الجمعة، 1 يوليو 2011

فى وداع الدكتور محمد حسن أبو يحيى

د. سامر القبج
في وداع الدكتور محمد حسن أبو يحيى ..
التاريخ:21/6/2011 - الوقت: 5:37م

أكثر ما يُدمي القلب فراق عالم، لأنه من ورثة الأنبياء، ولأنه منارٌ يضيء طريق السالكين، ومرجع للناس في أمور دينهم ودنياهم.
إذا مات عالِم، نقص الخير من العالَم، ولعل الله سبحانه لا يبدل الأرض بغيره في مثل علمه وورعه، وغالباً ما يكون البديل من أشباه العلماء طلاب دنيا لا طلاب دين، يبيعون دينهم بدنياهم فيكونوا سبب ضلال للناس بدل أن يكونوا لهم أسباب هدى.
يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من صدور الناس بعد أن يُعلمهم إياه، ولكن ذهابه قبض العلماء، فيتخذ الناس رؤوساً جُهّالاً يُسألون بغير علم فيضلون ويُضلون".
وكأن الله سبحانه يُعاقب العصاة من الناس فيرفع العلم من أرضهم، حتى يحكمهم الجهل وما أدراك ما يحصل إذا الجهل حكم؟
منذ أيام فقدنا العالم الجليل أبا أيمن الدكتور محمد حسن أبو يحي، فقد ذهب إلى جوار ربه في هذا الشهر الفضيل رجب الفرد، وأنعم به من جوار، فاضت روحه إلى بارئها وأنعم بها من مكان سارت إليه، ترك دنياه وألقابه وحمل معه علمه وعمله.
فما هي شهادة الناس به؟
كان صادق الوعد، وفياً بالعهد، كبيراً في نفسه وكبيراً في قلبه. كنا نسميه "البدوي الفقيه" إذ كان يحمل عمق الفقه وأصالته مع بساطة البدوي وصفاته.
ومع أنه كان ينتمي إلى عشيرة تُعد من أكثر العشائر البدوية جاهاً وعدداً، إلا أنه كان متواضعاً لا يفتخر إلا بدينه وشريعته، وما زلت أذكر عاطفته وهو يعامل طلابه كأبنائه، يحرص على تعليمهم وتوجيههم ورحمتهم والصفح عنهم.
قضى نصف عمره طالب علم في رحاب الأزهر الشريف مرجع أهل السنة، وتعلم فيه حتى حصل على جميع شهاداته العلمية وعاصر أكابر العلماء ونهل من معينهم أمثال محمد أبو زهرة ومحمود شلتوت وأحمد إبراهيم وعلي الخفيف وغيرهم.
ثم قضى النصف الثاني من عمره في تعليم الناس وطلاب العلم، وورَّث طلاب العلم عشرات الأبحاث والمؤلفات النافعة والمفيدة لأهل الاختصاص.
قضى جميع عمره محباً للعلم ولأهل العلم، ويكفيه شرفاً أنه قضى حياته كلها طالب علم وعالم ومتعلم ومحب، وقد استلم أبو أيمن مناصب إدارية ولكنه بقي أبو أيمن الفقيه المتواضع، يعامل الناس ببساطة وعفوية، منتهجاً سياسة الباب المفتوح والقلب المفتوح، لم يُضمر العداوة لأحد ولم يُضمرها له أحد.
رحم الله العالم الجليل أبا أيمن رحمة واسعة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ونفعنا الله والمسلمين بعلمه، ونسأله تعالى أن يكون علمه سبباً لاتصال عمله إنه سميع مجيب.
*قاضي شرعي أردني.

منقول من وكالة البوصلة للأنباء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق