الحديث الرابع
والثلاثون
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال
: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده
، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان )).رواه مسلم .
أولاً: ترجمة الراوى:
هو سعد بن مالك بن سنان . أنصاري ،
مدني ، من صغار الصحابة وخيارهم . كان من المكثرين للرواية عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقيهًا مجتهدًا مفتيًا ممن بايعوا رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا تأخذهم في الله لومة لائم . شهد معه الخندق وما
بعدها .
انظر ترجمته فى :[ الإصابة للحافظ
ابن حجر 2 / 34 ، وسير أعلام النبلاء 3 / 114 ـ 117 ، والبداية والنهاية 9 / 4]0
ثانياً: إعراب الحديث:
« من » : اسم شرط مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ . خبره الجملة الشرطية بعده .
« رأى » : فعل ماضٍ مبني على الفتح
. والفاعل ضمير مستتر جوازاً . والجملة في محل جزم جواب الشرط .
« منكم » : جار ومجرور متعلقان برأى
.
«منكراً» : مفعول به منصوب علامة نصبه
الفتحة .
«فليغيره» : «الفاء» : واقعة في جواب
الشرط . اللام : « يغير » : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه السكون . والفاعل
ضمير مستتر جوازاً تقديره . والهاء ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به . والجملة
في محل جزم جواب الشرط .
«بيده» : « الباء » : حرف جر .
« يد » : اسم مجرور وهو مضاف والجار
والمجرور متعلقان بـ يغير .
الهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة
0
«فإن» : الفاء عاطفة إن حرف شرط جازم
.
« لم » : حرف جزم ونفي وقلب .
«يستطع» : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه
السكون . والفاعل مستتر جوازاً تقديره. «فبلسانه»: الفاء واقعة في جواب الشرط .
« بلسانه » : جار ومجرور متعلقان بمحذوف
. والضمير في لسانه مبني على الكسر في محل جر بالإضافة . والجملة خبر لمبتدأ محذوف
تقديره فالتغيير بلسانه . والجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط .
« فإن لم يستطع فبقلبه » : تعرب إعراب
الجملة السابقة .
« و » : حرف استئناف .
« ذلك » : اسم إشارة مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ .
«أضعف» : خبر مرفوع علامة رفعه الضمة
، وهو مضاف . «الإيمان»: مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة ([1]).
ثالثاً: مفردات الحديث:
رأى : علم .
منكم : معشر المسلمين المكلفين .
منكرا : شيئا قبحه الشرع فعلا وقولا
، ولو صغيرا.
فليغيره : فليزله .
بيده : حيث كان مما يزال بها ، ككسر
آلة لهو ، وآنية خمر .
فإن لم يستطع : الإنكار بيده ، لكون
فاعله أقوى منه ، ويلحقه الضرر بالتغيير باليد .
فبلسانه : بالقول : كالتذكير ، أو بالتوبيخ
.
فإن لم يستطع : ذلك بلسانه لوجود ما
نع ، كخوف فتنة ، أو خوف على نفس ، أو نحو ذلك .
فبقلبه : ينكره وجوبا بأن يكرهه به
، ويعزم أنه لو قدر يقول ، أو فعل لقال وفعل وذلك : الإنكار بالقلب .
أضعف الإيمان : أقله ثمرة([2])
.
رابعاً: ما يستفاد من الحديث:
يستفاد منه :
1-وجوب تغيير المنكر بكل ما أمكنه مما
ذكر ، فلا يكفي الوعظ لمن تمكنه إزالته بيده ، ولا القلب لمن تمكنه إزالته باللسان
.
2-أن الإنكار إنما يتعلق بتحقيق الشيء
، وليس على الآمر بالمعروف ، والناهي عن المنكر اقتحام الدور بالظنون ، إلا إذا أخبره
من يثق بقوله : أن رجلا خلا برجل ليقتله ، أو بامرأة ليزني بها ، أو نحو ذلك مما لا
يتدارك ، فإنه يجب عليه البحث خوف الفوات .
3-أن من قدر على خصلة من خصال الإيمان
، وفعلها أفضل ممن تركها عجزا ، كما يدل عليه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم في النساء
: أما نقصان دينها فإنها تمكث الأيام والليالي لا تصلي ، فدل على أن من قدر على الواجب
وفعله أولى ، وأفضل ممن تركه عجزا ، أو معذورا .
4-أن عدم إنكار المنكر بالقلب دليل
على ذهاب الإيمان منه ، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه : (( هلك من لم يعرف بقلبه
المعروف والمنكر )) ([3])
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق