الخميس، 22 ديسمبر 2022

التجديد الفقهي ضرورة عصرية

 

التجديد الفقهي ضرورة عصرية

لقد أصبح التجديد الفقهي ضرورة عصرية، فمع تقدم العصر، وظهور الثورة المعلوماتية والتقدم التكنولوجي، كان من الواجب على الباحثين والفقهاء أن يسعوا للتجديد الفقهي من خلال بحوثهم ودراساتهم، وأن تكون المادة الفقهية بأسلوب علمي ميسر يناسب العصر الذي نعيشه.

لذلك بات التجديد في الكتابات الفقهية من ضروريات العصر إذ لا يعقل أن يؤلف أحدهم كتابًا فقهيًا ويذكر الأوزان والمقادير بالأسلوب الفقهي القديم الذي نص عليه الفقهاء في كتبهم، كالصاع مثلا في الزكاة، والدينار من الذهب، والدراهم من الفضة في مقادير الديات، بل يجب عليه أن يبين ويوضح هذه الأمور بالأوزان المعاصرة من باب التيسير على الناس، وتسهيل العلم ووسائله للطلاب، ولأن هذا أيضا ضرورة عصرية.

ومن ذلك أيضا الإغراق في تعريف المصطلحات الفقهية من كتب المذاهب الفقهية دون أن يبين ويوضح التعريف المختار أو الراجح منها، وشرحه وبيانه.

كذلك أيضًا أن يسعى الفقهاء إلى حسن الصياغة العلمية للمادة الفقهية بأسلوب سهل ميسر يتناسب مع العصر الذي نعيشه، بعيدًا عن الاختلافات الفقهية والآراء الكثيرة والأدلة والاعتراضات والمناقشات الواردة على الأدلة، والتي محلها قاعات الدرس، والتأليف الفقهي المتخصص لفئة معينة من الدارسين للفقه المقارن، وأما عامة الناس وطلاب العلم فهم  بحاجة إلى الفقه المصفى الذي يناسبه ويناسب العصر الذي يعيش فيه، والذي إن قرأ فيه تبين له الحكم الفقهي بكل سهولة ويسر.

هذا وغيره خطوة على طريق التجديد الفقهي الذي أصبح ضرورة عصرية.

وفق الله الجميع، والحمد لله رب العالمين

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية

جامعة الأزهر الشريف


مراعاة الزمان ومتغيراته في التدريس والتأليف

 

مراعاة الزمان ومتغيراته في التدريس والتأليف

إن الناظر في حال المناهج والمؤلفات التي تدرس في مراحل التعليم المختلفة يجد أنها تختلف عما كان في السابق، وذلك من حيث أسلوب الكتابة والعرض، وكذلك المادة والمحتوى العلمي، وطريقة التدريس وأساليبه واستراتجياته المختلفة. فما يؤلف للطالب المبتدئ لا بد أن يختلف عما يؤلف للطالب المتوسط، وكذلك الطالب في مراحل التعليم المتقدمة.

ولذلك كان فقهاء السلف يراعون هذا الأمر في مصنفاتهم، ومن ذلك ما فعله العلامة الفقيه ابن قدامة المقدسي رحمه الله حيث كتب العدة للمبتدئين . ثم المقنع لمن ارتقى عن درجة المبتدئين، ولم يصل إلى درجة المتوسطين. ثم الكافي للمتوسطين. ثم ألف المغني لمن ارتقى عن درجة المتوسطين، وهو في فقه الخلاف العالي، وما يعرف بالفقه المقارن كما في جامعة الأزهر الشريف والجامعات الإسلامية الأخرى.

وهكذا كان دأب علماء السلف في سائر العلوم والفنون، حيث كانت هناك المتون ثم المتون والحواشي والشروح وهكذا حسب طبيعة كل عصر.

وقد جاء عن بعض السلف: أن العالم الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، وقيل: إن طعام الكبار سم الصغار، ولذلك لا بد من مراعاة هذا الأمر في مناهج التعليم في مراحله المختلفة، فما يناسب مرحلة قد لا يناسب أخرى، وما يكتب في زمان قد لا يناسب حال العصر الذي نعيش فيه، وما يناسب طلاب الزمن الماضي، غير ما يناسب طلاب الزمن الحاضر والمستقبل، وهكذا...

فالواجب علينا هو أن تكون المعرفة بوسائلها المختلفة مناسبة لحال العصر ومتغيراته.

وفق الله الجميع، والحمد لله رب العالمين.

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية

 جامعة الأزهر الشريف

#كتاب_ قرأناه_ لك_ في نور القرآن الكريم، للأستاذ الدكتور/ محمد نبيل غنايم

 

#كتاب_ قرأناه_ لك_

في نور القرآن الكريم، للأستاذ الدكتور/ محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة

سعدت بالأمس بزيارة شيخي وأستاذي العالم الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة حفظه الله تعالى ونفع به الإسلام والمسلمين اللهم آمين، ومما زاد سعادتي أن أخبرني شيخي بانتهائه من طباعة هذا التفسير القيم للقرآن الكريم، والذي ظل يعمل فيه طوال خمس سنوات حتى يسر الله تعالى خروجه للنور منذ أيام، وقد سعدت أكثر بإهداء شيخي حفظه الله تعالى- نسخة من هذا الكتاب.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب يقع في ثلاثة مجلدات من القطع الكبير، وهو من مطبوعات دار الهداية للنشر والتوزيع بالقاهرة، الطبعة الأولى 1444هـ- 2022م.

وقد جاء هذا الكتاب والتفسير القيم لكتاب الله تعالى في ثلاثة أجزاء، حيث اشتمل الجزء الأول على مقدمة بيّن فيها المؤلف أهمية الكتاب والباعث على تأليفه، ومنهجه فيه، ثم تناول التفسير في هذا الجزء من بداية سورة الفاتحة وحتى آخر سورة هود، ويقع هذا الجزء 496 صفحة، وفي الجزء الثاني تناول من سورة يوسف وحتى آخر سورة الصافات، ويقع هذا الجزء 496 صفحة، وفي الجزء الثالث تناول من سورة ص إلى آخر سورة الناس، وفي نهاية هذا الجزء تناول بعض الأمور المتعلقة بعلوم القرآن الكريم، ويقع هذا الجزء في 487 صفحة.

وأما عن مكانة هذا الكتاب والباعث على تأليفه فيقول أستاذنا الدكتور/ محمد نبيل غنايم حفظه الله- في مقدمته: "كنت قد قمت بكثير من الأحاديث الإذاعية في بيان معاني بعض آيات القرآن الكريم، وقمت بسلسلة من الأحاديث الإذاعية في بيان فقه النداء في القرآن الكريم تربو على خمسمائة حديث وأصدرتُ بعض الكتب الدراسية لطلاب الجامعة في تفسير بعض سور وبعض آيات القرآن منها: سورة الأحزاب، وآيات اليتامى، وآيات الميراث والوصية.

ثم يقول: "وصدر من ذلك: دراسات في التفسير، من فقه القرآن الكريم في اليتامى والوصية والميراث، وبحوث ونماذج من التفسير الموضوعي لعشرة موضوعات منوعة من موضوعات القرآن الكريم، إلا أنني أحسست أن هذه الجهود مبعثرة ولا تخدم القرآن الكريم وأهله الخدمة المناسبة، لذلك استخرت الله تعالى ورجوته أن يعينني على إعداد وإصدار عمل كامل في خدمة القرآن الكريم كله وأهله المتخصصين والعامة؛ وقد أعانني الله تعالى على ذلك ووفقني في إنجازه في أحب البلاد إلى الله وأفضلها في الأرض: مكة المكرمة؛ حيث البيت الحرام والكعبة المشرفة، وذلك حين أكرمني بالإعارة إليها والعمل في جامعة أم القرى في الفترة من 1417ه- 1997م إلى 1422هـ- 2002م في قسم الدراسات العليا الشرعية في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وعلى مدار السنوات الخمس كان التواصل مع هذا العمل الطيب حتى تم إنجازه بحمد الله تعالى وتوفيقه على هذه الصورة التي اعتقد أنها جيدة؛ لأنها تحافظ على النص القرآني برسمه العثماني؛ لمن يريد قراءة القرآن فحسب ونرفق به بيانًا موجزًا لمعاني المفردات لمن يصعب عليه فهم بعض الألفاظ، ثم تردف ذلك بالمعنى العام الإجمالي الموجز لمجموعة من الآيات؛ وذلك كله تحت عنوان عام يفصح عن المضمون العام دون قراءته".

ثم قال حفظه الله-: "واستكمالًا للفائدة اتبعت ذلك بأسباب النزول لبعض الآيات التي ذكرت كتب التفاسير الكثير منها، وخدمة أخرى للقرآن الكريم وأهله أضفت ملخصًا لبيان بعض علوم القرآن لتعريف القارئ الكريم بأهم هذه العلوم: كالمكي والمدني، والمحكم والمتشابه، والخاص والمطلق والمقيد...إلى غير ذلك".

وأما عن منهجه في تخريج الأحاديث والآثار الواردة في هذا الكتاب فقد نص عليه في المقدمة أيضًا، وذلك كما يلي:

1.التقيد بلفظ الخبر. فلربما أعزو لفظ الحديث لما هو دون الصحيحين في الرتبة، مع وجود معنى الحديث أو أصله في أحدهما.

2. عدم التوسع في ذكر مصادر التخريج، فأكتفي بذكر مصدر واحد من مصادر التخريج، ولا أعدوه إلى غيره إلا قليلًا، ويكون هذا المصدر هو الذي تطابق لفظه مع لفظ الخبر الوارد.

3. إن كان لفظ الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بعزو الحديث لهما.

4. وإن لم أجده في الصحيحين، بحثت في باقي مصادر التخريج الحديثية من كتب السنن والمسانيد والمستدركات والمعاجم...إلخ.

5. فإن عجزت عن الوقوف على لفظ الحديث فيما سبق، بحثت عن الحديث في كتب التفاسير المسندة فإن لم أجد فتشت عنه في كتابي الإمام السيوطي رحمه الله- "لباب النقول"، و"الدر المنثور في التفسير بالمأثور".

وأما عن الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين ومن بعدهم فقد كان منهجه فيها كما بينه في المقدمة كما يلي:

1.    أقصد مباشرة كتب التفاسير المسندة، وإلا فكتابي السيوطي رحمه الله- السابقة الذكر.

2.    كان الهدف هو توثيق المادة الحديثية عن طريق تخريج الأخبار.

3.    ولربما أشفع تخريج الحديث بذكر درجته، وذلك في حالة ورود الحديث عن السنن والمستدركات والمعاجم.

4.  فأتبع تخريج الحديث في مستدرك الحاكم بذكر حكم الإمام الحاكم رحمه الله- عليه، وتعليق الإمام الذهبي-رحمه الله- على ذلك الحكم.

5.    وأتبع ذكر الحديث في سنن الترمذي، بذكر حكم الإمام الترمذي رحمه الله- على إسناده.

6.    وأتبع ذكر الحديث في معجم الطبراني، بذكر حكم الإمام الهيثمي رحمه الله- عليه في كتابه "مجمع الزوائد".

ومما يمتاز به هذا التفسير أن أستاذنا الدكتور/ محمد نبيل غنايم حفظه الله- ختمه ببعض الأمور الهامة المتعلقة بعلوم القرآن الكريم، ومن ذلك بيان فضل القرآن الكريم، وأسماؤه وأسماء سوره، وعدد سوره وكلماته وحروفه، وكيفية نزوله، والكلام عن أول ما نزل من القرآن الكريم، وآخر ما نزل منه، والمكي والمدني، والنزول في الظروف المتعددة، وما تكرر نزوله من القرآن، وأسباب نزوله، وفواتح سور القرآن الكريم وخواتيمها، وجمعه وترتيبه، وُحفاظه ورواته، وآداب تلاوته، والوقف والابتداء، والمد والقصر، وتجويد القرآن الكريم، وكتابته وخطه، وخواص القرآن، وإعجازه، والعلوم المستنبطة منه، وأقسامه، وتفسيره وتأويله، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والمطلق والمقيد، وترجمة القرآن الكريم.

ومن خلال ما تقدم من هذا العرض الموجز لهذا الكتاب القيم لأستاذنا الدكتور/ محمد نبيل غنايم حفظه الله- حول تفسير القرآن الكريم يتبين لنا مدى أهميته للمتخصصين والعامة؛ وذلك لما يتميز به من أسلوب علمي رصين، وسهولة ويسر في العرض والتقديم، وكذلك أيضًا اللغة العلمية الميسرة التي كُتب بها هذا التفسير القيم، مع توثيق الأحاديث والآثار وأسباب النزول الواردة في تفسير آيات القرآن الكريم، ولعله يكون فاتحة خير على الباحثين وطلاب الدراسات العليا للاستفادة منه في خدمة علم التفسير، وتقديم دراسات مفيدة لطلاب العلم في كل مكان في التفسير واتجاهاته.

والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية

جامعة الأزهر الشريف.

 

 

 

علم أصول الفقه والتدريس المنشود

 

خاطرة سريعة

علم أصول الفقه والتدريس المنشود

يشتكي الطلاب من صعوبة مادة أصول الفقه، حتى قال بعضهم:  إنها مادة عقيمة وجافة، وفي الحقيقة أن هذا الكلام ربما ليس على إطلاقه، لكن ربما يحتاج إلى إعادة نظر وتدقيق ونظرة فاحصة ووقفة تأملية مع هذا العلم المبارك علم أصول الفقه، والذي يعد من علوم الآلة، والتي يلزم على الفقيه الإلمام بها ودراستها دراسة جيدة؛ حتى يحسن التعامل مع الأدلة والنصوص الشرعية.

ومن وجهة نظري المتواضعة ربما يكون حل صعوبة هذه المادة بعدة أمور منها:

١. أن يحرص المعلم على عرض المادة العلمية أولا بطريقة إجمالية سهلة مبسطة بعيدا عن الخلاف الأصولي المذكور في كتب التراث القديم.

٢. بعد أن يتدرج الطالب في فهم وإتقان أساسيات العلم يبدأ بعد ذكر بعرض الخلاف الأصولي في المسائل وبيان ثمرتها والفائدة المرجوة منها.

٣.العناية بكثرة الأمثلة التوضيحية في التأليف الأصولي المعاصر، وكذلك أثناء التدريس، وأن تكون هذه الأمثلة بطريقة واضحة ومفهومة، ولا سيما إذا كانت من القضايا والنوازل المعاصرة، فكما قالوا: بالمثال يتضح المقال.

٤.الاستعانة في التدريس بالكتب الأصولية المعاصرة الذي كتبها العلماء الأفذاذ في هذا التخصص، ثم بعد ذلك يكون التدرج في كتب التراث، لا أن يبدأ الطالب بكتب التراث فربما حصل الملل والخمول ثم بعد ذلك ربما ترك هذا العلم ونفر منه.

٥.الاستعانة بالوسائل الحديثة في التدريس، وابتكار الطرق والمناهج المعاصرة في تدريس هذا العلم، ومن ذلك الخرائط الذهنية، والرسوم التوضيحية، واتباع استراتيجيات التدريس والتعلم من العصف الذهني، والحوار، والمناقشة، وغيرها.

كانت هذه إشارات سريعة نأمل أن تجد صدى عند المتخصصين في هذا العلم المبارك، وأن يجد الطلاب الأسلوب السهل الميسر في دراسة علم أصول الفقه الإسلامي الذي لا غنى عنه لطلاب الشريعة والدراسات الإسلامية بصفة عامة، و الباحثين والفقهاء والمتشغلين بالفتوى بصفة خاصة.

والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل

والحمد لله رب العالمين

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية

جامعة الأزهر الشريف

#كتاب_قرأناه_ لك_ المدخل لدراسة الفقه الإسلامي

 #كتاب_قرأناه_ لك_
المدخل لدراسة الفقه الإسلامي
هذا الكتاب من تأليف العلامة الفقيه الفيلسوف الأستاذ الدكتور/ محمد يوسف موسى- رحمه الله-، وهو من مطبوعات دار الفكر العربي بالقاهرة، 1430هـ- 200م، ويقع هذا الكتاب في 235 صفحة من القطع الكبير.
يقول المؤلف في مقدمته للطبعة الأولى لهذا الكتاب: "وبعد: فقد اشتد الاهتمام في هذه السنوات بالفقه الإسلامي، وتزيد، من وقت إلى آخر، العناية بدراسته في الأوساط الجامعية؛ ومن آيات ذلك تقرير دراسة كثير من أقسامه وأبوابه لطلاب القانون، وإقبال عدد غير قليل من طلاب الدكتوراه في القانون على كتابة رسائلهم في موضوعات فقهية إسلامية، أصالة أو بطريق المقارنة. كما قويت الدعوة إلى أن تقوم نهضتنا في التشريع والقانون، في مصر وفي غير مصر، على أسس قوية من الفقه الإسلامي، وبخاصة فقه كتاب الله المحكم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة".
ثم يبين المؤلف –رحمه الله- بعد ذلك في مقدمته مدى الحاجة إلى دراسة مدخل للفقه الإسلامي فيقول: "ونعتقد أنه لا سبيل لذلك إلا بدراسة هذا الفقه الخالد دراسة الفقه الخالد دراسة صحيحة على أسس علمية سليمة، وحسب منهج علمي قوم يصل بنا إلى ما نريد. ومن ثم، رؤي أنه لا بد من "مدخل" لهذا الفقه يعرُّف به ويبين خصائصه وما امتاز به على ضروب الفقه الأخرى، كما يبين أسسه وأصوله التي يقوم عليها، وتاريخه الذي اتخذه في نشأته وتطوره خلال العصور، وأهمَّ قواعده التي يقوم عليها ما نسميه "المعاملات"، هذه المعاملات التي يدرس أكثر نواحيها "القانون المدني" هذه الأيام، وهكذا إلى آخر البحوث والموضوعات التي يجب أن يشملها المدخل...".
وقد اشتمل هذا الكتاب على خمسة فصول:
 حيث تناول في الفصل الأول: التعريف بالشريعة والفقه، ونشأة الفقه وتدرجه، حيث بيّن:"أن الفقه الإسلامي مثله مثل كل كائن حي مادي أو معنوي، لا ينشأ من لا شيء، ولا يبلغ كماله طفرة واحدة، بل ينشأ من شيء موجود سابق عليه، ويأخذ في السير متدرجًا في مراتب الحياة والوجود، حتى يبلغ أقصى ما يقدر له من نضج وكمال، ثم ينال منه الزمن وأحداثه حتى يدركه الهرم"، ثم تحدث بعد ذلك عن الأدوار التي مر بها  الفقه الإسلامي، حيث بيّن أنها أربعة أدوار:  الأول: دور النشأة والتأسيس في أيام حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، والثاني: دور الشباب أيام الصحابة وكبار التابعين، والثالث: دور النضح والكمال، وقد انتهى في منتصف القرن الرابع الهجري، وفيه كان التدوين وظهور الأئمة المجتهدين الكبار، والرابع: دور الشيخوخة والهرم، وهو عهد التقليد الذي لا يزال مع الأسف الشديد، مستمراً حتى اليوم.
 ثم بيّن بعد ذلك طبيعة الفقه الإسلامي وخصائصه، والفرق بين الفقه الإسلامي والقانون الروماني، وأقسام الفقه وفروعه، وأسس التشريع الإسلامي العامة، حيث بيّن عموم الشريعة الإسلامية، وعدم الحرج ورفع المشقة، ورعاية مصالح الناس جميعًا، وتحقيق العدل والعدالة الشاملة.  
وتحدث في الفصل الثاني: عن أهم المذاهب الفقهية وخصائصها، حيث تناول المذاهب السنية الخالدة إلى اليوم وهي: المذهب الحنفي، حيث عرف بصاحب المذهب، وبيّن أصوله، وتلامذة أبي حنيفة، وتدوين المذهب، ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن المذهب الشافعي، حيث عرف بصاحب المذهب، وأصوله، وتدوينه ونشره، ثم تناول بعد ذلك المذهب المالكي، حيث عرف بمؤسس المذهب، وبيّن أصوله، ورواته، كما تحدث بعد ذلك عن المذهب الحنبلي، حيث عرف بصاحب المذهب، وأصوله، وتدوينه ونشره.
ثم انتقل بعد ذلك إلى المذاهب الشيعية حيث تناول فقه الشيعة الزيدية، ومذهب الإمامية. كما تناول في هذا الفصل أيضًا المذاهب التي اندثرت، ومنها: مذهب الأوزاعي، ومذهب الثوري، ومذهب الليث بن سعد، والمذهب الظاهري، ومذهب الطبري.
وفي الفصل الثالث: تناول مصادر الفقه الإسلامي، حيث عنون لهذا الفصل بأصول الفقه أو مصادره تعدادها وتداخلها، وقد تحدث فيه عن ستة أصول: الأصل الأول: الكتاب، والثاني: السنة، والثالث: الإجماع، والرابع: القياس، والخامس: الاستحسان، والسادس: المصالح المرسلة.
وتناول في الفصل الرابع: نظام الحكم في الإسلام، حيث بيّن هل يوجب الإسلام إقامة دولة؟ والشروط في الخليفة أو الحاكم الأعلى، وطريق تولية الخليفة، وواجبات الإمام وحقوقه، وغاية الحكم في الإسلام ودعائمه. وبيّن المؤلف في مقدمة هذا الفصل "أنه لا يريد أن يبحث فيه الموضوع بتفصيل من كل جوانبه، فهذا له كتاب خاص، ولكن الغرض الذي نرمي إليه في هذا الفصل هو أن نتناول بعض الجوانب المهمة لهذا الموضوع بإجمال، على أن نشير إلى المراجع الأصلية فيه، ليرجع إليها الباحث الذي يريد المزيد...".
وفي الفصل الخامس: تحدث عن حاضر الفقه الإسلامي ومستقبله، حيث بيّن ماذا نريد من الفقه؟، وحال الفقه بالأمس القريب، وحاله اليوم، وكيف نصل إلى ما نريد؟، وأنه لا بد من الاجتهاد، حيث بيّن أنه لا بد من فتح باب الاجتهاد في الفقه للقادر عليه، فما تخلّف الفقه الإسلامي عن القافلة إلا بسبب سدّ هذا الباب منذ قرون. ثم قال: "ونحن نعلم أن الاعتزاز بتراث الماضين من الأسلاف أمر طبيعي وغرزي في الإنسان، وأنه من العبث والحمق أن نحاول التنكر لهذا التراث والاستغناء عنه، وأنه من المستحيل أن نقيم علمًا من العلوم دون أن نفيد من جهود الماضين وثمار تفكيرهم في دائرة هذا العلم".
كما بيّن –رحمه الله-: "أن الزمن يتغير، والمعاملات تجد وتتطور، فكان أن من وجد منها اليوم ما لم يكن موجودًا بالأمس، فليس لنا أن نمسك عن بيان حكم الفقه في كل منها متعللين بأن الفقهاء الماضين لم يتكلموا فيها؛ بل علينا أن نجتهد في ذلك مستفيدين من جهود الماضين، ومعتمدين قبل كل شيء على كتاب الله المحكم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة".
ثم قال –رحمه الله-: "إننا حين نفعل ذلك الذي تكلمنا عنه، من دراسة الفقه الإسلامي دراسة علمية صحيحة متعاونين مع رجال القانون، وحين نجتهد في بيان حكم هذا الفقه في المعاملات التي تجري بيننا، وفي القواعد العامة التي تقوم عليها سياسة الحكم ونظم الأمة والدولة، نصل بالفقه الإسلامي إلى أن يكون هو الأساس الأول لتشريعاتنا وقوانينا".
ومن خلال هذا العرض الموجز لهذا الكتاب القيم عن المدخل لدراسة الفقه الإسلامي يتبين لنا مدى حاجة طلاب العلم والباحثين في الفقه الإسلامي لدراسته والعناية به، حتى نحقق الفائدة المرجوة من الفقه الإسلامي كما أرداها المؤلف، وذلك من خلال تفعيل الاجتهاد الفقهي المنضبط للنوازل والقضايا المستجدة، وهو ما ينفذ الآن في كليات الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر والكليات المناظرة لها في مصر والعالم الإسلامي من تدريس القضايا الفقهية المعاصرة كمقرر دراسي للطلاب، وكذلك أيضًا دراسة المسائل والنوازل المعاصرة في رسائل الماجستير والدكتوراه، كل هذا وغيره بفضل الله تعالى هو ما قصده المؤلف –رحمه الله- في هذا الكتاب القيم من كلامه عن حاضر الفقه الإسلامي ومستقبله، وحال الفقه الإسلامي بين الأمس واليوم.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
والحمد لله رب العالمين
كتبه
د: أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن جامعة الأزهر الشريف


السبت، 12 نوفمبر 2022

#كتاب_قرأناه_لك_ عيون المستجدات الفقهية في صناعة المصرفية الإسلامية "قراءة جديدة"

 

#كتاب_قرأناه_لك_

عيون المستجدات الفقهية في صناعة المصرفية الإسلامية "قراءة جديدة"

هذا الكتاب من تأليف الأستاذ الدكتور/ نزيه حماد، وهو من مطبوعات دار القلم- دمشق، الطبعة الأولى 1439هـ- 2018م، ويقع هذا الكتاب في 526 صفحة من القطع الكبير.

وهذا الكتاب من الكتب المتخصصة في بيان النوازل والقضايا المستجدة المتعلقة بالمصارف الإسلامية، وفي بيان أهمية الكتاب وسبب تأليفه يقول المؤلف في مقدمته: "وهذا الكتاب يتألف من مجموعة بحوث ودراسات علمية منهجية في قضايا فقهية تتعلق بموضوع "المستجدات الفقهية في صناعة المصرفية الإسلامية"، وتدور في فلكها، وتنضوي تحت جناحها، وتتميز باشتمالها على نظرات تجديدية، وإضافات علمية، كنت أعددتها في أوقات مختلفة، ومناسبات متفرقة خلال الأعوام الستة الأخيرة المنصرمة، وقدمت جُلها إلى مؤتمرات أو ندوات علمية مختصة، ثم أعددتها للنشر مجتمعة في عقد واحد باعتبار الوحدة الموضوعية التي تنتظمها وتؤلف بينها، بعدما عُدت عليها بمزيد من المراجعة والنظر والفكر، وأعملت فيها يد التنقيح والتحرير، ووشَّيتُ حللها بتحسينات وزيادات، سائلاً المولى سبحانه أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم...".

وقد جاء هذا الكتاب في مقدمة، وعشرة أبحاث، أما المقدمة فقد بيّن فيها المؤلف أهمية الكتاب، وسبب تأليفه، وأما البحث الأول: فقد جاء تحت عنوان: "أثر الاختلاف بين الشخصية الطبيعية والاعتبارية في الأحكام الفقهية لمستجدات المصرفية الإسلامية"، حيث تناول في التمهيد أهمية الموضوع وإشكاليته وتأصيل حلّها، وفي المطلب الأول: تحدث عن الشخصية الاعتبارية: مفهومها، وخصائصها، ومميزاتها، وفي المطلب الثاني: تناول التطبيقات الفقهية للموضوع على مستجدات المصرفية الإسلامية، حيث ذكر من هذه التطبيقات: انفساخ عقد المضاربة بموت ربّ المال، وانفساخه بموت عامل المضاربة، ولزوم عقد المضاربة في حق الطرفين، وخروج ربِّ المال من المضاربة قبل التنضيض الحقيقي لرأس مالها، وانفساخ شركات العقد بموت أحد الشركاء، واقتطاع المخصصات والاحتياطات في عقد المضاربة، وتضمين عامل المضاربة التلف والخسارة ب(ضمان التهمة)، والقبض الحكمي في الودائع المصرفية، والتقابض الحكمي في عقد الصرف الناجز مع المصارف، وقبض الشيك المصرفي قبض حكمي لمضمونه، وفي الخاتمة ذكر أهم النتائج التي توصل إليها من خلال هذا البحث.

وتناول في البحث الثاني: نقل عبء الإثبات في دعاوى التعدي والتفريط في المضاربة والوكالة بالاستثمار إلى الأمناء، حيث تحدث في المقدمة عن إشكالية البحث، وفي التمهيد بيّن مفهوم يد الأمانة وحكمها، وفي الفرع الأول: بيّن أن الأصل قبول قول المضارب والوكيل بأجرٍ في نفي الضمان عن نفسه، وفي الفرع الثاني: ذكر الموجبات الشرعية لنقل عبء الإثبات إلى المضاربين والوكلاء بأجر، ومن ذلك العُرف، والتهمة، والمصلحة، ودلالة الحال، وفي الخاتمة ذكر أهم النتائج التي توصل إليها من خلال هذا البحث.

وأما البحث الثالث: فقد جاء تحت عنوان: "أصل "تغير الأحكام بتغيّر الأحوال" ومدى صحة بناء الحكم بضمان الودائع الاستثمارية في المصارف الإسلامية عليه"، حيث جاء المطلب الأول في التنضيض الاستثنائي للأمناء وموجباته في النظر الفقهي، ومن الأمثلة التي ذكرها على ذلك: تضمين الصُّناع، وتضمين الأجير المشترك، وتضمين السماسرة، وفي المطلب الثاني: تحدث عن تخريج تضمين المضاربين والوكلاء بالاستثمار على تضمين الصُّناع والأجراء المشتركين، ومن ذلك تخريج الحكم بتضمين المضاربين المعاصرين، وتخريج الحكم بتضمين الوكلاء بالاستثمار، ودفع شبهة القرض الربوي، وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث.

وجاء البحث الرابع  من هذا الكتاب في مسألة تأجيل البدلين في عقود المعاوضات المالية المتعلقة بالسلع، حيث جاء المطلب الأول: في التعريف بموضوع البحث تحديد المضمون، وتصنيفه الفقهي، وتطبيقاته المعاصرة، والمطلب الثاني : في حكم تأجيل البدلين في عقود المعاوضات، حيث تناول فيه تأجيل البدلين في السلم، وتأجيل البدلين في البيع، وتأجيل البدلين في الاستصناع، وتأجيل البدلين في الإجارة المضافة إلى المستقبل، والمطلب الثالث: التأصيل الشرعي لتأجيل البدلين في عقود المعاوضات، وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث.                     

وتناول البحث الخامس من هذا الكتاب: حقيقة أسهم شركات المساهمة وتكييفها الفقهي، حيث عرض في المطلب  الأول : آراء الفقهاء المعاصرين في التكيف الفقهي للأسهم، وفي المطلب الثاني بيّن القول المختار ومستنده، حيث وضح به المراد بالتكييف الفقهي للسهم، ثم بيّن منهج الوصول إلى التكييف الفقهي للسهم، وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث. 

وأما البحث السادس فقد تناول فيه حكم السلم في أسهم الشركات، حيث بيّن  في المطلب الأول: حقيقة الأسهم، وفي المطلب الثاني: بيّن حكم السلم في الأسهم ، وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث.

وجاء البحث السابع في رهن الديون والسندات، حيث تناول في المطلب الأول الاجتهادات الفقهية في رهن الدّين، حيث بيّن في الفرع الأول: رهن الدّين ممن عليه الدّين، وفي الفرع الثاني: رهن الدّين من غير من عليه الدين، وفي المطلب الثاني: وضح آلية قبض المرهون إذا كان ديناً، حيث وضح في الفرع الأول: آلية قبض الدّين المرهون ممن هو في ذمته، وفي الفرع الثاني: آلية قبض الدّين المرهون من غير من هو عليه، وفي المطلب الثالث: بيّن حكم رهن السندات والصكوك (كيفيته وحكمه)، وفي الخاتمة: ذكر أهم نتائج البحث.

وأما البحث الثامن فقد جاء تحت عنوان: "المزايا المصرفية الممنوحة لعملاء الحساب الجاري"، حيث بيّن في المطلب الأول: التكييف الفقهي للحساب الجاري، وذلك فيما يتعلق بودائع الحساب الجاري، وما يتعلق باتفاقية الحساب الجاري، وفي المطلب الثاني: بيّن الحكم الشرعي للمزايا التي يمنحها المصرف لعملاء الحساب الجاري، وذلك في فرعين: الفرع الأول: المزايا التي يمنحها المصرف للعميل لنفعه وحده، وفي الفرع الثاني: المزايا التي يمنحها المصرف للعميل والمنفعة فيها للطرفين، وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث.

وجاء البحث التاسع بعنوان: "قضايا الصرف في الخزينة ونقل النقود بين الدول"، حيث بيّن في المطلب الأول: التأصيل الفقهي لأحكام عقد الصرف، حيث وضح فيه حقيقة عقد الصرف وتطور مفهومه الاصطلاحي، ومشروعيته وشروط صحته، ومستند الحكم باشتراط التقابض في البدلين لصحة الصرف، وتحليل الآراء ومناقشتها، والجموع والفروق بين النقدين والعملات الورقية، وفي المطلب الثاني: ذكر التطبيقات المصرفية المعاصرة للصرف، ومن ذلك عقد صفقات الصرف وفقاً لصور الاستحقاق، والاستحقاق والقبض، والقبض في الصرف، وشراء العملات ونقلها بين الدول، وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث.

وأما البحث العاشر والأخير من هذا الكتاب القيم فقد جاء تحت عنوان: "الهندسة المالية في المصرفية الإسلامية"، حيث بيّن في المطلب الأول: مفهوم الهندسة المالية، وفي المطلب الثاني: ذكر أقسام الهندسة المالية من منظور إسلامي، وذلك من حيث الشكل، ومن حيث المضمون والحكم، وفي المطلب الثالث: تحدث عن الهندسة المالية في النصوص الفقهية التراثية، ومن ذلك الجمع بين القرض والمحاباة في المعاوضة، وتضمين المرتهن، وتضمين عامل المضاربة، وبيع الدّين لغير من عليه، والإجارة، والحوالة، وفي الخاتمة ذكر أهم نتائج البحث.

ومن خلال ما تقدم من هذا العرض الموجز لهذا الكتاب القيم يتبين لنا مدى أهمية هذه البحوث في الصناعة المصرفية المصرفية، ومدى حاجة الفقيه والمتخصص في المعاملات المالية المعاصرة إلى مثل هذه البحوث المتخصصة التي يستطيع من خلالها فهم هذه النوازل والقضايا المعاصرة فهمًا صحيحًا من خلال عرض العلماء المتخصصين لها من أمثال العلامة الأستاذ الدكتور/ نزيه حماد في هذا الكتاب القيم وغيره من الكتب والبحوث الأخرى، وأنا من هذا المنطلق أقول: لا غنى للباحثين في الفقه والاقتصاد الإسلامي عن كتب وبحوث العلامة الأستاذ الدكتور/ نزيه حماد؛ لما فيها قيمة علمية وملكة فقهية واستنباطات فقهية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث قراءة التراث الفقهي القديم، ومحاولة استنباط ما يخدم الفروع الفقهية والقضايا المعاصرة.

والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

جامعة الأزهر الشريف

الأحد، 30 أكتوبر 2022

#كتاب_قرأناه_لك_ أصول الفقه الإسلامي للدكتور/ زكي الدين شعبان

 

#كتاب_قرأناه_لك_

أصول الفقه الإسلامي للدكتور/ زكي الدين شعبان

هذا الكتاب من تأليف الأستاذ الدكتور/ زكي الدين شعبان-رحمه الله- أستاذ كرسي الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة عين شمس، وهو من مطبوعات دار نافع للطباعة والنشر بالقاهرة، 1983م، ويقع هذا الكتاب في 355 صفحة من القطع الكبير، وقد صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب سنة 1955م كما ذكر المؤلف في مقدمته.

وعن أهمية علم أصول الفقه ومكانته في استنباط الأحكام الشرعية، وحاجة المجتهد إليه يقول المؤلف في مقدمته: "إن علم أصول الفقه من أعظم علوم الشريعة قدراً، وأكثرها فائدة، وأجلها نفعاً، إذ هو العلم الذي يعنى ببيان مصادر الأحكام، وحجيتها ومراتبها في الاستدلال بها، وشروط هذا الاستدلال، وبحث مناهج الاجتهاد واستخراج القواعد المعينة على ذلك، والتي يلزم المجتهد السير على هديها عند تعرفه على الأحكام من أدلتها التفصيلية، وبدون هذا العلم لا يعرف المشتغلون بالفقه مصادره التي أخذت أحكامه، ولا يدركون المناهج التي سلكها أئمة الاجتهاد في أخذ هذه الأحكام من تلك المصادر، فهو من العلوم التي يحتاج إليها المجتهد في اجتهاده، ولا يستغني عنها الفقيه في بحثه ودراسته، أو تفريع الأحكام على مذهب إمامه، أو الوصول إلى أحكام الحوادث التي لم تكن في زمن إمامه".

وعن تأليف الكتاب وأهميته والحاجة إليه يقول المؤلف –رحمه الله-: "وكثيراً ما رجوت الله تعالى أن يوفق بعض العلماء إلى كتابة مؤلف في هذا العلم يكون سهل المأخذ يفهمه المبتدئون فيه وغيرهم، وأن يقرر تدريسه لطلاب السنة النهائية من القسم الثانوي بالأزهر حتى يكون لهم إلمام بمسائل هذا العلم واصطلاحاته المختلفة قبل أن يكلفوا دراسته في الكتب التي ألفلها العلماء السابقون، ليستطيعوا بذلك السير مع الأساتذة القائمين بدراسة هذا العلم من أول درس يلقى عليهم، كما هو الشأن في غيره من العلوم التي تدرس في معاهد الأزهر وكلياته".

ثم يقول: "ولما عينت في كلية الشريعة سنة 1945م، وأسند إلي تدريس هذا العلم لطلاب السنة الأولى بالاشتراك مع بعض الزملاء، ورأيت ما يعانيه الطلبة من الكتاب المقرر عليهم، على الرغم من المجهود الذي كنا نبذله في إيضاح مسائله، وصياغتها في أسلوب مبسط، وعبارات سهلة، عرضت على زميلي في التدريس أن نكتب لهؤلاء الطلبة كتاباً في الموضوعات المقررة عليهم باللغة التي نحاضرهم بها، حتى نريحهم من العناء الذي يلاقونه، عندما يريدون الرجوع إلى الكتاب المقرر للمذاكرة والتحصيل، وقد وفقنا الله تعالى للقيام بهذا العمل، فكان رحمة وتخفيفاً عن أولئك الطلبة، وعمن جاء بعدهم".

ثم قال: "ولما عُينت في كلية الحقوق بجامعة إبراهيم "عين شمس الآن" سنة 1953م، وقمت بتدريس أصول الفقه لطلاب السنة الرابعة بها، وهي أول سنة يدرسون فيها هذا العلم، وجدت الفرصة مهيأة أمامي للكتابة في أصول الفقه على الوجه الذي رجوت الله تحقيقه، فكتبت هذا الكتاب (أصول الفقه الإسلامي).

وقد جاء هذا الكتاب في مقدمة وأربعة أقسام: المقدمة: في التعريف بأصول الفقه والغرض منه، ونشأته، حيث عرف فيه علم أصول الفقه بأنه القواعد التي يتوصل بها المجتهد إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وأن عمل الأصولي يتمثل في أنه يبحث في الكتاب والسنة وغيرهما من الأدلة الإجمالية، وذلك بالنظر في أحوالها وكيفياتها المتنوعة من عام وخاص، وأمر ونهي، ومطلق ومقيد، ويضع الضوابط التي تبين الحكم الكلي لكل منها.

أما عمل الفقيه: فإذا أراد الفقيه معرفة حكم من الأحكام الجزئية أخذ هذه القواعد الأصولية، وطبقها على الأدلة الجزئية، ليصل بذلك إلى ما تدل عليه الأحكام الشرعية.

ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن الغرض من علم الأصول، ومدى الحاجة إليه، وذكر عدة فوائد من دراسة هذا العلم منها: فهم الأحكام التي استنبطها المجتهدون على الوجه الصحيح، واطمئنان النفس إليها اطمئناناً تاماً، ومعرفة الحكم في المسائل التي لم يرد فيها نص عن الأئمة المجتهدين بطريق التخريج والاستنتاج من قواعدهم التي قرروها، وساروا عليها في اجتهادهم.

كما تحدث عن نشأة أصول الفقه، وأول من دون فيه، وطريقة المتكلمين، وطريقة الحنفية أو الفقهاء، وفي كل تقسيم من هذه التقسيمات يضرب العديد من الأمثلة، وذكر أيضاً الكتب المؤلفة على طريقة المتكلمين، والكتب المؤلفة على طريقة الحنفية، والكتب المؤلفة على الطريقتين.

القسم الأول: في أدلة الأحكام الشرعية، حيث تناول فيه الأدلة المتفق عليها عند جمهور العلماء وهي أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والأدلة المختلف فيها وهي: المصالح المرسلة، والاستحسان، والعرف، وسد الذرائع، وشرع من قبلنا، وقول الصحابي، والاستصحاب. كما بيّن أن الأدلة الشرعية تتنوع إلى نوعين: أدلة نقلية وأدلة عقلية، فالأدلة النقلية: هي التي يكون طريق وجودها النقل، ولا دخل لعقل المجتهد ورأيه في تكوينها وإيجادها، وكل عمله ينحصر في فهمها وأخذ الأحكام منها بعد ثبوتها، وهذه الأدلة هي: الكتاب والسنة، وكذلك الإجماع فإنه يوجد ويتقرر قبل استدلال المجتهد به، ومثله العرف، وشرائع الأنبياء السابقين وقول الصحابي عند من يعتبرهما من الأدلة؛ لأن ذلك كله راجع إلى العمل بأمر منقول عن الشارع لا دخل لعقل المجتهد ورأيه في وجوده.

والأدلة العقلية: هي التي يكون لعقل المجتهد ورأيه دخل في تكوينها ووجودها، وهي القياس، والمصالح المرسلة، والاستحسان في بعض صوره، فإن عمل المجتهد ورأيه في وجود هذه الأدلة واضح.

القسم الثاني: في الأحكام التي تؤخذ من الأدلة الشرعية، حيث بيّن أن معرفة الأحكام هي الغاية أو الثمرة المقصودة من كل من علم الفقه وأصوله، إلا أنه في علم الفقه يبحث عن الأحكام من ناحية استنباطها بواسطة تطبيق القواعد الأصولية على الأدلة الجزئية التي تؤخذ منها الأحكام التفصيلية.

 وفي علم الأصول يبحث عن الأحكام من ناحية وضع المناهج والقواعد الموصلة إلى استنباطها من الأدلة الشرعية. فالتوصل إلى استنباط الأحكام من أدلتها المعتمدة هو الغاية من علم الأصول.

وقد تناول في هذا القسم الكلام على الحكم، والحاكم، والمحكوم فيه، والمحكوم عليه.

القسم الثالث: في طرق استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية، حيث بيّن أن المراد بطرق الاستنباط القواعد التي يستعين بها المجتهد على فهم الأحكام واستخراجها من النصوص الشرعية، ومعرفة هذه القواعد تحتاج إلى البحث في الألفاظ والعبارات التي اشتمل عليها الكتاب الكريم والسنة النبوية من ناحية وضعها للمعاني التي تفهم منها، ومن ناحية ظهور دلالتها على المعاني التي استعملت فيها أو خفاء هذه الدلالة، ومن ناحية كيفية الدلالة على المعاني، وهل هي دلالة منطوق أو مفهوم أو دلالة عبارة أو إشارة…كما تحتاج إلى الوقوف على مقاصد الشرع العامة من التشريع حتى يمكن فهم النصوص على حقيقتها؛ لأن دلالة الألفاظ والعبارات على المعاني قد تحتمل أكثر من وجه.

وقد تناول في هذا القسم تقسيمات اللفظ بالإضافة إلى المعنى وعلاقته به، حيث تحدث عن الخاص، من حيث تعريفه، ودلالته، وبعض المسائل الفقهية المبينة له، وأنواعه، ثم تناول الأمر من حيث معناه، ودلالته، واختلاف العلماء في دلالة الأوامر الشرعية وأثره في الاستنباط، ودلالة الأمر الوارد بعد الحظر والتحريم، والأمر ودلالته على التكرار والفور.ثم تكلم بعد ذلك عن النهي من حيث معناه، ودلالته، ودلالته على الفور والتكرار، وأثره في العبادات والمعاملات وآراء العلماء فيه.

ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن العام من حيث تعريفه، وألفاظه، وتخصيص العام، ودلالة العام، وثمرة الخلاف في دلالة العام، والعام الوارد على سبب خاص.كما تناول أيضاً المشترك من حيث تعريفه، وسبب وجوده، وحكمه.

وأما عن التقسيم الثاني للفظ فهو باعتبار ظهور دلالته على معناه وخفائها، حيث ينقسم إلى نوعين: نوع واضح الدلالة على معناه، لا يحتاج إلى بيان أو قرينة خارجية، ونوع خفي الدلالة على معناه بحيث يحتاج فهم المعنى المراد منه إلى بيان أو قرينة خارجية.

وأما التقسيم الثالث للفظ فهو باعتبار كيفية دلالته على المعنى وطرق فهم المعنى من اللفظ. حيث تحدث فيه عن دلالة العبارة، والإشارة، ودلالة النص، ودلالة الاقتضاء، ودلالة المنطوق، ودلالة المفهوم، والمقاصد العامة من التشريع، وأنواعها، وتعارض الأدلة الشرعية، والنسخ من حيث تعريفه، وحكمته، والفرق بينه وبين التخصيص، ومحله، والأدلة التي ينسخ بعضها بعضاً، وطرق معرفة النسخ، وزمنه.

القسم الرابع: في الاجتهاد والتقليد، حيث تناول فيه تعريف الاجتهاد، وشروطه، ومحله، وحكمه، وتعريف التقليد، وحكمه.

ومن خلال هذه القراءة والعرض لهذا الكتاب القيم يتبين لنا أنه من الكتب القيمة في علم أصول الفقه الإسلامي، ومن المؤلفات المعاصرة التي قل نظيرها في هذا الباب، حيث إنه في كل مسألة يتكلم عنها يفرد لها الحديث بالأمثلة الكثيرة ويعلق عليها، ويعرضها بأسلوب سهل ميسر، وعرض شيق رائق، يجدر بطلاب العلم والمعلمين أن يكون لهم عناية بهذا الكتاب في التدريس والتعليم، حيث إنه أيضاً يسهل عليهم ضبط مسائل هذا العلم والوصول إليها من أقصر طريق بأسلوب سهل ميسر، مع الأمثلة التي ربما تفرد بها عن هذا الكتاب عن كثير من الكتب القديمة والمعاصرة التي ربما تعنى بالتأصيل العلمي البحث، دون عناية بالأمثلة، وإن ذكرت بعضها على عجالة. وفق الله الجميع، والحمد لله رب العالمين

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

جامعة الأزهر الشريف

 

بشرى سارة #للباحثين_وطلاب_الدراسات_العليا_26_

 

#للباحثين_وطلاب_الدراسات_العليا_26_

ذكرت في المنشور السابق أن من خطوات ابتكار الأفكار البحثية مطالعة البحوث والدراسات المنشورة في المجلات العلمية المحكمة في التخصص الذي يريد الكتابة فيه، وكنت في المقال السابق مواقع المجلات العلمية المحكمة بجامعة الأزهر الشريف في الشريعة والقانون، وأصول الدين، واللغة العربية، في هذا المقال أتناول بعض المجلات العلمية المحكمة في مجال الدراسات الإسلامية والعربية، والشريعة والقانون، حيث إن الباحث من خلال مطالعته لهذه المجلات العلمية والبحوث المنشورة بها يستطيع أن يستخرج مجموعة أفكار ربما تفيده في خطة بحثية أو ابتكار موضوع جديد، وذلك كما يلي:

أولاً: مجلات علمية في مجال الدراسات الإسلامية والعربية: هناك العديد من المجلات على مستوى الجامعات المصرية تعنى بنشر البحوث في الدراسات الإسلامية والعربية، منها:

1. مجلة كلية دار العلوم جامعة القاهرة

https://mkda.journals.ekb.eg/

2. مجلة الدراسات الإسلامية والبحوث الأكاديمية، والتي يصدرها قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة

https://mdak.journals.ekb.eg/

3.مجلة كلية دار العلوم جامعة الفيوم

https://mkdaf.journals.ekb.eg/

4. مجلة كلية دار العلوم جامعة المنيا

https://dram.journals.ekb.eg/

5. مجلة كلية الآداب جامعة القاهرة

https://jarts.journals.ekb.eg/

6. مجلة كلية الآداب جامعة المنيا

https://fjhj.journals.ekb.eg/

7. مجلة كلية الآداب جامعة طنطا

https://jartf.journals.ekb.eg/

8. مجلة كلية الآداب جامعة المنوفية

https://sjam.journals.ekb.eg/

9. مجلة كلية الآداب جامعة المنصورة

https://artman.journals.ekb.eg/

10. مجلة كلية الآداب جامعة كفر الشيخ

https://shak.journals.ekb.eg/

11. مجلة كلية الآداب جامعة الإسكندرية

https://bfalex.journals.ekb.eg/

12. مجلة كلية الآداب جامعة الزقازيق

https://artzag.journals.ekb.eg/

13. مجلة كلية الآداب جامعة بنها

https://jfab.journals.ekb.eg/

ثانياً: مجلات كليات الحقوق والدراسات القانونية: هناك العديد من المجلات على مستوى الجامعات المصرية تعنى بنشر البحوث في الشريعة والدراسات القانونية، ومن ذلك مجلات كليات الحقوق، ومنها:

1.مجلة كلية الحقوق جامعة القاهرة

https://mle.journals.ekb.eg/

2.مجلة كلية الحقوق جامعة حلوان

https://mklse.journals.ekb.eg/

3.مجلة كلية الحقوق جامعة مدينة السادات

https://jdl.journals.ekb.eg/

4.مجلة كلية الحقوق جامعة طنطا

https://las.journals.ekb.eg/

5. مجلة كلية الحقوق جامعة المنصورة

https://mjle.journals.ekb.eg/

6. مجلة كلية الحقوق جامعة بنها

https://mfqa.journals.ekb.eg/

7. مجلة كلية الحقوق جامعة دمياط

https://mhdl.journals.ekb.eg/

9. مجلة كلية الحقوق جامعة الإسكندرية

https://lalexu.journals.ekb.eg/

ملحوظة هامة: قم بنسخ رابط المجلة التي تريد البحث فيها، ثم ضعه في محرك البحث، بعدها سيفتح لك موقع المجلة، تصفح أو ابحث عما تريده داخل الموقع، والأبحاث كلها متاحة للتحميل، ولا تنسانا من صالح دعواتك، والحمد لله رب العالمين.

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن جامعة الأزهر الشريف

الخميس، 13 أكتوبر 2022

من فضائل الصلاة والسلام على سيد الأنام صلى الله عليه وسلم

 

من فضائل الصلاة والسلام على سيد الأنام صلى الله عليه وسلم

من الأعمال الجليلة والقربات التي يتقرب بها العبد المسلم لخالقه ومولاه جل وعلا كثرة الصلاة والسلام على سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، فبها تفرج الكروب، وتزول الهموم، ويدفع البلاء، وهي سبب في نيل شفاعته صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وهي من أحب الأعمال إلى الله تعالى، ولذلك عندما نتأمل في آيات القرآن الكريم نجد أن المولى سبحانه وتعالى وملائكته يصلون على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأمر سبحانه وتعالى المؤمنين بالصلاة والسلام عليه فقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(الأحزاب: 56).

وعن معنى صلاة الله وملائكته على النبي صلى الله عليه وسلم يقول أبو العالية: صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه، وصلاة الملائكة وغيرهم عليه طلب ذلك له من الله تعالى، والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة.

وجاءت في السنة النبوية المطهرة أحاديث كثيرة تدل على فضل الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها:

١. مضاعفة أجر الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة منها ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا".

٢. أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم سبب في نيل شفاعته في الآخرة، وقد جاء ذلك فيما أخرجه الترمذي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة".

٣. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب في تفريج للهموم والكروب، فعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني آت من ربي فقال ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرا) فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك إن شئت قال ألا أجعل ثلثي دعائي لك قال: إن شئت قال: ألا أجعل دعائي لك كله قال: ( إذن يكفيك الله هم الدنيا وهم الآخرة).

 قال ابن علان –رحمه الله-: "ووجه كفاية المهمات بصرف ذلك الزمن إلى الصلاة عليه : أنها مشتملة على امتثال أمر اللّه تعالى، وعلى ذكره وتعظيمه ، وتعظيم رسوله ، ففي الحقيقة لم يفت بذلك الصرف شيء على المصلي ، بل حصل له بتعرضه بذلك الثناء الأعظم أفضل مما كان يدعو به لنفسه، وحصل له مع ذلك صلاة اللّه وملائكته عليه عشراً، مع ما انضم لذلك من الثواب الذي لا يوازيه ثواب ، فأيّ فوائد أعظم من هذه الفوائد ؟ ومتى يظفر المتعبد بمثلها ، فضلا عن أنفَسَ منها ؟ وأنى يوازي دعاؤه لنفسه واحدة من تلك الفضائل التي ليس لها مماثل ببركته.( دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين 5/18).

٤. أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب في مغفرة الذنوب، وقد جاء ذلك فيما أخرجه الترمذي في سننه عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في ثلثي الليل فيقول: جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه وقال أبي يا رسول الله إني أصلي من الليل أفأجعل لك ثلث صلاتي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشطر) قال أفأجعل لك شطر صلاتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الثلثان أكثر) قال أفأجعل لك صلاتي كلها قال: (إذن يغفر لك ذنبك كله). ( وقوله: (يغفر لك ذنبك) لأنه يبارك على نفسك بواسطته الكريمة في وصول كل خير إليك إذ قمت بأفضل أنواع الشكر المتضمن لزيادة الإفضال والإنعام المستلزمين لرضا الحق عنك ومن رضي عنه لا يعذبه.( دليل الفالحين 5/18).

٥. أن صلاة العبد على النبي صلى الله عليه وسلم تبلغه في قبره، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم).

٦. البخيل من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصل عليه، وقد جاء ذلك فيما أخرجه الترمذي بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي).

 فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الرفعة في الدرجات وتكفير للسيئات، وزيادة في الحسنات، وتفريج للهموم، والشفاعة في الآخرة، وغير ذلك من الفضائل العظيمة التي ينالها من عطر لسانه بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفقنا الله تعالى وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين

والحمد لله رب العالمين

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

جامعة الأزهر الشريف