الحديث الثامن والعشرون
عن أبي نجيح
العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله ، كأنها موعظة
مودع ، فأوصنا . قال : (( أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم
عبد ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليك بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين
، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة )) رواه أبو داود
والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
أولاً"
ترجمة الراوى:
هو عرباض بن
سارية ، أبو نجيح ، السُّلَمِي ، له صحبة . وهو من أهل الصفة . روى عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عبيدة بن الجراح . روت عنه ابنته أم حبيبة
، وكذلك روى عنه عبد الرحمن بن عمر السلمي ، وسويد بن جبلة السلمي ، وعمرو بن
الأسود العنسي ، وأبو أمامة الباهلي ، وعبد الرحمن بن عائذ وغيرهم . قال ضمضم بن
زرعة ، عن شريح بن عبيد : كان عتبة بن عبيد يقول : عرباض خير مني ، وعرباض يقول :
عتبة خير مني ، سبقني إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنة . قال أبو
بكر بن البُرْقيّ : له بضعة عشر حديثا .
انظر ترجمته فى:[ تهذيب التهذيب 7 / 174 ، وأسد
الغابة 3 / 399 ، وسير أعلام النبلاء 3 / 419 ، والاستيعاب 3 / 1238 ] .
ثانياً:
إعراب الحديث:
«
أوصيكم » : أوصي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها الثقل . والفاعل ضمير مستتر
وجوباً تقديره أنا .
« الكاف » : ضمير خطاب مبني على الضم في محل نصب
مفعول به . « بتقوى » : « الباء » :حرف جر
«تقوى»
: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة للتعذر وهو مضاف . «الله» : مضاف إليه مجرور
علامة جره الكسرة .
«
عز وجل » : فعلان ماضيان مبنيان على الفتح فاعلاهما ضميران مستتران جوازاً .
«
والسمع والطاعة » : معطوفان على تقوى مجروران بالكسرة الظاهرة . « و » : حرف عطف .
« تأمّر » : فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم
فعل الشرط .
«
عليكم » : جار ومجرور متعلقان بـ تأمّر .
« عبد » : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة ، وجواب الشرط
محذوف دل عليه ما قبله . أي : وإن تأمر عبد فاسمعوا وأطيعوا .
«
فإنه » : «الفاء» : واقعة في جواب شرط مقدر أي
«
إن عشتم فإنه ... » إلخ .
«
إنّ » : حرف توكيد ونصب واسمها ضمير الشأن أي فإن الشأن . . . «من يعش منكم» : إلخ
من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ .
«يعش » : فعل الشرط مجزوم علامة جزمه السكون منكم
جار ومجرور متعلقان بـ يعش .
«
فسيرى » : « الفاء » : واقعة في جواب الشرط .
« السين » : حرف تنفيس يرى جواب الشرط فعل مضارع
مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر والفاعل مستتر جوازاً تقديره هو .
«
اختلافاً » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
«
كثيراً » : صفة منصوبة .
«
فعليكم » : الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره « إن عشتم فعليكم » : عليكم اسم فعل
أمر أي الزموا .
«
بسنتي » : الباء حرف جر سنتي اسم مجرور علامة جره كسرة مقدرة منع من ظهورها اشتغال
المحل بحركة المناسبة وهو مضاف والياء ضمير متكلم مبني على السكون في محل جر بالإضافة
.
«
و » : حرف عطف .
«
سنة » : معطوفة على سنة الأولى مجرورة مثلها .
«
الخلفاء » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
«
الراشدين »: صفة مجرورة علامة جرها الياء
.
« المهديين» : صفة ثانية .
«
عضو »: فعل أمر مبني على حذف النون .
والواو
ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل .
«عليها
»: جار ومجرور متعلقان بـ عضو .
«
بالنواجذ »: جار ومجرور متعلقان بحال محذوفة .
«و» : حرف عطف .
«
إياكم » : ضمير مبني على السكون في محل نصب .
«
و » : حرف عطف .
«محدثات»
: معطوف على إياكم منصوب علامة نصبه الكسرة ؛ لأنه جمع مؤنث سالم وهو مضاف .
«
الأمور : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
«
فإن »: الفاء واقعة في جواب شرط مقدر . إن حرف توكيد ونصب . «كل» : اسم إن منصوب علامة
نصبه الفتحة ، وهو مضاف .
«
بدعة » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
«
ضلالة » : خبر إن مرفوع علامة رفعه الضمة([1]) .
ثالثاً:
مفردات الحديث:
وعظنا : نصحنا
وذكرنا .
موعظة : تنويها
للتعظيم ، أي موعظة جليلة .
وجلت : خافت
.
منها : من أجلها
.
ذرفت : سالت
بالدموع .
كأنها موعظة
مودع : فهموا ذلك من مبالغته صلى الله عليه وسلم في تخويفهم وتحذيرهم ، فظنوا أن ذلك
لقرب مفارقته لهم ، فإن المودع يستقصي ما لا يستقصي غير في القول والفعل .
فأوصنا : وصية
جامعة كافية .
بتقوى الله
: امتثال أوامره ،و اجتناب نواهيه .
والسمع والطاعة
: لولاة الأمور ، فيجب الإصغاء إلى كلام ولي الأمر ، ليفهم ويعرف ، وتجب طاعته .
فسيرى اختلافا:
في الأقوال والأعمال والاعتقادات .
فعليكم بسنتي
: الزموا التمسك بها ، وهي طريقته صلى الله عليه وسلم ، مما أصله من الأحكام الإعتقادية
والعملية الواجبة والمندوبة وغيرها .
الراشدين : الذين
عرفوا الحق واتبعوه ، والمراد بالخلفاء الراشدين : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي .
عضوا : بفتح
العين وضمها غلط .
بالنواجذ: أواخر
الأضراس .
رابعاً: ما
يستفاد من الحديث:
يستفاد منه
:
1-المبالغة في
الموعظة ، لما في ذلك من ترقيق القلوب ، فتكون أسرع إلى الإجابة .
2-الاعتماد على
القرائن في بعض الأحوال ، لأنهم إنما فهموا توديعه إياهم بإبلاغه في الموعظة أكثر من
العادة .
3-أنه ينبغي
سؤال الواعظ الزيادة في الوعظ والتخويف والنصح .
4-علم من أعلام
النبوة ، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بما يقع بعده في أمته من كثرة الاختلاف _ ووقع
الأمر كذلك .
5-الأمر بتقوى
الله والسمع والطاعة ، وفي هذه الوصية سعادة الدنيا والآخرة ، أما التقوى فهي وصية
الله للأولين والآخرين ، وأما السمع والطاعة فبهما تنتظم مصالح العباد في معاشهم ،
ويستطيعون إظهار دينهم وطاعاتهم .
6-التمسك بالسنة
والصبر على ما يصيب المتمسك من المضض في ذلك ، وقد قيل : إن هذا هو المراد بعض النواجذ
عليها .
7-أن الواحد
من الخلفاء الراشدين إذا قال قولا وخالفه فيه غيره كان المصير إلى قول الخليفة أولى
.
8-التحذير من ابتداع الأمور التي ليس لها أصل في الشرع ، أما ما كان مبنيا على
قواعد الأصول ومردودا إليها . فليس ببدعة ولا ضلالة([3]) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق