كتاب
قرأناه لك
الإسلام
وحاجة الإنسانية إليه
للأستاذ
الدكتور/ محمد يوسف موسى –رحمه الله-
طبع هذا الكتاب طبعات كثيرة، وترجم إلى عدة لغات غير
العربية، طبعه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة سنة 1429هـ-2008م، يقع في
234 صفحة من القطع الكبير.
يقول المؤلف في البداية عن أهميته:" هذا بحث عن
"الإسلام وحاجة العالم والإنسانية إليه" وهو يحتاج في رأينا إلى أن يكتب
فيه كثير من العلماء المختصين الذين عرفوا العالم قبل ظهور الإسلام، وعرفوه بعد أن
جعلت للإسلام قيادته، ثم عرفوه بعد ذلك إلى هذه الأيام التي نحياها ومن ثم يكونون
على علم بأسباب المجد والعزة والرفاهية، وبأسباب الحيرة والقلق والاضطراب، ثم
بطريق الخلاص مما يشقى به هذا العصر".
وترجع قصة تأليف هذا الكتاب إلي أن المؤلف بعد سفره إلي
فرنسا سنة : 1945 لنيل درجة التخصص في الفلسفة الإسلامية شعر بالحاجة الملحة إلي
إعداد كتاب من الإسلام يتناوله من كل نواحيه, ويترجم إلي اللغات العالمية , ليكون
وسيلة فعالة لتعريف الغربيين بالإسلام، ولجأ الدكتور موسي إلي بعض شيوخ الأزهر
والجهات الرسمية المسؤولة يطلب منهم إعداد هذا الكتاب, ولكن لم يشرح الله صدر أحد
منهم لتنفيذ هذه الفكرة , ويقول المؤلف: ( ولما يئست منهم قلت لنفسي كما قال آخرون
لي: لماذا لا أكتب أنا هذا الكتاب فأخرج بكتابته حسب ما أستيع من العهدة, وأكون
قدمت بواجب التبليغ المفروض علي كل مسلم , أترك أمر ترجمته وتبليغه للعالم الغربي
إلي أن يقضي الله فيه ما يشاء).
قسم المؤلف الكتاب إلى خمسة أقسام، وذلك كما يلي:
تحدث في القسم الأول بفصوله الثلاثة عن أن الإسلام هو
الدين الحق, فهو الدين الخاتم الذي ارتضاه الله للناس كافة, وأن البشرية اليوم في
أمس الحاجة إليه , ولا خلاص لها مما تعانيه إلا بالإيمان به وإتباعه, ثم أهم خصائص الإسلام فهو دين
الوحدة الدينية والسياسية والاجتماعية, ودين العقل والفكر, وهو الذي قرر حقوق
الإنسان من الحرية والمساواة، وأنه دين الإنسانية عامة، ومن أجل هذا وجب أن يكون
ديناً عالمياً للناس جميعاً، وأن يكون في طبيعة هذه الرسالة ما يجعلها حقاً صالحة
للإنسانية في كل عصر وجيل وزمان، وأن الإسلام دين ودولة.
وألقي المؤلف الضوء في القسم الثاني بفصوله الأربعة علي
علم التوحيد نشأته وتطوره وما يجب أن يكون عليه من العصر الحاضر, ثم تحدث عن وجود
الله ومعرفته, وحدوث العالم عنه, ووحدانيته, وعدالته ورحمته, ووعده ووعيده، وأما
القسم الثالث بفصليه فقد أفرده للنبوة والرسالة, والبعث والحياة الأخري .
وفي القسم الرابع بفصوله الثلاثة حديث مستفيض عن الشريعة
الإسلامية، وجاء الفصل الأول حول تعريف الشريعة الإسلامية والحاجة إليها ونشأتها
وتطورها وكمالها، وفي الفصل الثاني تحدث عن خصائص التشريع الإسلامي وأسسه العامة،
ومن هذه الأسس عدم الحرج ودفع المشقة، ورعاية مصالح الناس جميعاً، وتحقيق العدالة
الشاملة.
ثم جاء الفصل الثالث للحديث عن مستقبل التشريع الإسلامي،
وماذا نريد منه، وحال الفقه الإسلامي بالأمس القريب وحاله اليوم، وكيف نصل إلى ما
نريد؟
وكان القسم الخامس والأخير عن مقاصد الإسلام وغاياته,
وحصرها المؤلف في ثلاثة فصول، في الفصل الأول تحدث عن تربية الفرد، وبيّن أن الفرد
هو اللبنة الأولى التي يتكون منها المجتمع ويقوم عليها فمتى نشأ الفرد تنشئة صالحة
صلح المجتمع بلا ريب، وهنا نجد الإسلام قد عنى عناية كبيرة بتربية الفرد، عناية لا
نجدها من ناحية الشمول والتفصيل في دين آخر من الأديان السماوية التي جاءت قبله.
وفي الفصل الثاني تحدث عن إصلاح المجتمع، وبيّن أن أول
حلقة في إصلاحه هي الأسرة، ولذلك نجد الإسلام أحاط الأسرة بكل الحقوق والضمانات
التي تجعلها أسرة هانئة حقاً، والتي تجعل منها عدة ومدداً لمجتمع سليم سعيد، إذا
قام كل من أفرادها بما له من حقوق، وما عليه من واجبات كما يفرضه الإسلام.
ثم جاء الفصل الثالث عن السلام العالمي بيّن فيه أن
الإسلام ليس ديناً مغلقاً على شعب واحد أو أمة واحدة، بل هو دين مفتوح لكل من يطلب
الحق ويؤمن به، هو دين عالمي للناس جميعاً في جميع العصور، ولذلك كان من الطبيعي
أن يراعي الإسلام هذه الحقيقة الواضحة، وأن يعمل على أن يعيش الناس بسلام في جميع
أنحاء العالم وفي كل الأزمان.
ولخصت الخاتمة أهم ما اشتمل عليه الكتاب من قضايا, وأكدت
علي ما يجب نحو الإسلام من فهم صحيح له,
تبليغ لأحكامه بشتى اللغات للعالم قاطبة.
وعن هذا الكتاب وقيمته العلمية يقول الشيخ أبو الحسن
الندوى رحمه الله في مقدمته للكتاب فيقول:
( صدر أخيراً كتاب (الإسلام وحاجة الإنسانية إليه)
لصديقنا الفاصل المحقق الأستاذ الدكتور/ محمد يوسف موسي, وهو أفضل كتاب وقع عليه
نظري في هذا الموضوع, وهو كتاب يجمع بين علم الكلام والتاريخ والعقيدة والشريعة
والدعوة والعقل والعاطفة.
وأفضل ما يتسم به هذا الكتاب من بين كتب هذا الموضوع
الشجاعة والصراحة , والإيمان العميق بأن الإسلام هو الدين الخالد, الذي يصلح لكل
عصر ومصر, وأنه حاجة الإنسانية في كل زمان ومكان, مع الاستقلال الفكري في البحوث
التي يشمل عليها هذا الكتاب من الدراسات والمعلومات التي هي عصارة المطالعة
والتفكير ما يحتاج إليه ويفيد منه العلماء والأساتذة)
ويستطرد الشيخ الندوي فيقول: (ومن أفضل أبواب هذا الكتاب
أقسامه هو القسم الرابع (الشريعة الإسلامية) الذي يكاد يشغل نصف الكتاب, وأعتقد
أنه لا يستغني عن مطالعته كبار العلماء ومن أجمل أجزائه خصائص التشريع الإسلامي
وأسسه العامة.
وأعجبني في هذا إيمان المؤلف, إفاضته في الحديث عن الآخرة,
وفي ذكر الجنة ونعيمها, وهو موضوع يروغ منه كثير من الكتاب العصريين, وكثير من
العلماء الناشئين, ويطوونه طبا لما فيه من الغرابة والبعد عن المحسوسات وعن روح
العصر, وهو مقياس لإيمان الكتاب والباحثين وشجاعتهم).
د/أحمد
عرفة
باحث
دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو
الجمعية الفقهية السعودية
Ahmedarafa11@yahoo.com
نشر بجريدة عقيدتي في العدد الصادر بتاريخ 26/4/2016م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق