الثلاثاء، 12 يونيو 2012

الأربعين النووية - الحديث الرابع والعشرون

الحديث الرابع والعشرون
عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال :
(( يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي ، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي ، كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم و آخر كم ,و إنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي ، لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي لو أن أولكم واخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خير فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))
رواه مسلم .
أولاً: ترجمة الراوى:
قيل اسمه جندب بن جُنَادة بن قيس . من كبار الصحابة . مدحه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله : " ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء ، أصدق لهجة من أبي ذر " اعترض على معاوية ثم على عثمان في أشياء فنفاه عثمان من المدينة إلى الرَّبذة ، فمات بها وصلى عليه ابن مسعود . انظر ترجمته فى: [ تهذيب التهذيب 12 / 91 ] .
ثانياً: إعراب الحديث:
« يا »: حرف نداء .
« عبادي » : منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر .
«إني » : إن حرف توكيد ونصب الياء في محل نصب اسم إنّ .
« حرّمت » : فعل وفاعل في محل رفع خبر إنّ .
« الظلم » : مفعول به منصوب .
« على » : حرف جر .
« نفسي » : اسم مجرور بكسرة مقدرة وهو مضاف والياء ضمير متصل للمتكلم في محل جر بالإضافة .
«و» : حرف عطف.
«جعلته»: جعل فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير متكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول . «بينكم » : ظرف مكان مضاف والكاف ضمير خطاب مبني على الضم في محل جر بالإضافة .
« محرماً » : مفعول ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الفتحة .
« فلا تظالموا » : الفاء حرف عطف يفيد الترتيب والتعقيب .
« تظالموا » : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وأصله بتائين (تتظالموا) كقوله تعالى:وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة : 2]
« يا عبادي » : سبق إعرابها .
« كلكم» : كل مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف والكاف ضمير خطاب مبني على الضم في محل جر بالإضافة .
« ضال» : خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة .
« إلا» : حرف استثناء .
« من» : اسم موصول في محل نصب على الاستثناء هديته هدى فعل ماضٍ مبني على فتح مقدر منع من ظهورها التعذر . وحُرّك بالسكون لمنا سبة ضمير المتكلم ، والضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل ، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به .
« فاستهدوني » : الفاء حرف عطف .
« استهدوا » : فعل أمر مبني على حذف النون والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والنون للوقاية والياء ضمير متكلم مبني على السكون في محل رفع فاعل .
«أهدكم » : أهدِ فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب علامة جزمه حذف حرف العلة . والكاف ضمير مخاطبين0
مبني على الضم في محل نصب مفعول به .
 « يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته » إلى قوله تعالى
« أكسكم » : تعرب إعراب
« يا عبادي كلكم ضال » إلخ .
« يا عبادي » : سبق إعرابها 0
« إنكم » : «إنّ » : حرف توكيد ونصب الكاف ضمير مبني على الضم في محل نصب اسم إن .
« تخطئون » : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والجملة في محل رفع خبر إن .
«بالليل » : الباء حرف جر الليل اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهما متعلقان بـ (تخطئون) والنهار معطوف على الليل مجرور مثله . وجملة « بالليل والنهار » في محل نصب حال .
« و » : واو الحال أنا ضمير متكلم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
« أغفر » : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا والجملة في محل رفع خبر المبتدأ وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال .
« الذنوب » : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة .
«جميعاً » : حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة .
« فاستغفروني أغفر » : تعرب إعراب فاستهدوني أهدكم إلا أنّ أغفر علامة جزمه السكون .
«يا عبادي إنكم» : سبق إعرابها .
« لن » : حرف نصب .
« تبلغوا » : فعل مضارع منصوب علامة نصبه حذف النون الواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل .
«ضري » : ضر مفعول به منصوب علامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة وهو مضاف والياء ضمير متكلم في محل جر مضاف إليه .
«فتضروني » : الفاء حرف عطف تضروني فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والنون للوقاية الياء ضمير مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
« و» : حرف عطف .
« لن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي » : تعرب إعراب الجملة السابقة .
« لو أن أولكم » : حرف شرط غير جازم وهو حرف امتناع لامتناع أن حرف توكيد ونصب أول اسم إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف الكاف ضمير مخاطب مبني على الضم في محل جر والميم للجمع .
«و»: حرف عطف آخركم معطوف على أول منصوب مثلها الكاف والميم كما سبق ،
و«إنسكم وجنكم» إعراب آخركم .
« كانوا» : كان فعل ماضٍ ناقص يرفع المبتدأ وينصب الخبر الواو ضمير مبني على السكون في محل رفع اسم كان .
« على »: حرف جر .
« أتقى»: اسم مجرور علامة جره كسرة مقدرة منع من ظهورها التعذر وهو مضاف ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر كان .
«قلب»: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف رجل مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« واحد »: صفة مجرورة علامة جرها الكسرة .
«منكم» : من حرف جر الكاف ضمير مبني على الضم في محل جر والميم للجمع والجملة في محل جر صفة لما قبلها .
«ما» : نافية.
«زاد» : فعل ماضٍ مبني على الفتح وهو جواب الشرط .
« ذلك » : اسم إشارة مبني على الفتح في محل رفع فاعل .
« في » : حرف جر .
« ملكي »: اسم مجرور وعلامة جره كسرة مقدرة لحركة المناسبة ومُلْك مضاف والياء ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه
«شيئاً»: مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة . من
« يا عبادي » إلى «جنكم» الثانية تعرب كما سبق .
« قاموا » : قام فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة . « و » : الواو : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل وهو جواب الشرط 0
« في» : حرف جر .
« صعيد »: اسم مجرور علامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلقان بـ(قاموا) .
 والجار والمجرور في محل نصب حال .
« واحد » : صفة مجرورة لصعيد .
« فسألوني » : الفاء حرف عطف سألوا إعراب قاموا والنون فيها للوقاية والياء مفعول به .
« فأعطيت » : الفاء عاطفة أعطيت أعطى فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل .
« كل » : مفعول به أول وهو مضاف واحد مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« مسألته» : مفعول ثان وهو مضاف والهاء ضمير مبني على الضم في محل جر بالإضافة .
« ما نقص ذلك» : إعراب ما زاد ذلك السابقة .
« مما»: من حرف جر ما اسم موصول مبني على السكون في محل جر .
« عندي»: عند ظرف مكان منصوب على الظرفية وهو مضاف والياء ضمير متكلم مبني على السكون في محل جر بالإضافة وشبه الجملة (الظرف) لا محل له من الإعراب صلة الموصول .
 «إلا»: أداة استثناء .
« كما»: الكاف حرف جر ما مصدرية
« ينقص » فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة ويؤول بمصدر مع ما تقديره (كنقص) .
 « المخيط » فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة .
« إذا » : أداة شرط غير جازمة وهي ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه .
« أدخل » : فعل ماضٍ مبني على الفتح مبني للمجهول .
 البحر مفعول به ثان منصوب علامة نصبه الفتحة .
 « يا عبادي » : سبق إعرابها .
« إنما » : كافة ومكفوفة .
« هي » : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ .
« أعمالكم » : أعمال خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف والكاف ضمير مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم للجمع .
« أحصيها» : أحصي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها الثقل والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا والهاء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به .
« لكم » : اللام حرف جر الكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل جر والميم علامة الجمع ثم حرف عطف .
« أوفيكم » : أوفي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر .
والكاف ضمير خطاب مبني على الضم في محل نصب مفعول أول والميم للجمع .
« إياها » : ضمير منفصل في محل نصب مفعول ثان .
« فمن : الفاء استئنافية .
« من اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
« وجد » : فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم اسم الشرط والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو .
«خيراً» : مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة .
«فليحمد» : الفاء واقعة في جواب الشرط واللام للأمر يحمد فعل مضارع مجزوم والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو الله مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة والجملة الشرطية في محل رفع خبر المبتدأ .
« ومن وجد » : تعرب إعراب الأولى .
« غير » : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف «ذلك» : ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة ، واللام للبعد ، والكاف حرف خطاب .
« فلا » : الفاء واقعة في جواب الشرط .
« لا » : ناهية تجزم الفعل المضارع.
« يلومن » : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون فاعله مستتر جوازاً وحُرك بالفتح لأجل نون التوكيد .
«إلا » : حرف استثناء .
«نفسه» : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر([1]) .
ثالثاً: مفردات الحديث:
حرمت : منعت .
الظلم : وهو لغة وضع الشيء في غير موضعه .
على نفسي : فضلا مني ، وجود و إحسانا إلى عبادي ، فلا أعاقب البريء على ما لم يفعل من السيئات ، ولا أعاقب أحدا بذنب غيره ، ولا أنقص المحسن شيئا من جزاء حسناته ، ولا أحكم بين الناس إلا بالعدل والقسط .
وجعلته بينكم محرما : حكمت بتحريمه عليكم .
فلا تظالموا : بتشديد الظاء وبتخفيفها أصله تتظالموا ، لا يظلم بعضكم بعضا .
كلكم ضال : عن الحق لو ترك ، وما يدعوا الطبع من الراحة وإهمال الشرع .
إلا من هديته : وفقته لا متثال الأمر واحتناب النهي .
فاستهدوني : اطلبوا مني الدلالة على طريق الحق والإيصال إليها .
أهدكم : أنصب لكم أدلة ذلك الواضحة ، وأوفقكم لها .
فاستطعموني : اطلبوا مني الطعام .
تخطئون : بضم التاء على الرواية المشهورة ، وروي بفتحها وفتح الطاء :   تأثمون .
وأنا أغفر الذنوب جميعا : غير الشرك وما لا يشاء مغفرته .
فاستغفروني : سلوني المغفرة ، وهي ستر الذنب ومحو أثره . وأمن عاقبته
قاموا في صعيد واحد : في أرض واحدة ومقام واحد .
المخيط : بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الياء _ الإبرة .
أحصيها : أضبطها وأحفظها بعلمي وملائكتي .
أوفيكم إياها : أعطيكم جزاءها وافيا تاما .
فمن وجد خيرا : ثوابا ونعيما بأن وفق لأسبابهما . أو حياة طيبة هنيئة .
فليحمد الله : على توفيقه للطاعات التي ترتب عليها ذلك الخير والثواب ،  فضلا منه ورحمة .
غير ذلك : شرا .
فلا يلومن إلا نفسه : فإنها آثرت شهواتها على رضا رازقها ، فكفرت بأنعمه ، ولم تذعن لأحكامه ([2]).








رابعاً: ما يستفاد من الحديث:
يستفاد منه :
1-تحريم الظلم ، وذلك متفق عليه في كل ملة ، لاتفاق سائر الملل على مراعاة حفظ النفس والأنساب والأعراض والعقول والأموال ، والظلم يقع في هذه أو بعضها ، وأعظم الظلم الشرك ، قال تعالى : (إن الشرك لظلم عظيم) .
2-وجوب الإقبال على المولى في جميع ما ينزل بالإنسان لافتقار سائر الخلق إليه وعجزهم عن جلب منافعهم ودفع مضارهم إلا بتيسيره .
فيجب إفراده بأنواع العبادة : من السؤال والتضرع والاستعانة وغيرها ، فإنه المتفرد بخلق العبد وبهدايته وبرزقه ، وإحيائه وإماتته ، ومغفرة ذنوبه .
3-كمال فعله تعالى لتنزيهه عن الظلم وكمال ملكه فلا يزاد بالطاعة ولا ينقص بالمعاصي . وكما غناه فإن خزائنه لا تنفد ولا تنقص بالعطاء . وكمال إحسانه إلى عباده فإنه يجب أن يسألوه جميع مصالحهم الدينية والدنيوية كما يسألونه الهداية والمغفرة ، فله تعالى الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله .
4-أن الأصل في التقوى والفجور هو القلوب ، فإذا بر القلب وأتقى برت الجوارح ، وإذا فجر القلب فجرت الجوارح .
5-أن الخير كله من فضل الله تعالى على عباده من غير استحقاق ، والشر كله من عند ابن آدم من إتباع هوى نفسه ([3]).


([1])  إعراب الأربعين النووية:جـ1صـ53-55 0
([2])التحفة الربانية:25/2 0
([3])التحفة الربانية: 25/3 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق