الثلاثاء، 12 يونيو 2012

الأربعين النووية - الحديث التاسع والعشرون


الحديث التاسع والعشرون
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ، ويباعدني عن النار ، قال :
 (( لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله تعلى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، ثم قال _ ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثم تلا (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع _ حتى بلغ _ يعملون ))
ثم قال :(( ألا أخبرك برأس الأمر و عموده وذروة سنامه ؟ _ الجهاد _ ثم قال _ ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسانه وقال : كف عليك هذا ، قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم _ أو قال على مناخرهم _ إلا حصائد ألسنتهم )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح
أولاً: ترجمة الراوى:
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي ، أبو عبد الرحمن . صحابي جليل . إمام الفقهاء . وأعلم الأمة بالحلال والحرام . أسلم وعمره ثماني عشرة سنة . شهد بيعة العقبة ، ثم شهد بدرا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
جمع القرآن على عهد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وكان من الذين يفتون في ذلك العهد . بعثه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد غزوة تبوك قاضيًا ومرشدًا لأهل اليمن ، وفي طبقات ابن سعد أنه أرسل معه كتابا إليهم يقول فيه : " إني بعثت إليكم خير أهلي " قدم من اليمن إلى المدينة في خلافة أبي بكر ثم كان مع أبي عبيدة بن الجراح في غزو الشام . ولما أصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلف معاذا . وأقره عمر ، فمات في ذلك العام .
انظر ترجمته فى:[ الإصابة في تمييز الصحابة 3 / 426 ، وأسد الغابة 4 / 376 ، وحلية الأولياء 1 / 228 ، والأعلام 8 / 166]0


ثانياً: إعراب الحديث:
« أخبرني » : فعل أمر مبني على السكون . والنون للوقاية .
« الياء » : ضمير متكلم مبني على السكون في محل نصب مفعول به .
« بعمل » : جار ومجرور متعلقان بـ(أخبرني) .
« يدخلني » : « يدخل » : فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو .
« النون » للوقاية . «الياء» ضمير متكلم مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول .
« الجنة » : مفعول به ثان منصوب علامة نصبه الفتحة وجملة يدخلني الجنة في محل جر صفة لعمل .
« و » حرف عطف .
« يباعدني » : إعراب يدخلني .
 « عن النار » : جار ومجرور متعلقان بـ(يباعدني) .
« قال : تكرر إعرابها .
 « لقد » : اللام للقسم قد حرف تحقيق .
« سألت » : سال فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل . والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب .
« عن عظيم » : جار ومجرور متعلقان بـ(سأل) .
« و » : حرف عطف .
« إنه » : إن حرف توكيد ونصب .
« الهاء » : ضمير مبني على الضم في محل نصب اسم إنّ .
« ليسير » : «اللام» للتوكيد وهي اللام المزحلقة .
 « يسير » : خبر إنّ مرفوع علامة رفعه الضمة الظاهرة .
« على » : حرف جر .
«مَن» اسم موصول مبني على السكون في محل جر .
 « يسَّره » : يسر فعل ماضٍ مبني على الفتحة والهاء ضمير متصل مبني الضم في محل نصب مفعول به والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب
 « الله » : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة .
«تعالى » : فعل ما ض مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر .
« عليه » : جار ومجرور متعلقان بـ يسر .
« تعبد » . فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت .
« الله » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة . والجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف . « لا » : نافية . من قوله :
 « تشرك » إلى قوله : «البيت» تعرب إعراب تعبد الله .
 « ثم » : حرف عطف قال فعل ماضٍ مبني على الفتح .
«ألا» : حرف استفتاح للتنبيه .
«أدلك» : أدل فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة والفاعل مستتر وجوباً تقديره أنا والكاف ضمير خطاب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به . « على » : حرف جر .
« أبواب » اسم مجرور علامة جره الكسرة وهو مضاف .
« الخير » مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
«الصوم » : مبتدأ و خبر0
«جُنّة » : مرفوعان وهي جملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
« و » : حرف استئناف .
«الصدقة » إعراب الصوم .
« تطفئ » : فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هي والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ و جملة «الصدقة تطفئ » ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
 « الخطيئة » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
« كما » : الكاف حرف جر ما مصدرية .
«يطفئ » : فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة والجملة تؤول بمصدر تقديره كإطفاء .
« الماء » : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة .
« النار » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
« و » : حرف استئناف .
« صلاة » : إعراب الصوم وهي مضاف الرجل مضاف إليه مجرور . «في جوف» : جار ومجرور متعلقان بحال محذوف .
« الليل » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة ، ومن قوله صلى الله عليه وسلم :
« الصوم » إلى قوله : «صلاة» : تعرب في محل جر بدل من أبواب .
« ثم » : حرف عطف .
« تلا » : فعل ماضٍ مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر +تتجافى جنوبهم عن المضاجع" تتجافى فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر .
«جنوبهم » : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة وهو مضاف .
 «هم» : ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه .
« عن المضاجع » : جار ومجرور متعلقان بـ تتجافى ، والآية الكريمة في موضع نصب على المفعولية من تلا .
 « حتى » : حرف غاية .
«بلغ » : فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو .
«يعملون » : فعل مضارع مرفوع علامة رفعه ثبوت النون والواو
ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل . والجملة الفعلية في موضع نصب على المفعولية من بلغ .
« ثم قال ألا » : سبق إعرابها .
« أخبرك » : إعراب أدلك .
«برأس » : جار ومجرور متعلقان بأخبر ، وهو مضاف .
 « الأمر » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« وعموده » : معطوف على رأس مجرور مثله ، وهو مضاف الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة .
«وذروة سنامه» إعراب برأس الأمر . والهاء في سنامه في محل جر بالإضافة .
«قلت » : فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل .
« بلى » : حرف جواب في.
« يا رسول الله » : سبق إعرابها .
«قال » : سبق إعرابها .
« رأس » : مبتدأ وهو مضاف .
« الأمر » : مضاف إليه مجرور .
« الإسلام » : خبر مرفوع .
« وعموده الصلاة » : مبتدأ وخبر والهاء في عموده في محل جر بالإضافة . « وذروة » : مبتدأ وهو مضاف .
«سنامه » : مضاف إليه مجرور وهو مضاف والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر بالإضافة .
« الجهاد » : خبر مرفوع ، والجُمل من قوله صلى الله عليه وسلّم «رأس» إلى قوله : « الجهاد » في محل نصب مقول القول .
« ثم قال ألا أخبرك » سبق إعرابها .
 « بملاك » : جار ومجرور متعلقان بأخبرك وهو مضاف .
«ذلك» : اسم إشارة مبني على الفتح في محل جر بالإضافة .
 « كله »  توكيد لـ ذلك. مجرور وهو مضاف والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر بالإضافة .
«فقلت: بلى يا رسول الله» : « الفاء » : حرف عطف ، وما بعدها سبق إعرابه . «فأخذ » : الفاء حرف عطف أخذ فعل ماضٍ مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو .
« بلسانه » : جار ومجرور متعلقان بـ أخذ ، والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة .
«وقال» : تكرر إ عربها .
 «كف» : فعل أمر مبني على السكون وحرك بالفتح لأجل التضعيف ، والأصل اكفف ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت .
 « عليك » : جار ومجرور متعلقان بـ كف .
« هذا » : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به . والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول .
« قلت » : أعربت . « يا نبي الله» : إعراب «يا رسول الله » .
« وإنا لمؤاخذون » : الواو زائدة . « إنّ » : حرف توكيد ونصب واسمها نا المتكلمين المدغمة معها(إننا) 0
« لمؤاخذون » : اللام لام التوكيد وهي اللام المزحلقة .
 « مؤاخذون » : خبر إنّ مرفوع علامة رفعه الواو .
« بما » : اسم موصول جار ومجرور متعلقان بـ بمؤاخذون .
« نتكلم » : فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة والفاعل مستتر وجوباً تقديره نحن .
« به » : جار ومجرور متعلقان بـ نتكلم .
« فقال » : الفاء حرف عطف قال سبق إعرابها .
«ثكلتك » : « ثكل » فعل ماضٍ مبني على الفتح . التاء للتأنيث .
« الكاف ضمير خطاب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به .
« أمك» : فاعل مرفوع وهو مضاف الكاف ضمير خطاب مبني على الفتح في محل جر بالإضافة .
« وهل » : الواو زائدة هل حرف استفهام .
« يَكب » : فعل مضارع مرفوع بضمة ظاهرة .
 « الناس » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
« في النار » : جار ومجرور متعلقان بـ يكب .
« على » : حرف جر .
« وجوههم » : وجوه اسم مجرور وهم ضمير مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلقان بحال محذوفة.
« أو » : حرف عطف يفيد الشك .
« قال » : سبق إعرابها .
« على مناخرهم » : تعرب إعراب على وجوههم .
« إلا » : حرف استثناء مُلغى .
«حصائد » : فاعل مرفوع وهو مضاف .
« ألسنتهم » : مضاف إليه مجرور وهو مضاف .
« هم » ضمير مبني على السكون في محل جر بالإضافة([1])0





ثالثاً: مفردات الحديث:
لقد سألت عن عظيم : عن عمل عظيم ، لأن دخول الجنة والنجاة من النار أمر عظيم جدا ، لأجله أنزل الله الكتب ، وأرسل الرسل .
من يسره الله عليه : بتوفيقه إلى القيام بالطاعات على ما ينبغي .
تعبد الله : توحده .
على أبواب الخير : من النوافل ، لأنه قد دله على واجبات الإسلام قبل .
الصوم : الإكثار من نفله ، لأن فرضه مر ذكره قريبا .
جنة : بضم الجيم _ وقاية لصاحبه من المعاصي في الدنيا ، ومن النار في الآخرة .
الصدقة : نفلها ، لأن فرضها مر.
وصلاة الرجل في جوف الليل : يعني أنها تطفيء الخطيئة ، والمرأة مثل الرجل في ذلك ، وإنما خص الرجل بالذكر لغلبة الخير في الرجال ، أو لأن السائل رجل .
تلا : النبي صلى الله عليه وسلم ، ليبين فضل صلاة الليل .
تتجافى : تتنحى .
المضاجع : مواضع الاضطجاع للنوم .
ثم قال : النبي صلى الله عليه وسلم .
برأس الأمر : الذي سألت عنه .
ذروة : بضم الذال وكسرها _ الطرف الأعلى .
بملاك ذلك كله : بمقصوده وجماعه ، وما يعتمد عليك .
 والملاك بكسر الميم وفتحها .
فأخذ بلسانه: أمسك النبي صلى الله عليه وسلم لسان نفسه .
كف عليك : عنك . أو ضمن (( كف)) معنى أحبس .
ثكلتك : فقدتك . ولم يقصد رسول الله حقيقة الدعاء . بل جرى ذلك على عادة العرب في المخاطبات .
وهل : استفهام إنكار ، بمعنى النفي .
يكب : بضم الكاف _ يصرع .
الناس : أكثرهم .
حصائد ألسنتهم : ما يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه([2]).
رابعاً: ما يستفاد من الحديث:
يستفاد منه :
1-شدة اهتمام معاذ رضي الله عنه بالأعمال الصالحة .
2-أن الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة ، كما قال تعالى : ((وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون))
أما قوله صلى الله عليه وسلم : (( لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله ، فالمراد أن العمل بنفسه لا يستحق به أحد الجنة ، لولا أن الله جعله بفضله ورحمته سببا لذلك ، والعمل نفسه من فضل الله ورحمته على عبده ، فالجنة وأسبابها كل من فضل الله ورحمته .
3-أن التوفيق بيد الله عز وجل ، فمن يسر عليه الهداية اهتدى . ومن لم ييسر عليه ، لم ييسر له ذلك .
4-ترتب دخوله الجنة على الإتيان بأركان الإسلام الخمسة ، وهي : التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج .
5-فضل التقرب بالنوافل بعد أداء الفرائض .
6-أن الصدقة تكفر بها السيئات .
7-فضل الصلاة في جوف الليل .
8-أن الصلاة من الإسلام بمنزلة العمود الذي تقوم عليه الخيمة ، يذهب الإسلام بذهابها ، كما تسقط الخيمة بسقوط عمودها .
9-فضل الجهاد .
10- أن كف اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله ، فإن معصية النطق يدخل فيها الشرك الذي هو أعظم الذنوب عند الله عز وجل ، والقول على الله بغير علم ، وهو قرين الشرك وشهادة الزور والسحر والقذف والغيبة والنميمة ، وسائر المعاصي القولية . بل المعاصي الفعلية لا تخلو غالبا من قول يقترن بها يكون معينا عليها ([3]).



([1]) إعراب الأربعين النووية:جـ1صـ68-71 0
([2])التحفة الربانية: 30/1 0
([3])التحفة الربانية: 30/2 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق