الثلاثاء، 12 يونيو 2012

الأربعين النووية - الحديث التاسع عشر

الحديث التاسع عشر
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوما ، فقال :
(( ياغلام إني أعلمك كلمات : أحفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام وجفت الصحف )). رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
 وفي رواية غير الترمذي : (( احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا ))0
أولاً: ترجمة الراوى:
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب . قرشي هاشمي . حبر الأمة وترجمان القرآن . أسلم صغيرًا ولازم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الفتح وروى عنه . كان الخلفاء يجلونه . شهد مع علي الجمل وصفين . وكف بصره في آخر عمره . كان يجلس للعلم ، فيجعل يوما للفقه ، ويومًا للتأويل ، ويومًا للمغازي ، ويومًا للشعر ، ويومًا لوقائع العرب . توفي بالطائف .
انظر فى ترجمته:[ الأعلام للزركلي ، والإصابة ، ونسب قريش ص 26 ]0
ثانياً: إعراب الحديث:
« يا » : حرف نداء .
« غلام» : منادى مبني على الضم في محل نصب .
« إني» : إن حرف توكيد ونصب . الياء ضمير متكلم مبني على السكون في محل نصب اسم إن .
« أعلمك» : « أعلم» : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقد يره أنا .
« والكاف» : ضمير خطاب في محل نصب مفعول به أول . والجملة في محل رفع خبر إن .
« كلمات» : مفعول ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مذكر سالم . « احفظ» : فعل أمر والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت .
« الله» : : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة .
« يحفظك» : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الأمر وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو والكاف ضمير خطاب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به .
« احفظ الله تجده» : تعرب إعراب الجملة السابقة .
« تجاهك» : تجاه ظرف مكان منصوب وهو مضاف والكاف ضمير خطاب مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه .
« إذا» : أداة شرط غير جازمة .
 « سألت» : « سأل» : فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير متكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل والجملة في محل جر مضاف إليه، فأداة الشرط إذا تضاف للجمل .
« فاسأل الله» : « الفاء» : واقعة في جواب الشرط
« اسأل الله» : تعرب إعراب احفظ الله .
« و» : « الواو» : حرف عطف .
« إذا استعنت فاستعن» : تعرب إعراب إذا سألت فاسأل .
 « بالله » : الباء حرف جر الله اسم مجرور علامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلقان باستعن.
«واعلم» : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت. « أنّ» : حرف توكيد ونصب .
«الأمة» : اسم أنّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة .
« لو» : أداة شرط غير جازمة .
« اجتمعت» : فعل ماضٍ مبني على الفتح والتا ء تاء التأنيث . والجملة في محل رفع خبر إن .
« وأنّ » : ومعموليها سدت مسد مفعولي (علم - اعلم) .
 « على . حرف جر .
 « أنْ» : حرف مصدري ينصب الفعل المضارع
« ينفعوك » : فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير خطاب مبني على السكون في محل نصب مفعول به وأنْ وما بعدها تؤول بمصدر مجرور تقديره (على نفعك) .
« بشيء» : الباء حرف جر شيء اسم مجرور وعلامة الكسرة والجار والمجرور متعلقان بينفعوك .
« لم ينفعوك» : : لم حرف جزم يجزم الفعل المضارع .
« ينفعوك» : مجزوم وعلامة جزمه حذف النون . والبقية تعرب إعراب ينفعوك الأولى .
« إلا» : حرف استثناء .
« بشيء» : كما سبق .
« قد» : حرف تحقيق (لأن بعدها فعلاً ماضياً ، أما إذا ورد بعدها فعل مضارع فهي للتقريب ) .
«كتبه» : كتب فعل ما ض مبني على الفتح .
«والهاء» : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به .
والجملة في محل جر صفة لشيء. « الله فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة .
 « لك» : اللام حرف جر والكاف ضمير خطاب في محل جر والجار والمجرور متعلقان بكتب ، وجملة الجار والمجرور في محل نصب حال من المفعول في كتبه . و الواو حرف عطف .
 «إنْ» : : حرف شرط جازم .
« اجتمعوا » : فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل والجملة في محل جزم اسم الشرط على أن يضروك بشي .
« لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك» : تعرب إعراب جملة على أن يضروك ... إلخ . إلا أن جملة «لم يضروك»: تكون في محل جزم جواب الشرط .
« رفعت الأقلام وجفت الصحف » : رفع فعل ماضٍ مبني على الفتح مبني للمجهول . والتاء للتأنيث .
« الأقلام» : : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة .
 « و» : حرف عطف .
« الصحف» : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة . ومنطوق الحديث كله في محل نصب بدل من (كلمات) ([1])0
ثالثاً: مفردات الحديث:
خلف النبي صلى الله عليه وسلم : على دابته رديفا .
يا غلام : بضم الميم ، لأنه نكره مقصودة بالنداء ، وهو الصبي حين يفطم إلى تسع سنين ، وسنه إذ ذلك كانت نحو عشر سنين .
إني أعلمك كلمات : ينفعك الله بها ، والتنوين هنا للتعظيم .
احفظ الله : بملازمة تقواه ، واجتناب نواهيه .
يحفظك : في نفسك وأهلك ، ودنياك ودينك ، سيما عند الموت .
احفظ الله : بما مر.
تجاهك : بضم التاء ، أمامك كما في الرواية الآتية .
إذا سألت : أردت السؤال .
فاسأل الله : أن يعطيك مطلوبك ، ولا تسأل غيره ، فإنه لا يملك تنفسه نفعا ولا ضرا ، فضلا عن غيره .
استعنت : طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة .
فاستعن بالله : لأنه القادر على كل شيء ، وغيره عاجز حتى عن طلب مصالح نفسه ودفع مضارها .
الأمة : المراد بها هنا سائر المخلوقات .
رفعت الأقلام وجفت الصحف : كناية عن تقدم كتابة المقادير كلها ، والفراغ منها من أمد بعيد .
تعرف : بتشديد الراء .
إلى الله في الرخاء : بملازمة طاعته ، والإنفاق في جوه القرب .
يعرفك في الشدة : بتفريجها عنك ، وجعله لك من كل ضيق فرجا ، ومن كل هم مخرجا .
واعلم أن ما أخطأك : من المقادير فلم يصل إليك .
لم يكن ليصيبك : لأنه مقدر على غيرك .
وما أصابك : منها .
لم يكن ليخطئك : لأنه مقدر عليك .
واعلم : تنبيه .
أن النصر : من الله للعبد على جميع أعداء دينه ودنياه أينما يوجد .
مع الصبر: على طاعة الله ، وعن معصيته ، وعن المصائب .
الفرج : الخروج من الغم .
الكرب : الغم الذي يأخذ النفس([2]) .
رابعاً: ما يستفاد من الحديث:
يستفاد منه :
1- جواز الإرداف على الدابة إن أطاقته .
2- ذكر المعلم للمتعلم أنه يريد أن يعلمه قبل فعله ، ليشتد شوقه إلى ما يعلم وتقبل نفسه عليه .
3- الأمر بالمحافظة على رعاية حقوق الله تعالى .
4- أن الجزاء قد يكون من جنس العمل .
5- الأمر بالاعتماد على الله ، والتوكل عليه دون غيره ، إذ هو النافع الضار ، قال الله تعالى : (( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ، وإن يردك بخير فلا راد لفضله )) وقدر ما يركن الشخص إلى غير الله عز وجل بطلبه ، أو بقلبه أو بأمله قد أعرض عن ربه بمن لا يضره ولا ينفعه ، خصوصا إذا كانت الحاجة التي يسألها مما لم تجر العادة بجريانه على أيدي الخلق كالهداية ، وشفاء المرض ، وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة ، ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل .
6- عجز الخلائق كلهم ، وافتقارهم إلى الله عز وجل .
7- التنبيه على أن هذه الدار عرضة للمصائب ، فينبغي الصبر عليها .
8- الرضاء بالقضاء والقدر([3]).



([1])إعراب الأربعين النووية: جـ1صـ46 وما بعدها0
([2])التحفة الربانية: 20/1 0
([3])التحفة الربانية: 20/2 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق