الحديث
الثامن عشر
عن أبي ذر جندب بن جنادة
، وأبي عبد الرحمن معاذ ابن جبل رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم قال : (( اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق
حسن ))
رواه الترمذي وقال : حديث
حسن ، وفي بعض النسخ : حسن صحيح
أولاً: ترجمة الراوى:
أبو ذر:
قيل اسمه جندب بن
جُنَادة بن قيس . من كبار الصحابة . مدحه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بقوله : " ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء ، أصدق لهجة من أبي ذر "
اعترض على معاوية ثم على عثمان في أشياء فنفاه عثمان من المدينة إلى الرَّبذة ،
فمات بها وصلى عليه ابن مسعود .
انظر ترجمته فى: [
تهذيب التهذيب 12 / 91 ] .
معاذ بن جبل:
هو معاذ بن جبل بن
عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي ، أبو عبد الرحمن . صحابي جليل . إمام الفقهاء .
وأعلم الأمة بالحلال والحرام . أسلم وعمره ثماني عشرة سنة . شهد بيعة العقبة ، ثم
شهد بدرا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
جمع القرآن على عهد
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وكان من الذين يفتون في ذلك العهد .
بعثه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد غزوة تبوك قاضيًا ومرشدًا لأهل
اليمن ، وفي طبقات ابن سعد أنه أرسل معه كتابا إليهم يقول فيه : " إني بعثت
إليكم خير أهلي " قدم من اليمن إلى المدينة في خلافة أبي بكر ثم كان مع أبي
عبيدة بن الجراح في غزو الشام . ولما أصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلف معاذا
. وأقره عمر ، فمات في ذلك العام .
انظر ترجمته فى: [
الإصابة في تمييز الصحابة 3 / 426 ، وأسد الغابة 4 / 376 ، وحلية الأولياء 1 / 228
، والأعلام 8 / 166 ]0
ثانياً: إعراب الحديث:
« اتق » : فعل أمر مبني
على حذف حرف العلة والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت .
«الله» : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة .
«حيثما» : أداة شرط جازمة
تفيد المكان .
« كنت » : كان فعل ماضٍ
ناقص يرفع المبتدأ وينصب الخبر ، التاء ضمير متكلم مبني على الضم في محل رفع اسم كان
. والجملة في محل جزم اسم الشرط ، وجوابه محذوف د ل عليه ما قبله . أي : حيثما كنت
فاتق الله ، والواو حرف عطف .
« أتبع » : فعل أمر مبني
على السكون وحُرك بالكسر لالتقاء الساكنين ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت
.
«السيئة » : . مفعول به
أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة
« الحسنة » : مفعول ثانٍ
منصوب وعلامة نصبه الفتحة .
« تمحها » : فعل مضارع
مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف حرف العلة .
« و » : حرف عطف خالق
. فعل أمر مبني على السكون . والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت .
« الناس» : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره .
« بخلق » : « الباء »
: حرف جر خلق اسم مجرور وعلامة جره الكسرة .
« حسن » : صفة مجرورة ،
وجملة الصفة والموصوف في محل نصب حال أي خالق الناس متعاملاً معهم بإحسان([1])0
ثالثاً: مفردات
الحديث:
اتق الله : بامتثال أمره
واجتناب نهيه ، والوقوف عند حده .
حيثما كنت : في أي مكان
كنت فيه حيث يراك الناس ، وحيث لا يرونك ، فإنه مطلع عليك .
وأتبع : بالهمزة ، وسكون
المثناة فوق ، وكسر الموحدة : ألحق .
السيئة : وهي ترك بعض الواجبات
، أو ارتكاب بعض المحظورات .
الحسنة : التوبة منها
. أو الإتيان بحسنة أخرى .
تمحها : تمح عقابها من
صحف الملائكة وأثرها السيء في القلب .
وخالق الناس : عاملهم
.
بخلق حسن : وهو أن تفعل
معهم ما تحب أن يفعلوه معك ، فبذلك تجمع القلوب ، وتتفق الكلمة ، وتنتظم الأحوال([2]) .
رابعاً: ما يستفاد من
الحديث:
يستفاد منه :
1- الأمر بتقوى الله ، وهو وصية الله
لجميع خلقه ، ووصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته .
2- إن الإتيان بالحسنة عقب السيئة يمحو
السيئة . وهذا من فضل الله تعالى على عبده ، فإنه لا بد أن يقع منه أحيانا تفريط في
التقوى : إما بترك بعض المأمورات ، أو بارتكاب بعض المحظورات ، فأمره الله بفعل ما
يمحو ذلك التفريط ، وهو أن يتبعه بالحسنة .
3- الترغيب في حسن الخلق ، وهو من خصال
التقوى التي لا تتم التقوى إلا به ، وإنما أفرد بالذكر للحاجة إلى بيانه ، فإن كثيرا
من الناس يظن أن التقوى بمجرد القيام بحق الله دون حقوق عباده ، وليس الأمر كذلك ،
بل الجمع بين حقوق الله وبين حقوق عباده هو المطلوب شرعا ، وهو عزيز لا يقوى عليه إلا
الكمل([3]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق