الحديث السادس عشر
عن أبي هريرة
رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : أوصني ، قال : ((
لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب )) .
رواه البخاري
.
أولاً:
ترجمة الراوى:
هو عبد
الرحمن بن صخر . من قبيلة دوس ، وقيل في اسمه غير ذلك . صحابي . راوية الإسلام .
أكثر الصحابة رواية . أسلم 7هـ وهاجر إلى المدينة . ولزم النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فروى عنه أكثر من خمسة آلاف حديث . ولاه أمير المؤمنين عمر
البحرين ، ثم عزله للين عريكته . وولي المدينة سنوات في خلافة بني أمية .
انظر ترجمته
فى:[ الأعلام للزركلي 4 / 80 ، و " أبو هريرة " لعبد المنعم صالح العلي
]0
ثانياً:
إعراب الحديث :
«
أوصني » : « أوصِ » : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ، والفاعل مستتر وجوبا ًتقديره
أنت .
«
الياء » : ضمير متكلم مبني على السكون في محل نصب مفعول به .
«
قال » : تكرر إعرابها .
«
لا » : ناهية .
«
تغضب » : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون .
«
فردد » : الفاء حرف عطف ردد فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره
هو .
« مراراً » : نائب مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه
الفتحة .
«
قال : لا تغضب » : . تعرب كما سبق ، وجملتا « لا تغضب » في محل نصب مقول القول ([1]).
ثالثاً:
مفردات الحديث:
رجلا : لعله
أبو الدرداء ، والقول بأنه جارية بن قدامة عارضه يحيى القطان بأن جارية المذكور تابعي
لا صحابي .
أوصني : وصية
وجيزة جامعة لخصال الخير .
لا تغضب : لا
تتعرض لما يجلب الغضب ، ولا تفعل ما يأمرك به .
فردد: كرر ذلك
الرجل قوله: (( أوصني )) يلتمس أنفع من ذلك ، أو أبلغ أو أعم
مرارا: في رواية
عثمان بن أبي شيبة بيان عددها ، فإنها بلفظ
(( لا تغضب ثلاث
مرات )).
قال : النبي
صلى الله عليه وسلم له في المرة الثانية والثالثة .
لا تغضب : فيه
بتكرارها على عظيم نفعها وعمومه ([2]).
رابعاً: ما
يستفاد من الحديث:
يستفاد منه
:
1-معالجة كل
ذي مرض بما يناسب مرضه ، إن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم خص هذا الرجل بهذه الوصية
. لأنه كان غضوبا .
2-التحذير من
الغضب فإنه جماع الشر ، و التحرز منه جماع الخير ، وفي هذا الوصية استجلاب المصلحة
، ودرء المفسدة ما يتعذر إحصاؤه ، فإن الغضب يترتب عليه من المفاسد تغير الظاهر والباطن
والأثر القبيح في اللسان ، أما تغير الظاهر ، فبتغير اللون والرعدة في الأطراف ، وخروج
الأفعال من غير ترتيب ، واستحالة الخلقة ، بحيث لو رأى الغضبان نفسه لا ستحيا من قبح
صورته ، وأما الباطن أشد ، لأنه يولد الحقد في القلب والحسد ، وإضمار السوء على اختلاف
أنواعه ، بل تغير ظاهره ثمرة تغير باطنه ، وأما أثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش
الذي يستحى منه العاقل ، ويندم قائله عند سكون الغضب ، ويظهر أثر الغضب أيضا في الفعل
بالضرب أو القتل ، وإن فات ذلك بهروب المغضوب عليه رجع الغضبان إلى نفسه فيمزق ثوبه
، ويلطم خده ، وربما سقط صريعا ، وربما أغمى عليه ، وربما كسر الآنية ، أو ضرب من ليس
له جريمة في ذلك .
3-الأمر بالأخلاق التي إذا تخلق بها المرء وصارت له عادة دفعت عنه الغضب عند
حصول أسبابه ، كالكرم والسخاء ، والحلم والحياء ، والتواضع والاحتمال ، وكف الأذى ،والصفح
والعفو، وكظم الغيظ والشر ، ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة ([3]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق