الحديث الثلاثون
عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله تعالى عنه عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها ،
وحد حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان
فلا تبحثوا عنها )) . حديث حسن . رواه الدارقطني وغيره.
أولاً: ترجمة الراوى:
هو جرثوم بن ناشر ، وقيل : جرثوم بن لاشر ، وقيل جرثوم
بن عمرو ، وقيل غير ذلك ، ولا يكاد يعرف إلا بكنيته ، روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وعن معاذ بن جبل وعن أبي عبيدة بن الجراح ، وروى عنه أبو
إدريس الخولاني وسعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي وغيرهم . قال ابن الكلبي :
أبو ثعلبة بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيعة الرضوان وضرب له
بسهم يوم خيبر ، وأرسله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قومه
فأسلموا .
انظر ترجمته فى: [ الاستيعاب 4 / 1618 ، وتهذيب التهذيب
12 / 49 ، وأسد الغابة 6 / 44 ، والعبر1 / 85 ، والإصابة 11 / 54 ] .
ثانياً: إعراب الحديث:
« إنّ » : حرف توكيد ونصب .
« الله » : اسمها منصوب . تعالى سبق إعرابها.
« فرض» : فعل ماضٍ
مبني على الفتح . والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو.
« فرائض » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
« فلا » : الفاء واقعة في جواب شرط مقدر .
« لا » : ناهية تجزم الفعل المضارع .
« تضيعوها » : فعل مضارع مجزوم علامة جزمه حذف النون . والواو
ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل . من « وحدَّ » إلى « تنتهكوها » تعرب إعراب
الجملة السابقة .
«وسكت » : تعرب إعراب فرض .
« عن » حرف جر .
« أشياء » : اسم مجرور علامة جره الفتحة ملحق بالمختوم بألف
التأنيث الممدودة والجار والمجرور متعلقان بـ سكت .
« رحمةً » : مفعول لأجله منصوب علامة نصبه الفتحة .
«لكم » : جار ومجرور متعلقان بـ رحمة .
« غير » : حال منصوب علامة نصبه الفتحة وهو مضاف .
« نسيان » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« فلا تبحثوا » : تعرب إعراب فلا تضيّعوا . « عنها» : جار
ومجرور متعلقان بتبحثوا ([1]).
ثالثاً: مفردات الحديث:
فرض : أوجب وألزم .
فرائض : وهي ما فرض الله على عباده ، وألزمهم القيام به
.
فلا تضيعوها : بالترك أو التهاون فيها حتى يخرج وقتها ، بل
قوموا بها كما فرض عليكم .
وحد حدودا : وهي جملة ما أذن الله في فعله ، سواء كان على
طريق الوجوب أو الندب أو الإباحة .
فلا تعتدوها : فلا تجاوزوا ما حد لكم بمخالفة المأمور وارتكاب
المحظور.
فلا تنتهكوها : لا تتناولوها ولا تقربوها .
وسكت عن أشياء : فلم يحكم فيها بوجوب ولا حل ولا حرمة .
رحمة لكم : بعدم تحريمها حتى يعاقب على فعلها ، وعدم إيجابها
حتى يعاقب على تركها .
غير نسيان : لأحكامها _ لا يضل ربي ولا ينسى .
فلا تبحثوا عنها : لا تفتشوا عنها ، لأن ذلك ربما يفضي إلى
التكليف الشاق([2])
.
رابعاً: ما يستفاد من الحديث:
يستفاد منه :
تقسيم أحكام الدين إلى أربعة أقسام : فرائض حقها ألا تضيع
، ومحارم حقها أن لا تقرب ، وحدود حقها عدم مجاوزتها ، ومسكوت عنه حقه ألا يبحث عنه
، وهذا يجمع أحكام الدين كلها ، ومن عمل به حاز الثواب وأمن العقاب ، ولهذا قال بعض
العلماء : ليس في الأحاديث حديث واحد أجمع بانفراده لأصول الدين وفروعه من هذا الحديث
([3]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق