الحديث الثامن والثلاثون
عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله تعالى
قال :من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته
عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع
به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني
لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه )). رواه البخاري .
أولاً:
ترجمة الراوى:
هو
عبد الرحمن بن صخر . من قبيلة دوس ، وقيل في اسمه غير ذلك . صحابي . راوية الإسلام
. أكثر الصحابة رواية . أسلم 7هـ وهاجر إلى المدينة . ولزم النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فروى عنه أكثر من خمسة آلاف حديث . ولاه أمير المؤمنين عمر
البحرين ، ثم عزله للين عريكته . وولي المدينة سنوات في خلافة بني أمية .
انظر
ترجمته فى :[ الأعلام للزركلي 4 / 80 ، و " أبو هريرة " لعبد المنعم
صالح العلي ]0
ثانياً:
إعراب الحديث:
«
من » : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، والجملة الشرطية من فعل الشرط
وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ .
«
عادى » : فعل ماضٍ مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر . والفاعل مستتر جوازاً تقديره
هو. والجملة في محل جزم فعل الشرط .
«
لي » : جار ومجرور متعلقان بـ عادى .
« ولياً » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
«
فقد » : الفاء واقعة في جواب الشرط ، وقد حرف تحقيق .
«
آذنته » : فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير متصل في محل رفع
فاعل والهاء ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به ، والجملة في محل جزم جواب الشرط
.
«بالحرب»
: جار ومجرور متعلقان بـ آذن .
«
وما » : الواو عاطفة وما نافية . «تقرّب» : فعل ماضٍ مبني على الفتح . «إلي» : جار
ومجرور متعلقان بـ تقرب .
«عبدي»
: عبد فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة وهو مضاف . الياء ضمير متكلم
مبني على السكون في محل جر بالإضافة « بشيء » : جار ومجرور متعلقان بـ يتقرب .
« أحب » : صفة لشيء مجرورة علامة جرها الفتحة لأنها
ممنوعة من الصرف للوصفية ووزن أفعل . «مما» : تعرب إعراب إليّ .
«افترضته»: تعرب إعراب آذنته . وجملة « افترضته عليه
» صلة الموصول
«
ما » لا محل لها من الإعراب
«
عليه »: جار ومجرور متعلقان بـ افترضته .
«و
» : حرف عطف
«
لا يزال » فعل مضارع من أخوات كان .
«عبدي»
: « عبد »: اسم لا يزال مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة
، وهو مضاف . والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة 0
«
يتقرب »: فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة ، فاعله مستتر جوازاً تقديره هو ، والجملة
في محل نصب خبر لا يزال 0
« إليّ »: جار ومجرور متعلقان بـ يتقرّب .
«
بالنوافل » : تعرب إعراب إليّ .
«
حتى » : حرف غاية .
«
أحبه » : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة علامة نصبه الفتحة . والفاعل مستتر
وجوباً تقديره أنا . والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به .
«
فإذا »: « الفاء » : استئنافية .
«
إذا » : أداة شرط غير جازمة، وهي ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه
.
«
أحببته » : « أحبّ » : فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والجملة في محل
جر بإضافة إذا إليها.
«
كنت »: كان فعل ماضٍ ناقص التاء اسمها مبنية على الضم في محل رفع « سمعه » : سمْع خبرها
منصوب علامة نصبه الفتحة وهو مضاف ، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة
.
«
الذي » : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة لسمْع ، به جار ومجرور متعلقان
بـ يسمع ، من قوله صلى الله عليه وسلّم : «وبصره الذي يبصر به » إلى « يمشي بها » ،
جمل معطوفة تعرب إعراب ما قبلها ، ولئن ، الواو حرف قسم واللام لام القسم وإن شرطية
. «سألني » : سأل فعل ماضٍ مبني على الفتح والنون للوقاية ، والياء ضمير متكلًم مبني
على السكون في محل نصب مفعول به .
«
لأعطينّه » : اللام واقعة في جواب القسم 0
«أعطي»
: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب.
والفاعل مستتر وجوباً تقديره أنا . والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول
به . والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب .
«
ولئن استعاذني لأعيذنه » : تعرب إعراب الجملة السابقة([1]).
ثالثاً:
مفردات الحديث:
عادى
: من المعاداة ضد الموالاة ، وفي رواية : ((من أهان))
وليا
: وهو العالم به ، المواظب على طاعته ، المخلص في عبادته .
آذنته
بالحرب : أعلمته بأني محارب له .
عبدي
: هذه الإضافة للتشريف .
يتقرب
إلي : يطلب القرب مني ، وفي رواية : ((يتحبب إلى))
بالنوافل
: التطوعات من جميع أصناف العبادات .
كنت
سمعه إلخ : المراد بهذا حفظ هذه المذكورات من أن تستعمل في معصية ، فلا يسمع ما لم
يأذن له الشرع بسماعه ، ولا يبصر ما لم يأذن له في إبصاره ، ولا يمد يده إلى شيء لم
يأذن له في مدها إليه ، ولا يسعى إلا فيما أذن الشرع في السعي إليه .
لأعطينه
: ما سأل .
ولئن
استعادني : بنون الوقاية وروي بباء موحدة تحتية , والأول أشهر .
لأعيذنه
: مما يخاف([2])
.
رابعاً:
ما يستفاد من الحديث:
يستفاد منه
:
1-أن الله سبحانه
وتعالى قدم الإعذار إلى كل من عادى وليا أنه قد آذنه بأنه محاربه بنفس المعاداة . ولا
يدخل في ذلك ما تقتضيه الأحوال في بعض المرات من النزاع بين وليين لله تعلى في محاكمة
أو خصومة راجعة لاستخراج حق غامض ، فإن هذا قد وقع بين كثير من أولياء الله عز وجل
.
2-أن أداء الفرائض
هو أحب الأعمال إلى الله تعالى ، وذلك لما فيها من إظهار عظمة الربوبية ، وذل العبودية
.
3-أن النافلة
إنما تقبل إذا أديت الفريضة ، لأنها لا تسمى نافلة إلا إذا قضيت الفريضة .
4-أن أولياء
الله تعالى هم الذين يتقربون إليه بما يقربهم منه ، فظهر بذلك بطلان دعوى أن هناك طريقا
إلى الولاية غير التقرب إلى الله تعالى بطاعاته التي شرعها .
5-أن من أتى
بما وجب عليه ، وتقرب بالنوافل وفقه الله بحيث لا يسمع ما لم يأذن به الشرع ، ولا يبصر
ما لم يأذن له في إبصاره ، ولا يمد يده إلى شيء لم يأذن له الشرع في مدها إليه ، ولا
يسعى إلا فيما أذن له في السعي إليه . وهذا هو المراد بقوله : (( كنت سمعه إلخ )) لا
ما يذكره الاتحادية و الحلولية . تعالى الله عن قولهم .
6-أن من كان
بالمنزلة المذكورة صار مجاب الدعوة .
7-أن العبد ولو بلغ أعلى الدرجات لا
ينقطع عن الطلب من ربه لما في ذلك من الخضوع له ، وإظهار العبودية([3]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق