الثلاثاء، 12 يونيو 2012

الأربعين النووية - الحديث الثامن والعشرون


الحديث الثامن والعشرون
عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع ، فأوصنا . قال : (( أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليك بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة )) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
أولاً" ترجمة الراوى:
هو عرباض بن سارية ، أبو نجيح ، السُّلَمِي ، له صحبة . وهو من أهل الصفة . روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عبيدة بن الجراح . روت عنه ابنته أم حبيبة ، وكذلك روى عنه عبد الرحمن بن عمر السلمي ، وسويد بن جبلة السلمي ، وعمرو بن الأسود العنسي ، وأبو أمامة الباهلي ، وعبد الرحمن بن عائذ وغيرهم . قال ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد : كان عتبة بن عبيد يقول : عرباض خير مني ، وعرباض يقول : عتبة خير مني ، سبقني إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنة . قال أبو بكر بن البُرْقيّ : له بضعة عشر حديثا .
 انظر ترجمته فى:[ تهذيب التهذيب 7 / 174 ، وأسد الغابة 3 / 399 ، وسير أعلام النبلاء 3 / 419 ، والاستيعاب 3 / 1238 ] .
ثانياً: إعراب الحديث:
« أوصيكم » : أوصي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها الثقل . والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا .
 « الكاف » : ضمير خطاب مبني على الضم في محل نصب مفعول به . « بتقوى » : « الباء » :حرف جر
«تقوى» : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة للتعذر وهو مضاف . «الله» : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« عز وجل » : فعلان ماضيان مبنيان على الفتح فاعلاهما ضميران مستتران جوازاً .
« والسمع والطاعة » : معطوفان على تقوى مجروران بالكسرة الظاهرة . « و » : حرف عطف .
 « تأمّر » : فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط .
« عليكم » : جار ومجرور متعلقان بـ تأمّر .
 « عبد » : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة ، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله . أي : وإن تأمر عبد فاسمعوا وأطيعوا .
« فإنه » : «الفاء» : واقعة في جواب شرط مقدر أي
« إن عشتم فإنه ... » إلخ .
« إنّ » : حرف توكيد ونصب واسمها ضمير الشأن أي فإن الشأن . . . «من يعش منكم» : إلخ من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ .
 «يعش » : فعل الشرط مجزوم علامة جزمه السكون منكم جار ومجرور متعلقان بـ يعش .
« فسيرى » : « الفاء » : واقعة في جواب الشرط .
 « السين » : حرف تنفيس يرى جواب الشرط فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر والفاعل مستتر جوازاً تقديره هو .
« اختلافاً » : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
« كثيراً » : صفة منصوبة .
« فعليكم » : الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره « إن عشتم فعليكم » : عليكم اسم فعل أمر أي الزموا .
« بسنتي » : الباء حرف جر سنتي اسم مجرور علامة جره كسرة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة وهو مضاف والياء ضمير متكلم مبني على السكون في محل جر بالإضافة .
« و » : حرف عطف .
« سنة » : معطوفة على سنة الأولى مجرورة مثلها .
« الخلفاء » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« الراشدين »: صفة مجرورة علامة جرها الياء .
 « المهديين» : صفة ثانية .
« عضو »: فعل أمر مبني على حذف النون .
والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل .
«عليها »: جار ومجرور متعلقان بـ عضو .
« بالنواجذ »: جار ومجرور متعلقان بحال محذوفة .
 «و» : حرف عطف .
« إياكم » : ضمير مبني على السكون في محل نصب .
« و » : حرف عطف .
«محدثات» : معطوف على إياكم منصوب علامة نصبه الكسرة ؛ لأنه جمع مؤنث سالم وهو مضاف .
« الأمور : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« فإن »: الفاء واقعة في جواب شرط مقدر . إن حرف توكيد ونصب . «كل» : اسم إن منصوب علامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف .
« بدعة » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« ضلالة » : خبر إن مرفوع علامة رفعه الضمة([1]) .
ثالثاً: مفردات الحديث:
وعظنا : نصحنا وذكرنا .
موعظة : تنويها للتعظيم ، أي موعظة جليلة .
وجلت : خافت .
منها : من أجلها .
ذرفت : سالت بالدموع .
كأنها موعظة مودع : فهموا ذلك من مبالغته صلى الله عليه وسلم في تخويفهم وتحذيرهم ، فظنوا أن ذلك لقرب مفارقته لهم ، فإن المودع يستقصي ما لا يستقصي غير في القول والفعل .
فأوصنا : وصية جامعة كافية .
بتقوى الله : امتثال أوامره ،و اجتناب نواهيه .
والسمع والطاعة : لولاة الأمور ، فيجب الإصغاء إلى كلام ولي الأمر ، ليفهم ويعرف ، وتجب طاعته .
فسيرى اختلافا: في الأقوال والأعمال والاعتقادات .
فعليكم بسنتي : الزموا التمسك بها ، وهي طريقته صلى الله عليه وسلم ، مما أصله من الأحكام الإعتقادية والعملية الواجبة والمندوبة وغيرها .
الراشدين : الذين عرفوا الحق واتبعوه ، والمراد بالخلفاء الراشدين : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي .
عضوا : بفتح العين وضمها غلط .
بالنواجذ: أواخر الأضراس .
بدعة : وهي ما أحدث على خلاف أمر الشارع ، ودليله الخاص أو العام([2])
رابعاً: ما يستفاد من الحديث:
يستفاد منه :
1-المبالغة في الموعظة ، لما في ذلك من ترقيق القلوب ، فتكون أسرع إلى الإجابة .
2-الاعتماد على القرائن في بعض الأحوال ، لأنهم إنما فهموا توديعه إياهم بإبلاغه في الموعظة أكثر من العادة .
3-أنه ينبغي سؤال الواعظ الزيادة في الوعظ والتخويف والنصح .
4-علم من أعلام النبوة ، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بما يقع بعده في أمته من كثرة الاختلاف _ ووقع الأمر كذلك .
5-الأمر بتقوى الله والسمع والطاعة ، وفي هذه الوصية سعادة الدنيا والآخرة ، أما التقوى فهي وصية الله للأولين والآخرين ، وأما السمع والطاعة فبهما تنتظم مصالح العباد في معاشهم ، ويستطيعون إظهار دينهم وطاعاتهم .
6-التمسك بالسنة والصبر على ما يصيب المتمسك من المضض في ذلك ، وقد قيل : إن هذا هو المراد بعض النواجذ عليها .
7-أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولا وخالفه فيه غيره كان المصير إلى قول الخليفة أولى .
8-التحذير من ابتداع الأمور التي ليس لها أصل في الشرع ، أما ما كان مبنيا على قواعد الأصول ومردودا إليها . فليس ببدعة ولا ضلالة([3]) .


([1])إعراب الأربعين النووية: جـ1صـ66 وما بعدها0
([2])التحفة الربانية:29/1 0
([3])التحفة الربانية:29/2 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق