كتاب قرأناه لك
عصر العلم
للعالم الكبير الأستاذ الدكتور/ أحمد زويل –رحمه الله-
الدكتور/ أحمد زويل عالم
كيميائي مصري حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لسنة 1999م لأبحاثه في مجال الفيمتو
ثانية، نشر أكثر من 350 بحثاً علمياً في المجلات العلمية العالمية المتخصصة، ومن
مؤلفاته هذا الكتاب القيم (عصر العلم)، وهو محاولة لفهم طبيعة هذا العصر، من العلم
إلى ما وراء العلم من إيرادات سياسية وطاقات اجتماعية وثقافات للشعوب، وعليه فإن
هذا الكتاب يجمع بين تجربة المؤلف الذاتية في "عصر من العلم" ورؤيته
الشخصية للعالم في "عصر العلم".
وفي بداية الكتاب يتساءل
المؤلف –رحمه الله- قائلاً: " إن ما يجرى يتطلب منا وقفة تاريخية، كيف وصلنا
إلى هذه الدرجة من التطور؟ وما هي طريقة الوصول إليها؟ وما الذي يحمله المستقبل من
جديد للناجحين والخاملين؟ ثم يقول: إنني واحد ممن ينشغلون كثيراً بهذه التساؤلات
وبالبحث في طرق الإجابة عليها، وحين حصلت على جائزة نوبل في عام 1999م، والتي جاءت
في عام له دلالته الرمزية، حيث يختتم القرن العشرين فتوحاته العلمية، ليستكمل "عصر
العلم" فتوحات أخرى في قرن جديد منذ ذلك الحين وأنا ألتقي بكثير من الزعماء
والقادة السياسيين، وبالعديد من الفلاسفة والمفكرين ورجال الاقتصاد والإدارة، فضلاً
عن الاحتكاك الدائم مع أعظم علماء العصر.
وقسم المؤلف الكتاب إلى خمسة
فصول:
أما عن الفصل الأول فقد جعله
تحت عنوان (بين النيل والمتوسط.. البــداية) تحدث فيه عن حياته والتي كانت عام
1946م في مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيــرة، وارتباطه بوالديه وأهمية المسجد
ودوره في تشكيل محور حياته وحياة أهل المدينة كلها، وأنه بمثابة القوة الجاذبة لنا
جميعاً، وأنه اكتسب من والده خبرات عملية كثيرة منها ركوب الدراجات، والتي لم أزل
أستمتع بها حتى اليوم.
ثم يقول: وكان اهتمامي منصب
دائماً على الموضوعات التحليلية، مع الرغبة في السؤال: لماذا؟ وكيف؟ وقد يتعجب
البعض إذا ما عرف أن أكثر هواياتي الممتعة هي قراءة التاريخ، ولدي مكتبة تضم
العديد من كتب التاريخ المتنوعة والتي أستمتع بقراءة موضوعاتها استمتاعاً كبيراً.
وكانت والدتي تقول أني شغوف
بالتعلم متلهف لأن أتعلم شياً جديداً، وربما تنبأت العائلة بمستقبلي من اللافتة التي
علقتها على باب غرفتي باسم"الدكتور أحمد"، وكنت وقتذاك في المدرسة الإعدادية
كنت شغوفاً ومهتماً بالماهية التي تعمل بها الأشياء، ولكم ساءلت نفسي: كيف تعمل
الأشياء؟ ولماذا تتحول بعض المواد الصلبة كالخشب إلى غاز عند احتراقها؟ فتحول
المواد من صورة لأخرى كان يثير فضولي بدرجة كبيرة.
وأما الفصل الثــاني فقد
جعله تحت عنوان(إلى بلاد الأحلام .. الطــريــق): يبدأ في حكاية وصوله إلى فيلادلفيا،
ويحكي عن جامعة بنسلفانيا، وعن أولى ليــاليه هو وزوجته هنــاك، والتي باتها في
بناء يشبه الكنيسة يتبع للجامعة؛ لعدم امتلاكه مكاناً للمبيت فيه، ثم في شقة خاصة
بزميـل له، وبدأ زويل دراسته وأبـحاثـه، وواجه عقبات فكرية وثقافية كثيرة – باختلاف
أنواعها، إلا أنه استطاع التغلب عليها كلها بمرور الوقت، حتى أكمل دراسته لدرجة
الدكتــوراه.
ومن كلماته عن رحلته لأمريكا
"حينما وصلت إلى الولايات المتحدة وعلموا أنني قد تعلمت في جامعة الإسكندرية
بادروني بالسؤال التالي: من الذي أحرق مكتبة الإسكندرية؟ وهل لمصر أن تقيم مكتبة الإسكندرية
من جديد، وأن تعيد أمجادها مرة أخرى؟، وهل لكم أيها المصريون أن تعيدوا أمجاد
أسلافكم من علماء مكتبة الإسكندرية القدامى"، وقال: لم أشغل فكري وبالي
بالثروة والمال أو اقتناء سيارة فاخرة أو ما إلى ذلك من متع الحياة المعهودة، ولكن
الذي شغل فكري واستولى على خيالي، هو أن أحصل على العلم وأن أتبوأ مركزاً في
دنياه، والمرء حيث يضع نفسه.
وأما الفصل الثــالث فقد جاء
تحت عنوان(الأيــام الذهبية في كاليـفورنيـا .. الانطلاق): في بيركلي في
كاليفورنيا انطلق في تجارب لأبحاث أكبـر، وبدأ في السفر وإلقاء النـدوات
والمحاضرات هنا وهنــاك. ثم بدأ في مصيره هل يرجع إلى مصر أم يبقى في أمريـكا ؟
وحسم أمره بالتقدم إلى صفوة جامعات أمريكا وأكثرها تقدّما فإن تلقى عرضاً استمر،
وإن لم يتلَقَّ عروضاً رجع، وبــالفعل تلقى عرضا بعد فترة من جامعة تعد أفضل
جامعات العالم جامعة كالتك، والتي كانت تضم قائمة طويـلة من العلمـاء البــارزين
في الكيــميــاء والبيـولوجيـا والفلك والجيـولوجيا والهنـدسة، وأكمــل على نطاق
أوسع في كالتك، وقد خصصت له ميزانية أبـحاث جيدة، ومع الوقت زاد عدد أعضاء مجموعة
دكتور زويل العلميــة، وخصصت لهم الجامعة مزيـداً من المختبرات، وأصبح أكثر وأكثر
انشغالاً بالطبع، فبجانب مسئولياته الأكاديمية انشغل بإلقاء المحاضرات أكثر فأكثر.
وأما الفصل الرابـع فقد جاء
تحت عنوان( الطريق إلى نـوبـل .. الوصـول): كان عمله كما يقول في قلب الذرات حيث
التحام أو انفصال الجزيـئات، كما كان يقع زمـانـاً في داخل الثـانية حيث تصبح
الثـانية زمنـاً عملاقـاً، وبعد أحد عشر عاماً في الخـارج، عاد زويــل إلى وطنـه إلى
مصر في زيـارة، وزار أهله ومعـــالم أيام طفولته وأيـام صبــاه. ثم في مرّة أخرى
نظم مؤتمراً علميــاً عقد في مديــنة الإسكندرية، وقد نجح هذا المؤتمر نجاحاً مدويـّا،
ثم عاد بعد ذلك إلى كــالتــك، وعمَد في أبـحاثه إلى استخدام أفضل للزمن، ليصل إلى
وحدة قياس زمني أصغر من البيكو ثانية وهي
التي كانت أصغر وحدة لقيـاس الزمن في ذلك الوقت.
وأما الفصل الخــامس فقد
جعله تحت عنوان (أيــام من الخيــال.. التـكريـم): جاءت المكالمة من ستوكهولم
للدكتور زويل تعلمه بأنه قد فـاز بجائزة نوبــل، واشتهرت (الفيمتو ثانية) ونشر
عنها في المجلات العالمية الأكثر شهرة، وانطلقت إلى حيِّز الوجـود، ومعها انطلق
صاحبـها الدكتـور أحمد زويــل، وانطلق إلى ستوكهولم ليتسلم الجــائزة، وجــاء
الإعلان الرسمي بفوز الدكتور زويل بجائزة نوبل في الكيميـاء لعام 1999، ويحكي
زويـل عن تجربة احتفالات جائزة نوبـل – والتي استمرت أسبـوعاً كــاملاً – وصفه
الدكتـور زويـل بأنه كان” أسبوعاً من الاحتفالات الأسطورية ”.” … وأدعوك لأن تتقدم
إلى الأمــام لتتسلم جائزة نوبل في الكيــميـاء لعام 1999م من يدي جلالــة الملــك
”، وقد صاحبت جائزة نوبـل – قبلها وبعدها – احتفالات وجوائز أخرى كثيرة، منها ما
كان في مصر، منها ما كان احتفالاً بالجائزة، ومنها ما كان احتفالاً بالفتح العلمي
الذي فتحه الله عليه. رحمه الله تعالى وغفر لنا وله وجزاه خيراً على ما قدم من علم
ونفع للإنسانية.
د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية
السعودية
نشر بجريدة
عقيدتي في العدد الصادر بتاريخ 9/8/2016م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق