الأربعاء، 24 يوليو 2024

#للباحثين_وطلاب_الدراسات_العليا_ دعائم البحث الناجح

#للباحثين_وطلاب_الدراسات_العليا_
دعائم البحث الناجح
من الكتب المهمة في كتابة البحث العلمي ما كتبه الأستاذ الدكتور: عبد الحميد محمود متولي حول منهجية العلمي في كتابه الذي عنون له بـ:"أضواء على كتابة البحث أو الرسالة"، والكتاب يقع في 55 صفحة من القطع الكبير، والطبعة خاصة بالمؤلف، حيث صدرت الطبعة الأولى منه في سنة 1421هـ- 2000م، وقد قال المؤلف في مقدمته: "ففي هذه الصفحات المعدودات، وصايا نافعة بمشيئة الله تعالى لكيفية الإمساك بالقلم، لكتابة البحث العلمي أو الرسالة، وكيفية الاستعانة بالمراجع وأهمها، وكيفية التقسيم وغير ذلك...".
وقد تناول في هذا الكتاب منهجية البحث العلمي وطريقة كتابته بإيجاز، وقد جاء الكتاب في سبعة عشر فصلاً، تناول فيها اختيار الموضوع وجمع المادة، ودعائم البحث الناجح، وتبويب البحث من حيث الشكلية، ومرحلة الكتابة بعد جمع المادة، والقواعد والأسلوب والفقرات، والاقتباس، وعلامات الترقيم، وتنسيق الرسالة والبحث من حيث الخطوط والشكل النهائي، وخواطر حول المراجع والإفادة منها، والدفاع عن الرسالة والمناقشة.
وكان من أهم ما جاء في هذا الكتاب مع صغر حجمه وعظيم فائدته ما ذكره المؤلف في الفصل الثاني من هذا الكتاب تحت عنوان: "دعائم البحث الناجح" فآثرت أن أنقلها لكم هنا حيث يستفيد منها طلاب الدراسات العليا في إعداد بحوثهم ورسائلهم، حيث ذكر المؤلف عدة دعائم للبحث الناجح وهي كما يلي:
1-القراءة الواسعة، فيجب أن يقرأ بنهم وعمق، وأن يلم بكل ما كتب عن موضوعه، فالطالب يحدد نتائجه بناء على قراءته، ومما لا شك فيه أن المقدرة على القراءة وعلى هضم الأفكار المكتوبة والانتفاع بها فن لا يعرفه إلا القليلون، ومن المجهود الضائع أن يبذل الطالب وقته وحماسته في قراءة غير نقدية وغير مركزة.
ومما لا شك أن موقف الطالب سيكون حرجاً لو واجهه الممتحنون بمعلومات لم يحصل عليها، ومن شأنها أن تحدث تغييراً فيما وصل إليه من نتائج أو واجهوه بنتائج أروع من نتائجه توصل إليها سواه.
2-الدقة التامة في فهم آراء الغير والتعبير عنها، والأمانة في النقل، فكثيراً ما يقع الطالب في أخطاء جسيمة بسبب سوء الفهم أو الخطأ في النقل أو الترجمة.
3-ألا يأخذ آراء الغير على أنها حقيقة مسلم بها، فلربما بعض الآراء بني على أساس غير سليم، فليدرس الطالب آراء غيره ودعائمها فيقر منها ما يتضح صحته ويرد ما لم يكن قوي الدعائم فجمع المادة وترتيبها شيء، وتفسيرها وإبراز أهميتها شيء آخر.
وعلى سبيل المثال، نرى أن المراجع الأساسية للدين الإسلامي وقوانينه واحدة، ولكن شخصية المجتهدين من العلماء أدت إلى اختلافهم في فهم النصوص القرآنية والأحاديث، فظهرت المذاهب المختلفة نتيجة لاختلاف الفهم.
والدراسة والبحث والتمحيص تربي عند الباحث ملكة التبصر فيما يصادفه من أمور.
4-ومن علامات البحث الناجح كذلك أن ينتج تصنيفاً جديداً يسير بالعلم خطوة أخرى وليسهم في النهضات العلمية بنصيب، والابتكار ليس هو الكشف الجديد وحسب، ولكن ترتيب المادة المعروفة ترتيباً جديداً مفيداً والاهتداء إلى أسباب جديدة لحقائق قديمة، أو تكوين موضوع منظم من مادة متناثرة أو نحو ذلك.
5-ومهمة الباحث أن يجذب ذهن القارئ بما جمع من مادة مفيدة مرتبة سهلة العبارة واضحة بعيدة عن التعقيد والتكرار الممل، فخير الكلام ما قل ودل، هذه المادة كذلك مزودة بأدلة عقلانية كتبت جميعاً بأسلوب طلي، وصيغت في قالب جميل فيه إغراء وقوة وتأثير.
والطالب في ذلك كالقائد الذي يقصد اقتحام معركة ما فعليه أن يعد جنده إعداداً تاماً، ثم عليه أن يبرع في إدارة المعركة وأن يواصل همته حتى يصل إلى هدفه.
كانت هذه هي أهم دعائم البحث الناجح كما ذكرها المؤلف في هذا الكتاب، والتي أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بها، وأن يوفقنا جميعاً لخدمة العلم وأهله وطلابه إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
كتبه
د/ أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية
جامعة الأزهر الشريف

الخميس، 7 ديسمبر 2023

ضوابط وأخلاقيات العمل التجاري الإسلامي، د/ أحمد عرفة

ضوابط وأخلاقيات العمل التجاري الإسلامي

إنَّ النَّاظرَ والمُتَأَمِّلَ في ديننا الإسلامي الحَنيفِ، يَجِدُهُ قد حَثَّ على العمل، ودعا إليه بشتى صوره وأشكاله، ونَهَى عن الخُمُول والكَسَلِ، وقد جاء ذلك واضحًا جليًّا في مَواضعَ كثيرةٍ من القرآن الكريم؛ منها قول الله – تعالى-: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ([1])، وقال –سبحانه-: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ([2])، وقال -عزَّ وجلَّ-: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ([3]).

كذلك دعا الإسلامُ إلى العمل المُثمِر وحثَّ عليه، وبَارَكَ الجُهدَ المبذولَ، وحذَّرَ من البّطَالة والتسول، ومنع الاستجداء ممن كان قادرًا على العمل، وقد مدح الله العامل بقوله: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ([4]).

هذا وقد جاءت السُّنَّة المُطهَّرة وحثَّت على العمل وإتقانه، وبيَّنت أنَّ أفضلَ الأعمال أنْ يأكلَ الرجلُ من عَمَلِ يده، وأنَّ الأنبياء -عليهم السلام كانوا يأكلون من عمل أيديهم، ومن ذلك قوله r: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»([5]).

فأطيب المكاسب ما كان بعمل اليد، وإنْ كان زراعة فهو أطيب المكاسب لِمَا يشتمل عليه من كونه عَمَلَ اليدِّ، ولِمَا فيه من التَّوكُّلِ، ولِمَا فيه من النَّفْعِ العام للآدمي والدواب([6]).

وفي هذا الحديث فوائدُ كثيرةٌ؛ منها: "إيصال النفع لآخذ الأجرة إن كان العمل لغيره، وإيصال النفع إلى الناس بتهيئة أسبابهم من نحو: (زرع، وغرس، وخياطة) وغير ذلك، ومنها: أن يشتغل الكاسِبُ به فَيَسْلَمَ عن البطالة واللهو، ومنها: كَسْرُ النفس به، فَيَقِلُّ طُغيانُها ومَرَحُها، ومنها: التَّعَففُ عن ذلِّ السؤال والاحتياج إلى الغير، وشرط المُكتسِب أن لا يعتقد الرزقَ من الكَسْبِ بل من الرزاق ذي القوة"([7]).

ولو تأملنا سيرة الأنبياء لوجدناهم يأكلون من عمل أيدهم، ومن ذلك نبينا -r؛ حيث كان راعي غنم وكان يقول: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ»، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ»([8]).

 وكان آدم -عليه السلام- حرَّاثًا، ونوح نجَّارًا، وإدريس خيَّاطًا، وإبراهيم ولوط كانا يعملان في الزراعة، وصالح تاجراً، وداود حدَّادًا، وهكذا كان صحابة رسول الله -رضي الله عنهم- فقد كان عبد الرحمن بن عوف تاجرًا، والزبير بن العوام خيَّاطًا، وسعد بن أبى وقاص نَبَّالًا، أي: يصنع النبال، وعمرو بن العاص جزارًا، وكان لابن مسعود وأبي هريرة مزارع يزرعونها، وكان عمار بن ياسر يصنع المكاتل ويضفر الخوص، ولما سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أِيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ, أَوْ أَفْضَلُ؟, قَالَ: "عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ"([9]).

وكما أمرنا دينُنَا بالعمل، وحثَّنا عليه، كذلك حذَّرنا من التسول ونهانا عنه، بل لم يقتصر الأمر على ذلك، بل حاربه بشتى أشكاله وصوره التي نراها اليوم في كثير من المجتمعات، حتى صار التسول مهنة عند الكثيرين، فربَّما تجد الكثير من هؤلاء يستطيع العمل، ولكنَّه استسهل هذا الأمر، وجعله حرفته ومهنته وشغله وعمله اليومي، وقد حذَّر النبي r من هذا الفعل، ونهى عنه، وحاربه، ودعا أتباعه للعمل، ومن ذلك قوله r: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا، فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ»([10]).

كذلك نهى عن المسألة وبيّن أنَّها مذلة في الدنيا، وعقوبتها وخيمة في الآخرة وذلك في قوله: «لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»([11]).

وعلَّمنا النبيُّ r كيف نتعامل مع هؤلاء المتسولين القادرين على العمل والكسب؛ فقد روى البخاري عن أنس: "أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: «أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟» قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، قَالَ: «ائْتِنِي بِهِمَا»، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟» قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا»، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ،»، فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا»، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَـــــذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِــــيءَ الْمَسْـــــأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِــــكَ يَوْمَ الْقِيَـــــــامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ"([12]).

              والفقر المدقع: هو الفقر الشديد، ومعناه: الفقر الذي يفضي به إلى التراب لا يكون عنده ما يقيه من التراب، والغُرم المفظع: هو الدَّيْنُ الشديد، والغُرم المفظع هو أن تلزمه الدُّيون الفظيعة القادحة حتى تتفرع به، فتحل له الصدقة، فيعطى من سهم الغارمين، والدَّمُ الموجع: هو أن يتحمل حمالة في حقن الدماء، وإصلاح ذات البين، حتى يؤديها، فإنْ لم يؤدها قُتل فيوجعه قتله([13]).

ففي هذا الحديث صورةٌ عمليةٌ تطبيقية لكيفية محاربة التَّسولِ والبطالةِ والدعوةِ للعمل، فما أحوجنا إلى أنْ نأخذَ هذا الدرس العملي من نبينا -r- ونطبقه في واقعنا على هؤلاء المُتسولين، وألا نعطي لهم الفرصةَ كي يجعلوها مِهْنَةً، وأنْ نَحُضَّهُم على العمل، ونَدعُوَهُم إليه، وأنْ نُوفِّرَ لهم فُرصَ عَمَلٍ تجعلهم يأكلون من كَسْبِ أيديهم وعرق جبينهم، ويَكْفُون بها أنفسهم عن ذُلِّ السؤال في الدنيا، وعقوبته في الآخرة، وليعلموا أنَّ عَمَلَ الرجلِ بيده شرفٌ عظيمٌ قام به خيرُ الخَلْقِ، وهم الأنبياء -عليهم السلام-، وهكذا كان الصحابة، وسلف الأمة -رضي الله عنهم-.

وللعمل أخلاقيات وسلوكيات وآداب دعا إليها الإسلام، منها:

 1- الرقابة الذاتية على نفسه وعمله، ينبع ذلك من إيمانه، ومن مخافته من الله، واستشعاره تقوى الله، ورهبته، وأنَّ الله مطَّلِع عليه مراقب له، يعلم سره ونجواه وخفايا نفسه، يحاسبه على عمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، وأن يحرص على الكسب الحلال في جميع الأعمال التي يقوم بها؛ ولذلك لمَّا سُئل النبي r أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ قَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ»([14]). 

وقد نهى الإسلام عن أكل الحرام، والعمل الحرام، والكسب الحرام، فحرَّم الربا، والقمار، والسرقة، والغش، والاحتكار، والاستغلال، والخداع في البيع.

2- ألا يُجهد الإنسان نفسه في العمل أو دابته أو آلته، ومن ذلك ما أسسه النبي r بقوله: «إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِبَدَنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»([15])؛ فلا يرهق نفسه بزيادة العمل، ولا بزيادة الحمل، كما لا يرهق الحيوان أو الآلة.

3- ألا يعمل في محرم، وما فيه معصية لله – تعالى-، كبيع الخمور والمسكرات، والتجارة في المحرمات من الربا، وسائر المعاملات المنهي عنها؛ لأنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والطاعة لا تكون إلا في المعروف، وهو ما أحلَّه الله -عزَّ وجلَّ- ورسوله r.

4- أن العامل يكون قويًّا أمينًا؛ لأنَّ العامل إمَّا أن يكون أجيرًا عند الدولة، أو عند عامة الناس، وهذا المعنى هو ما صوره القرآن الكريم حكاية عن نبي الله موسى عليه السلام مع نبي الله شعيب عليه السلام حينما اختاره عاملًا، فيقول القرآن حكاية عن هذا ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾([16]).

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبى ذر قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا»([17]).

5- أن تكون لدى العامل الخبرة الكافية فيما يقوم به من أعمال، فلا يكفى أن يكون العامل أمينًا قويًّا خلوقًا تقيًّا؛ إذ لابُدَّ أن يكون عارفًا بعمله، مدركًا له، وقد كان عمر يستعمل قومًا، ويدع أفضل منهم؛ لبصرهم في العمل، وعدم الخبرة يؤدي إلى فساد العمل وضياعه، ويؤدى إلى ضعف الإنتاج، أو سوء الإدارة، أو إتلاف الآلات، ويستتبع ذلك هدر الأموال وإضاعتها.

6- ومن أخلاقيات العمل الأمانة، والأمانة من الأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، فينبغي للعامل أن يتحلى بها؛ لأنَّها من الدّين، ومن ثقلها عرضها الله على السماوات، والأرض، والجبال فأبيين أن يحملنها، وحملها الإنسان، ومن الأمانة أن يحرص على وقت العمل، واستثماره فيما يعود عليه بالنفع، وأن يبتعد عن الغشِّ بكافة صوره وأشكاله، وألا يستغل موقعه لمصلحة شخصية له أو لأحد أقاربه.

والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل

كتبه:

د/ أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية - جامعة الأزهر الشريف.

 

نُشرت هذه الدراسة بمجلة المبادر العربي، منصة جدير، العدد الأول، أكتوبر 2020م.

 

الهوامش:



([1]) سورة التوبة: الآية: 105.

([2]) سورة الملك: الآية: 15.

([3]) سورة الجمعة: الآية: 10.

([4]) سورة النحل: الآية: 76.

([5]) صحيح البخاري- كتاب البيوع- باب كسب الرجل وعمله بيده – حديث رقم (2110) 1/387.

([6]) فتح الباري 4/304.

([7]) فيض القدير: 5/ 543.

([8]) صحيح البخاري- كتاب الإجارة- باب رعي الغنم على قراريط – حديث رقم (2306) 1/ 418.

([9]) السنن الكبرى للبيهقي- كتاب البيوع- باب إباحة التجارة – حديث رقم (10701) 5/263، وقال الألباني: صحيح لغيره. ينظر: صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم (1688).

([10]) صحيح البخاري- كتاب الزكاة- باب الاستعفاف عن المسألة – حديث رقم (1493) 1/279.

([11]) صحيح البخاري- كتاب الزكاة- باب من سأل الناس تكثرا – حديث رقم (1497) 1/279، صحيح مسلم- كتاب الزكاة- باب كراهة المسألة للناس– حديث رقم (2445) 1/408.

([12]) سنن أبي داود- كتاب الزكاة- باب ما تجوز فيه المسألة – حديث رقم (1643) 1/282، وقال الألباني: صحيح لغيره. ينظر: صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم (834).

([13]) شرح سنن أبي داود: للعيني 6/387.

([14]) مسند أحمد بن حنبل- مسند الشاميين- حديث رافع بن خديج- حديث رقم (17265) 28/502، وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (1033).

([15]) صحيح البخاري- كتاب الصوم- باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع - حديث رقم (2005) 1/368.

([16]) سورة القصص: الآية: 26. 

([17]) صحيح مسلم- كتاب الإمارة- باب كراهة الإمارة بغير ضرورة – حديث رقم (4823) 2/804.

دور القيم الأخلاقية في مواجهة الأزمات الاقتصادية وتحقيق التنمية، د/ أحمد عرفة

 



دور القيم الأخلاقية في مواجهة الأزمات الاقتصادية وتحقيق التنمية

لقد جاءت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من أجل إصلاح الأخلاق وتهذيب النفوس؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ"(أخرجه البيهقي)، ولذلك أولت الشريعة الإسلامية القيم والأخلاق عناية كبيرة، وبينت أنها سبب في إصلاح الأفراد والمجتمعات والدول.

وعندما نتأمل في واقعنا الاقتصادي، وما تمر به كثير من الدول من مشكلات وأزمات اقتصادية، نجد أن من أهم أسباب تلك المشكلات والأزمات هو غياب دور القيم والأخلاق الإسلامية؛ حيث انتشر الاحتكار، والغش، والتدليس، وخيانة الأمانة، والكذب، ورفع الأسعار بصورة مبالغ فيها مما يؤدي إلى الإضرار بالمستهلكين الذين ربما لا يجد أحدهم قوت يومه إلا بصعوبة بالغة، وإذ بالبائع يحتكر السلع ويمنعها من الأسواق، حتى إذا غلا سعرها وارتفع طرحها للناس مرة أخرى، وهذه الأمور وغيرها، من البيوع التي نهت عنها الشريعة الإسلامية وحذرت منها.

ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم قد بيَّن لنا دور الأخلاق والقيم الإسلامية الفاضلة في علاج الأزمات الاقتصادية، حيث حث التجار على الصدق والأمانة في البيع والشراء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا". وفي هذا الحديث بيَّن صلى الله عليه وسلم أن بيان السلعة وما بها من عيوب، والصدق في ذلك كله وبيانه للمشتري، سبب في البركة في المال والكسب، وأن الغش والكذب والتدليس كما نرى اليوم = وللأسف الشديد= من كثير من التجار في الأسواق، سبب في محق البركة من الكسب، فالصدق قيمة أخلاقية نحتاجها في مواجهة الأزمات والمشكلات الاقتصادية.

كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغش والكذب في كل المعاملات وخاصة المالية منها؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَشَّنا، فَلَيسَ مِنّا، والمّكْرُ والخّديعةُ في النَّارِ" (أخرجه ابن حبان)، وفي صحيح مسلم أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرَّ في السوق على صُبْرَةِ طعامٍ، فأَدْخَلَ يده فيها، فنالتْ أَصابعه بَلَلاً، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟»، قال: يا رسول الله أَصابته السماء، قال: «أَفلا جعلتَه فوقَ الطعام حتى يراهُ الناسُ؟!»، وقال: «مَن غَشَّنا فليس منا».

وعندما ننظر إلى معظم الأسواق اليوم نجد انتشار الاحتكار، وهو: "حبس كل ما يضر بالناس ومنعه عنهم؛ لانتظار بيعه في زمن الغلاء"، سواء كان هذا من الغذاء أو الدواء للإنسان والحيوان وغير ذلك مما يتضرر الناس بحبسه ومنعه عنهم، وهذا الاحتكار سبب من أسباب الأزمات والمشاكل الاقتصادية التي نراها كل يوم، ومن يفعل هذا فهو مذنب آثم، واقع في نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتكار الوارد في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» (أخرجه مسلم).

كما أن من صور القيم الأخلاقية في مواجهة الأزمات الاقتصادية تحريم الإسلام لأكل أموال الناس بالباطل، حيث قال سبحانه:: "وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة: 188)، وقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" (النساء: 29).

وقد سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ أَوْ أَفْضَلُ قَالَ:« عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» (أخرجه أحمد)، والبيع المبرور: هو الذي لا غش فيه ولا خيانة، وجعلت الشريعة الإسلامية الرضا مبدأ أساسي من مبادئ العقود حيث قال صلى الله عليه وسلم: « إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» (أخرجه ابن ماجه).

وبالتأمل في الشريعة الإسلامية نجد أن هناك العديد من الحلول لتفعيل الدور الأخلاقي لمواجهة الأزمات الاقتصادية، ومن ذلك مدح التاجر الصدوق الأمين، وبيان منزلته؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: « التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ» (أخرجه الترمذي)، "أي: من تحرى الصدق والأمانة كان في زمرة الأبرار من النبيين والصديقين، ومن توخى خلافهما، كان في قرن الفجار من الفسقة، والعاصين" (تحفة الأحوذي: 4/ 335)،  وعن رفاعة بن رافع - رضي الله عنه - قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المصلى، فرأى الناس يَتبايَعُونَ، فقال:«يا مَعْشرَ التُّجَّار»، فاستجابوا، ورفَعُوا أعناقَهم وأبصارهم إليه، فقال: «إنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يوم القيامة فُجَّارًا إلا مَنِ اتَّقَى الله، وبَرَّ وصَدَقَ» (أخرجه الترمذي).

ومن ذلك أيضًا الحث على السماحة والتيسير في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» (أخرجه البخاري).

قال الإمام ابن بطال –رحمه الله-: "فيه: "الحضُ على السماحة وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة، والرقة في البيع، وذلك سبب في وجود البركة فيه؛ لأن النبي عليه الصلاة السلام لا يحض أمته إلا على ما فيه النفع لهم في الدنيا والآخرة، فأما فضل ذلك في الآخرة فقد دعا عليه السلام بالرحمة لمن فعل ذلك، فمن أحب أن تناله بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فليقتد بهذا الحديث ويعمل به. وفى قوله عليه الصلاة السلام: (وَإِذَا اقْتَضَى) حض على ترك التضييق على الناس عند طلب الحقوق وأخذ العفو منهم"(شرح صحيح البخاري: 6/ 211).

كذلك أيضًا على الدولة دور كبير في مواجهة الأزمات الاقتصادية والحد منها عن طريق حماية المستهلك من جشع التجار المحتكرين، وذلك عن طريق اتخاذ التدابير اللازمة للحد من الاحتكار، ومنها: جبر المحتكر على البيع بالسعر المناسب الذي ليس فيه ظلم ولا إجحاف بالبائع أو المشتري، فإن لم يستجب لذلك سَعَّر عليهم المنتجات لحماية المستهلك وضبط الأسواق.

كما أن على الفقهاء بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات المالية للناس، وربطها بالجانب الأخلاقي، وأن لها دوراً كبيراً في حل المشاكل والأزمات الاقتصادية، وقد بيَّن ذلك سلفنا الصالح رضوان الله عليهم؛ حيث قال عمر رضي الله عنه: "لا يبيعُ في سوقِنا هذا إلَّا مَن تفقَّهَ في الدِّينِ"، وفي إشارة إلى أهمية إلمام التاجر بفقه المعاملات المالية وآداب الأسواق، حتى لا يقع في محرم أو شيء نهت عن الشريعة الإسلامية، و"لا ينبغي للرجل أن يشتغل بالتجارة ما لم يعلم أحكام البيع والشراء؛ ما يجوز وما لا يجوز... وكان التجار في القديم إذا سافروا استصحبوا معهم فقيهًا يرجعون إليه في أمورهم، وعن أئمة خوارزم أنه: لا بد للتاجر من فقيه صديق"(التراتيب الإدارية: 2/18).

وكذلك على الدعاة أيضًا دور كبير في إبراز الجانب الأخلاقي وأثره في المعاملات المالية، والحد من المشكلات والأزمات الاقتصادية من خلال الخطب والدروس اليومية في المساجد، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، وسائر المنصات والمنتديات التي يمكن من خلالها توعية التجار بالدور الأخلاقي وأثره في مواجهة المشاكل والأزمات الاقتصادية.

فإذا كنا نريد التقدم الحقيقي والخروج من الأزمات الاقتصادية وغيرها علينا أن نعمل جميعًا على إحياء الدور الأخلاقي والقيم النبيلة التي أرشدنا إليها ديننا الإسلامي الحنيف، فلا نجاة ولا خروج مما نعانيه من أزمات إلا من خلال الالتزام بهذه الأخلاق الإسلامية الفاضلة.

والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية

جامعة الأزهر الشريف

هذه الدراسة منشورة بمجلة التمويل الإسلامي التي تصدرها الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي بالقاهرة، العدد السابع، يوليو 2023م. 

تشوهات الأجنة وطرق التخلص منها والأحكام المتعلقة بها (دراسة فقهية مقارنة)، د/ أحمد عرفة

بحثي تشوهات الأجنة وطرق التخلص منها والأحكام المتعلقة بها
(دراسة فقهية مقارنة)

والمنشور بمجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية جامعة الأزهر، العدد التاسع، ديسمبر ٢٠٢٢م.

https://afaq.journals.ekb.eg/article_276871.html
 ملخص البحث:
  يهدف البحث إلى التعريف بالأجنة ومراحل تطورها، وبيان المراد بتشوهات الأجنة، وأسبابها، وأنواعها. كما يوضح حكم إجهاض الأجنة المشوهة، وطرق التخلص منها.
وقد اعتمدت في هذا البحث على المنهج التحليلي والمنهج المقارن، وقد اقتضت طبيعة البحث أن يكون في مقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة، وفهارس. أما المقدمة: فقد تناولت فيها أهمية الموضوع وأسباب اختياره، وأهداف البحث، والأسئلة التي سيجيب عنها، والدراسات السابقة، ومنهج البحث، وخطته، وجاء المبحث الأول في حقيقة تشوهات الأجنة وأسبابها، وأنواعها، وتناولت في المبحث الثاني حكم إجهاض الأجنة المشوهة، وبينت في المبحث الثالث طرق التخلص من الأجنة المشوهة، والأحكام الفقهية المتعلقة بها.
وقد توصلت من خلال هذا البحث إلى عدة نتائج منها: رعاية الشريعة الإسلامية للأجنة في مراحلها المختلفة، وأنه لا يجوز الاعتداء عليه بكافة أنواع وأشكال الاعتداءات المختلفة إلا في حدود الضرورة، وبالضوابط التي وضعها العلماء في هذا الصدد، وأوصي الباحثين بإجراء المزيد من البحوث والدراسات في القضايا والنوازل الطبية المعاصرة، وبيان حكم الشريعة الإسلامية فيها، كما أوصي الأطباء بالاهتمام بالجوانب الفقهية للأمور الطبية المستجدة حتى يكونوا على دراية بها؛ حتى لا يقعوا في محظورات شرعية أو أمور حرمتها الشريعة الإسلامية.
الكلمات المفتاحية: تشوهات- الأجنة- الإجهاض- منع الحمل- فقهية-

الرابط: 

 https://afaq.journals.ekb.eg/article_276871.html

الاستفادة من الأجنة المجهضة في التجارب الطبية وأحكامها في الفقه الإسلامي (دراسة فقهية مقارنة)، د/ أحمد عرفة

 بحثي الاستفادة من الأجنة المجهضة في التجارب الطبية وأحكامها في الفقه الإسلامي
(دراسة فقهية مقارنة)

والمنشور بمجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ جامعة الأزهر، العدد السابع، يونيو ٢٠٢٣م.

يهدف البحث إلى بيان الأحكام الفقهية المتعلقة بالاستفادة من الأجنة المجهضة في التجارب الطبية، وقد اعتمدتُ فيه على المنهج التحليلي، والمنهج المقارن، والمنهج الاستنباطي.  وجاء البحث في مقدمةٍ، وثلاثةِ مباحثَ، وخاتمةٍ، وفهارسَ. أما المقدمة: فقد تناولت فيها أهميةَ الموضوع وأسباب اختياره، وأهداف البحث، والدراسات السابقةَ، ومنهجَ البحث، وخطتَه، وجاء المبحث الأول في التعريف بمصطلحات عنوان البحث، والمبحث الثاني في حكم إجهاض الأجنة، والمبحث الثالث في حكم الاستفادة من الأجنة المجهضة في التجارب الطبية. وقد توصلت من خلال هذا البحث إلى عدة نتائج منها أن الجنين المجهض هو: الجنين الذي انفصل عن رحم أمه، إما بنفسه أو بفعل فاعل، سواء تم في أول مدة الحمل أو في آخرها، وأن التجارب الطبية هي: مجموعة الأعمال التي يقوم بها الطبيب أو المختص بالأعمال الطبية على مخلوق حي، لإيجاد أفضل طريقة معالجة لصالح المريض، أو الكشف العلمي النافع للبشرية.
يهدف البحث إلى بيان الأحكام الفقهية المتعلقة بالاستفادة من الأجنة المجهضة في التجارب الطبية، وقد اعتمدتُ فيه على المنهج التحليلي، والمنهج المقارن، والمنهج الاستنباطي.  وجاء البحث في مقدمةٍ، وثلاثةِ مباحثَ، وخاتمةٍ، وفهارسَ. أما المقدمة: فقد تناولت فيها أهميةَ الموضوع وأسباب اختياره، وأهداف البحث، والدراسات السابقةَ، ومنهجَ البحث، وخطتَه، وجاء المبحث الأول في التعريف بمصطلحات عنوان البحث، والمبحث الثاني في حكم إجهاض الأجنة، والمبحث الثالث في حكم الاستفادة من الأجنة المجهضة في التجارب الطبية. وقد توصلت من خلال هذا البحث إلى عدة نتائج منها أن الجنين المجهض هو: الجنين الذي انفصل عن رحم أمه، إما بنفسه أو بفعل فاعل، سواء تم في أول مدة الحمل أو في آخرها، وأن التجارب الطبية هي: مجموعة الأعمال التي يقوم بها الطبيب أو المختص بالأعمال الطبية على مخلوق حي، لإيجاد أفضل طريقة معالجة لصالح المريض، أو الكشف العلمي النافع للبشرية.

الرابط: 

https://fica.journals.ekb.eg/article_328336.html 


الوسطية في التشريع الإسلامي ودورها في المعاملات المالية (دراسة فقهية مقارنة)، د/ أحمد عرفة

 بحثي بالمؤتمر الدولي الأول لكليتنا المباركة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية جامعة الأزهر

بعنوان: الوسطية في التشريع الإسلامي ودورها في المعاملات المالية
(دراسة فقهية مقارنة)، سبتمبر ٢٠٢١م.

ملخص البحث:

يتناول هذا البحث موضوع الوسطية في التشريع الإسلامي ودورها في المعاملات المالية " (دراسة فقهية مقارنة)، وقد جاء البحث في مقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة، وفهارس. أما المقدمة فتشتمل على أهمية الموضوع وأسباب اختياره، وأهدافه، ومنهج البحث، وخطته.

وأما عن المبحث الأول: فقد تناولت فيه تعريف الوسطية، والمبحث الثاني: في تأصيل الوسطية في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وفي المبحث الثالث: تناولت ضوابط العمل بالتوسط، وفي المبحث الرابع: بينت دور الوسطية في المعاملات المالية، وذكرت تطبيقات فقهية على ذلك، ومنها: الوسطية في عقد السلم، والوسطية في التسعير الجبري.

وفي الخاتمة: ذكرت أهم النتائج، ومنها: أن للوسطية في التشريع الإسلامي قواعد وضوابط، لا بد من فهمهما جيدًا، فهي بعيدة عن الإفراط والتفريط، والغلو والتطرف، وأن الحكم بالتوسط هو وقوف بين التشديد المتنطع، والتيسير المفرط، وليس من ضرورة التوسط اللجوء إلى التيسير مطلقًا، بل ملاحظة التيسير لابد من أن تزامنها ملاحظة مدلولات النصوص واتجاهاتها ومراميها المحققة للخير والصلاح، إذ التيسير روح، والنصوص بمثابة الجسد لهذه الروح، وأن الوسطية تدعونا إلى ترجيح رأي جمهور الفقهاء القائل بإجازة التعامل بالسلم، وهو من الرخص التي استقر حكمها شرعاً على خلاف القياس، وسبب ذلك هو حاجة الناس إلى التعامل به، كذلك أيضًا تدعونا الوسطية إلى ترجيح الرأي الثاني الذي يجيز التسعير، والأخذ به، وذلك أيضاً تغلباً للمصلحة، وذلك في بعض الحالات، ومنها عند احتكار السلع، والحاجة إلى ضبط الأسواق.

ومن أهم التوصيات التي خرج بها البحث: أن على العلماء والفقهاء القيام بنشر الفكر الوسطي، وبيان دور الوسطية في التشريع الإسلامي في جميع جوانبه، كما ينبغي أيضًا على الفقيه والمفتي في مسائل المعاملات المالية المعاصرة مراعاة الحكم بالتوسط في المسائل الفقهية التي يفتي فيها، لا سيما النوازل المعاصرة، وذلك في إطار الضوابط العامة للحكم بالتوسط في الأحكام الفقهية، وقيام الباحثين وطلاب الدراسات العليا بالمزيد من الدراسات والبحوث المتخصصة حول الوسطية ودورها في المعاملات المالية المعاصرة، لا سيما مع كثرتها وتطور صيغ التمويل في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وإبراز جوانب الوسطية فيها، وتحويل هذه المؤتمرات والندوات عن الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف إلى واقع عملي، حتى لا يكون الأمر مجرد تنظير بعيدًا عن الجانب التطبيقي، والعمل على إبراز دور العلماء والمفكرين من أصحاب الفكر الوسطي، ونشره في المجتمع، مساهمة في مواجهة الأفكار الهدامة، ومحاربة الفكر المتطرف، فالفكر يواجه بالفكر، والحجة بالحجة.

 

الكلمات المفتاحية: (الوسطية- التشريع الإسلامي- المعاملات المالية- دراسة فقهية مقارنة)


الرابط:

https://adafis.journals.ekb.eg/article_216910.html

من آداب طالب العلم الدعاء لشيخه

ومن آداب طالب العلم

أن يكثر من الدعاء لشيخه

وقد كان هذا الأدب العظيم من الآداب المحفوظة عن سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، حيث كانوا يكثرون من الدعاء لشيوخهم، ومن ذلك ما جاء عن الإمام أحمد رحمه الله حيث قال: (ما أعلم أحد أعظم منة على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي، وإني لأدعو له في آثار صلواتي).

وقال عبدالله ابن الإمام أحمد رحمه الله: (قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي، فإني أسمعك تكثر الدعاء له؟ فقال: يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من عوض أو خلف؟).

كما جاء عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنه كان يقول: ما صليت صلاة منذ مات حماد بن أبي سليمان إلا استغفرت له مع والدي، وإني لأستغفر لمن تعلَّمت منه علمًا أو علَّمته علمًا).

وفي هذا الباب الكثير والكثير عن السلف الصالح رضوان الله عليهم، فما أحوجنا اليوم إلى أن نحسن الاقتداء بهم في تذكر شيوخنا بالدعاء لهم، فهذا ربما يكون أيسر شيء نستطيع أن نقدمه لهم من باب العرفان بالجميل والشكر، فلا يشكر الله من لا يشكر الناس كما بين ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم.

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين

والحمد لله رب العالمين.

 

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية

جامعة الأزهر الشريف

 

جلوس الإمام الشافعي -رحمه الله- للإفتاء

 

الإمام الشافعي رضي الله عنه:

أذن له شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالإفتاء وهو ابن ١٥ سنة.

وكان الإمام مالك رضي الله عنه يرى فيه علو الهمة في طلب العلم، وأنه سيكون له شأن حتى قال له ذات يوم: (اتق الله واجتنب المعاصي؛ فإنه سيكون لك شأن).

...

وفي هذا بيان أثر الشيخ في حياة تلاميذه، وأنه ينبغي على الشيخ متابعة تلاميذه، لا سيما من ظن فيهم النجابة وعلو الهمة، وأن يتعاهدهم بالنصح والإرشاد والتوجيه.

وليعلم الشيخ أن تلميذه النجيب إنما هو امتداد له، وقد يكون هو نعم الصدقة الجارية له بعد موته، فأحسنوا إلى طلابكم وعلموهم، وابتغوا من وراء ذلك الأجر والثواب في الدنيا والآخرة.

وفق الله الجميع

والحمد لله رب العالمين.

 

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية

جامعة الأزهر الشريف

 

التعريف بكتب الدكتور: محمد الزحيلي، د/ أحمد عرفة

 

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: (كتاب العالم ولده المخلد)

من العلماء المعاصرين الذين لهم باع طويل في التأليف في الدراسات الشرعية والقانونية الأستاذ الدكتور محمد الزحيلي الأستاذ بكلية الشريعة في جامعة دمشق، وفي عدد من الجامعات العربية.

ومن هذه الموسوعات القيمة التي لا يستغني طالب العلم والباحث المتخصص في الفقه الإسلامي:

١. وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية والأحوال الشخصية، ويقع هذا الكتاب في مجلدين، وهو من مطبوعات مكتبة دار البيان، دمشق، الطبعة الثالثة ٢٠١٦م.

وهذا الكتاب كما يقول المؤلف في مقدمته: المرجع الأساسي للقضاة في العالم العربي والإسلامي، وأصبح مؤئلا للمحامين، وقلما ألتقي بواحد منهم من مختلف البلاد العربية والإسلامية إلا ويقرن بيني وبين كتاب (وسائل الإثبات).

٢.الإجراءات الجنائية الشرعية دراسة مقارنة مع الأنظمة والقوانين المعاصرة، ويقع هذا الكتب في مجلدين، وهو من مطبوعات دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى ٢٠١٥م.

وهذا الكتاب يساعد القضاء على كشف الحقيقة، والوصول إلى الحق والعدل. لهذا قامت الحكومات بإصدار الأنظمة والقوانين الجنائية، بعضها مقتبس من القوانين الغربية، وبعضها من اجتهاد الحكام والقضاة والفقهاء، والمحامين المعاصرين، بما يتفق مع الشريعة الغراء. كما ذكر ذلك الناشر في التعريف به.

٣.القضاء الشرعي القواعد والضوابط الفقهية، ويقع هذا الكتاب في مجلدين، وهو من مطبوعات دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى ٢٠١٥م.

وهذا الكتاب مرجع في القضاء الشرعي، لا يستغني عنه القاضي والمحامي والمشرع والطالب المهتم بالأمور القانونية والشرعية. كما ذكر ذلك الناشر في التعريف به.

٤.القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الفقهية الأربعة، ويقع هذا الكتاب في مجلدين، وهو من مطبوعات دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى ٢٠١٢م.

وهذا الكتاب من الكتب في القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الفقهية الأربعة والتي لا يستغني عنها باحث أو طالب علم في الفقه الإسلامي.

كانت هذه إشارة سريعة حول هذه الموسوعات التي كتبها الأستاذ الدكتور محمد الزحيلي حفظه الله تعالى، والتي لا يستغني عنها طالب العلم والباحث في الفقه الإسلامي إلى غير ذلك من الكتب والبحوث الأخرى للمؤلف وفقه الله تعالى.

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين يارب العالمين

والحمد لله رب العالمين

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية

جامعة الأزهر الشريف

كتاب قرأناه لك - القضاء الشرعي القواعد الشرعية والضوابط الفقهية للدكتور: محمد الزحيلي، د/ أحمد عرفة

 

القضاء الشرعي

القواعد والضوابط الفقهية

هذا الكتاب من تأليف الأستاذ الدكتور/ محمد الزحيلي حفظه الله تعالى، ويقع هذا الكتاب في مجلدين من القطع الكبير، وقد بلغت عدد صفحاته ١١٥٠ صفحة.

وهو من مطبوعات دار الفكر المعاصر، دمشق، سوريا، الطبعة الثانية ٢٠١٨م.

ويعد هذا الكتاب من الكتب الرائدة في هذا الباب، والذي جمع فيه مؤلفه القواعد والضوابط الفقهية المتعلقة بالقضاء الشرعي، وقد اشتمل هذا الكتاب على اثنا عشر فصلا، وذلك كما يلي:

 الفصل الأول: القواعد والضوابط الفقهية في نظام القضاء. الفصل الثاني: القواعد والضوابط الفقهية في الدعوى.

الفصل الثالث:  القواعد والضوابط الفقهية في الشهادة، الفصل الرابع: القواعد والضوابط الفقهية في الإقرار.

الفصل الخامس:  القواعد والضوابط الفقهية في اليمين. الفصل السادس: القواعد والضوابط الفقهية في القرائن. الفصل السابع:  القواعد والضوابط الفقهية في الكتابة وعلم القاضي والقرعة.

الفصل الثامن: القواعد والضوابط الفقهية في المظالم.

الفصل التاسع: القواعد والضوابط الفقهية في الحسبة.

الفصل العاشر: القواعد والضوابط الفقهية في التحكيم. الفصل الحادي عشر: القواعد والضوابط الفقهية في الأحكام القضائية.

الفصل الثاني عشر: القواعد والضوابط الفقهية في الصلح بين المتنازعين.

وقد بلغت القواعد الفقهية في القضاء أكثر من ثلاثين قاعدة، وزادت الضوابط في أبواب القضاء عن مائة وعشرين ضابطا رئيسيا، مع ضوابط فرعية كثيرة كما ذكر المؤلف حفظه الله تعالى في المقدمة.

فهذا الكتاب من الكتب القيمة التي لا يستغني عنها طالب العلم والباحث المتخصص في الشريعة والقانون، فهي ليست مجرد كتاب بل هي موسوعة علمية اعتنى فيها المؤلف بذكر القواعد والضوابط الفقهية في القضاء الشرعي، وذكر العديد من النماذج والتطبيقات على كل هذه القواعد والضوابط الفقهية المذكورة في هذا الكتاب.

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية

جامعة الأزهر الشريف

الأحد، 10 سبتمبر 2023

من الصدقات الجارية

 من الصدقات الجارية
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
فمن الصدقات الجارية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العلم النافع التي ينتفع به الناس في الدنيا وفي الآخرة سواء أكان هذا العلم من العلوم الشرعية أم العلوم الحياتية كالطب والصيدلة والهندسة وغير ذلك من العلوم النافعة.
ونحن على مقربة من العام الدراسي الجديد نحتاج إلى أن يكون هناك تكاتف وتعاون من الأغنياء -الذين وسع الله تعالى عليهم في المال- أن يقفوا بجانب طلاب العلم الفقراء والمساكين وذلك من خلال مساعدتهم بشراء ما يلزم لهم لإتمام العملية التعليمية، فكم رأينا من طلاب تركوا التعليم وانصرفوا عنه بسبب أنهم لا يجدون هذه النفقات، لا سيما في ظل هذا الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار
ومن ذلك مثلا: الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس وغيرها مما يلزم الطلاب، وكذلك أيضا رأينا بعض الطلاب ممن فتح الله عليهم فى الفهم والحفظ يتركون مجال التعليم بحجة أنه أصبح لا يؤتي ثماره المرجوة منه، وغير ذلك مما نراه ويراه الناس في كل مكان.
فما أحوجنا إلى أن يكون هناك تعاون مع الطلاب غير القادرين ومساعدتهم على استكمال مسيرة التعليم، ولنعلم جميعا أن هذا باب عظيم من أبواب الصدقات الجارية والعلم النافع الذي يظل لصاحبه بعد موته، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سبع يجري أجرهن للعبد وهو في قبره بعد موته، وذكر منها: من علم علما أو نشره...).
 ويمكن مساعدة هؤلاء الطلاب بالآتي:
١.دفع مصروفات المدارس والمعاهد عند بداية كل عام دراسي، أو مساعدة هؤلاء الطلاب بتقديم مستندات للإعفاء من هذه المصروفات.
٢.شراء ما يلزم لهم من الكتب والملخصات التي تساعدهم على إنجاز دروسهم، وذلك كزملائهم من الأغنياء لا أن نقول لهم اكتفوا بكتاب المدرسة أو استعينوا بالكتب القديمة، وإن كان ذلك فيكون في أضيق الحدود عند عدم الاستطاعة.
٣.توفير ما يلزم لهم من كراسات وأقلام وسائر المستلزمات اللازمة لهم حسب طبيعة كل مرحلة وما يناسبها.
٤.المساهمة في تخفيف أعباء الدروس الخصوصية عليهم بدفعها عنهم، أو تخفيضها من قبل المدرس القائم على هذا الأمر، ولو أمكن إعفاء الطلاب الأيتام والفقراء لكان هذا أفضل حسب طبيعة كل مدرس في هذا الباب، والخير موجود في كثير من المدرسين جزاهم الله خيرا، لكن هذا يحتاج إلى تفعيل، ولو دفع لهم أحد الأغنياء ذلك لكان حسنا.
٥.متابعة هؤلاء الطلاب لا سيما الأيتام والسؤال عنهم في المدرسة وحلقات الدرس وتعاهد أحوالهم، فهذا أيضا باب عظيم من أبواب الخير.
كانت هذه إشارات سريعة حول الصدقات الجارية بتعليم النافع، وأن هذا هو الذي يبقى للإنسان بعد موته، وسوف يجد ذلك في يوم القيامة غدا بين يدي الله تعالى إن أحسن بهذا النية والقصد في الدنيا.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين يارب العالمين
كتبه
د: أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية
جامعة الأزهر الشريف

موت الفجأة والمبادرة بالتوبة قبل الرحيل

 موت الفجأة والمبادرة بالتوبة قبل الرحيل
لقد انتشر موت الفجأة في زماننا هذا بصورة مخيفة جدا، حتى أصبح لا يفرق بين الصغير والكبير، والشباب والشيوخ، والرجال والنساء والأطفال، فربما ينام الإنسان على فراشه، وإذا به يستيقظ على سؤال الملكين في القبر، والآخر يذهب إلى عمله فيرجع في نهاية اليوم إلى أهله محمولا على الأعناق، وذاك يتغرب عن وطنه وإذ به يرجع إلى بلده وحيدا في صندوق خشبي نراه ويراه الناس، وغير ذلك كثير من الأمور والأحوال التي تدعونا إلى العظة والاعتبار.
وقد رأيت في الأيام والأسابيع الماضية العديد من حوادث موت الفجأة ما بين أطفال وشباب يموتون غرقى في لحظات، وهذا الأمر يدعونا إلى التأمل والاعتبار والعظمة، وإلى أن نفيق من غفلتنا، وأن نأخذ العظة والعبرة بما نراه من حولنا كل يوم.
وعندما نتأمل في السنة النبوية المطهرة نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين لنا أن موت الفجأة من علامات الساعة، وجاء ذلك واضحا جليا في أحاديث كثيرة منها ما جاء في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقا، وأن يظهر موت الفجأة).
وجاء في مسند الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: موت الفجأة راحة للمؤمن وأخذة أسف للكافر).
ولخطورة موت الفجأة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ منه، وكان من دعائه ا صلى الله عليه وسلم:( رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَدْعو فيقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أَعوذُ بك مِنَ الهَدمِ، والتَّرَدِّي، والهَرَمِ، والغَرَقِ، والحريق...) (أخرجه أبو داود).
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال:( كان من دُعَاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ).
لذلك فإن على الإنسان أن يستعد للموت، وأن يكون الموت نصب عينيه في كل لحظة، كما أن عليه أن يكتب وصيته؛ لأنه لا يعلم متى ستكون المنية، ولذلك جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ قال: « مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَىْءٌ ، يُوصِى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ ، إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».
وعليه فإن السعيد من وعظ بغيره، والشقي من مات فوعظ به غيره، فعلى الإنسان العاقل الللبيب أن يبادر ويسارع بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله عز وجل قبل أن يأتيه الموت فجأة.
فالله عز وجل دعانا إلى التوبة وبين سبحانه وتعالى أنه يقبل توبة عباده حين يتوب ويرجع إليه حيث قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (سورة الزمر: ٥٣)، وقال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (سورة النور: ٣١).
وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى فيقول: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إليه واستغفره في اليوم أكثر من سبعين مرة) (أخرجه البخاري)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)(أخرجه الترمذي)، أي: قبل أن تبلغ الروح الحلقوم.
كما بين صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده حين يتوب ويرجع إليه، ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ).
فما أحوجنا إلى أن نبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى قبل أن يدركنا الموت فجأة، فالموت ليس سن معين، ولا زمان معين، ولا مكان معين، وإنما لكل إنسان منا أنفاس معدودة إذا انتهت ينتهي الأجل، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ). (سورة الأعراف: ٣٤).
فاللهم تب علينا توبة نصوحا، وارزقنا حسن الخاتمة اللهم آمين يارب العالمين
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين يارب العالمين
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
كتبه
د: أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية
جامعة الأزهر الشريف