشاتمة: يا ابن القلفاء، فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر، ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين.(مجموع الفتاوى جـ22صـ114).
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: - أن حكم الختان يعم الذكور والإناث- فقال: وقوله:(إذا التقى الختانان وجب الغسل)، قال أحمد: وفي هذا أن النساء كن يختتن، وسئل عن الرجل تدخل عليه امرأته فلم يجدها مختونة، أيجب عليها الختان؟ قال : الختان سنة، ولا خلاف في ذلك روايتان أحدهما يجب على الرجال والنساء معاً، والحكمة من الختان تعم الذكور والإناث، وإن كان في الذكر أبين. (تحفة الودود بأحكام المولودصـ192).
وذكر فضيلة الشيخ/ جاد الحق على جاد الحق رحمه الله شيخ الأزهر السابق في رسالته عن الختان ما نصه: (( وخلاصة أقوال الفقهاء أنهم اتفقوا على أن الختان في حق الرجال والخفاض في حق الإناث مشروع والتوجيه النبوي بالختان لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة، فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مخرج البول لضبط الاشتهاء مع الإبقاء على لذات النساء واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله، وبذلك يتحقق الاعتدال فلم يعدم مصدر الاستمتاع والاستجابة ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الاستهتار وعدم القدرة على التحكم في نفسها عند الإثارة، ثم نقل رحمه الله عن فقه الأحناف (( أنه لو اجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه )).
كانت هذه كلمات مختصرة حول مشروعية الختان في حق الرجال والنساء وبيان أدلة ذلك وأقوال الفقهاء في حكمه وفتاوى بعض العلماء في حكمه ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين.

د/أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية

عضو الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي