الثلاثاء، 8 سبتمبر 2020

كتاب قرأناه لك: أدب الفتوى لابن الصلاح المتوفى 643هـ

 

كتاب قرأناه لك

أدب الفتوى

وشروط المفتي وصفة المستفتي وأحكامه وكيفية الفتوى والاستفتاء

هذا الكتاب من تأليف عثمان بن عبد الرحمن، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (المتوفى: 643هـ)، وهو من الكتب المهمة التي عُنيت بأدب الفتوى، وبيان شروط المفتي، وصفة المستفتي، والأحكام المتعلقة بالفتوى، وغير ذلك مما يتعلق بالمفتي والمستفتي والاستفتاء.

وقد طُبع هذا الكتاب طبعات كثيرة، منها طبعة مكتبة الخانجي، بالقاهرة، الطبعة الثانية: 1430هـ- 2009م، بتحقيق وتعليق: الأستاذ الدكتور/ رفعت فوزي عبد المطلب، ويقع في 176 صفحة من القطع المتوسط.

يقول المحقق في مقدمته على الكتاب: "فموضوع هذا الكتاب "ضوابط الفتوى" نحن في حاجة إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى، وذلك بعد أن تجرأ على الفتوى الكثيرون، دون أن يتأهلوا لها، مما أدى إلى كثير من الأخطاء والخطايا في فتاواهم التي تصدر عنهم، والتي يعارضون بها الفتاوى الصحيحة التي صدرت عن علماء مؤهلين لها.

وسيجد القارئ في هذا الكتاب؛ سواء في الأصل أو في التعليق؛ أن بعض العلماء قد نص على أن المفتي لا يفتي في مسائل الكلام، ولا في مسائل التفسير، وليترك ذلك لأهل الكلام وأهل التفسير. كما سيجد أيضاً مؤهلات المفتي التي لا تنطبق إلا على إنسان خالط الفقه وأصوله ومستلزمات فهم مسائلهما وأدلة الأحكام من الكتاب والسنة؛ خالط ذلك لحمه ودمه وأصبح "فَقِيه النفس" كما يقولون".

أما عن سبب تأليف هذا الكتاب فيقول المؤلف في مقدمته: "هذا ولما عظم شأن الفتوى في الدين وتسنم المفتون منه سنام السناء، وكانوا قرات الأعين، لا تلم بهم على كثرتهم أعين الأسواء، فنعق بهم في أعصارنا ناعق الفناء، وتفانت بتفانيهم أندية ذاك العلاء، على أن الأرض لا تخلوا من قائم بالحجة إلى أوان الانتهاء، رأيت أن أستخير الله تبارك "وتعالى"، وأستعينه، وأستهديه، وأستوقفه، وأتبرأ من الحول والقوة إلا به في تأليف كتاب في الفتوى لائق بالوقت، أفصح فيه إن شاء الله العظيم عن شروط المفتي، وأوصافه، وأحكامه، وعن صفة المستفتي وأحكامه، وعن كيفية الفتوى والاستفتاء وآدابهما جامعًا فيه شمل نفائس التقطتها من خبايا الزوايا، وخفايا الزوايا، ومهمات تقر بها أعين أعيان الفقهاء، ويرفع من قدرها من كثرت مطالعاته من الفهماء، ويبادر إلى تحصيلها كل من ارتفع عن "حضيض" الضعفاء، مقدمًا في أوله بيان شرف مرتبة الفتوى، وخطرها، والتنبيه على آفاتها وعظيم غررها، ليعلم المقصر عن شأوها، المتجاسر عليها أنه على النار يجرأ ويجسر، وليعرف متعاطيها المضيع شروطها أنه لنفسه يضيع ويخسر، وليتقاصر عنها القاصرون الذين إذا انتزوا (نزا: أي وثب) على منصب تدريس، أو اختلسوا ذروا من تقديم وترئيس، وجانبوا جانب المحترس، ووثبوا على الفتيا وثبة المفترس".

وأما عن محتوى الكتاب فقد اشتمل على مقدمة في بيان شرف الفتوى وخطرها وغررها، ثم انتقل بعد ذلك إلى بيان شروط المفتي وصفاته وأحكامه وآدابه، وبيّن أن من شروط المفتي: أن يكون مسلمًا، ثقة، مأمونًا، متنزهًا من أسباب الفسق ومسقطات المروءة، ويكون فقيه النفس, سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط, مستيقظًا.

 ثم تناول بعد ذلك أقسام المفتي، حيث تكلم عن المفتي المستقل وشروطه، والمجتهد وشروطه، ومسائل تجزيء الاجتهاد والأقوال فيها، والمفتي الذي ليس بمستقل "أحوال المفتي المنتسب"، وحكم فتوى المنتسبين إلى المذاهب، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بهذا الشأن.

ثم انتقل بعد ذلك إلى أحكام المفتين وفيه مسائل: لا يشترط فيه الحرية والذكورة، ولا تؤثر فيه القرابة والعداوة، وجر المنفعة، ولا بأس أن يكون المفتي أعمى أو أخرس مفهوم الإشارة أو كاتبًا، ولا تصح فتيا الفاسق وإن كان مجتهداً مستقلاً، وفتيا القاضي في الأحكام، وإذا استفتى المفتي وليس في الناحية غيره تعين عليه الجواب، إذا سأل العامي عن مسألة لم تقع لم تجب مجاوبته، وإذا أفتى بشيء ثم رجع عنه "نقض الاجتهاد"، وإذا عمل المستفتي بفتيا المفتي في إتلاف ثم بان خطأه، لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى أو تتبع الحيل، وليس له أن يفتي في كل حالة تغير خلقه، وتشغل قلبه، والأولى بالمتصدي للفتوى أن يتبرع بذلك، ولا يجوز له أن يفتي في الأيمان والأقارير ونحو ذلك، ولا يجوز له أن يعتمد إلا على كتاب وثق بصحته، إذا أفتى في حادثة ثم وقعت مرة أخرى، وإذا وجد عن الشافعي قولا يخالف الحديث فماذا يصنع؟، وهل للمفتي المنتسب إلى مذهب الشافعي مثلا أن يفتي بمذهب آخر، وليس للمنتسب إلى مذهب الشافعي في المسألة ذات القولين أو الوجهين أن يتخير فيعمل أو يفتي بأيهما شاء، وإذا وجد من ليس أهلا للترجيح والتخريج بالدليل اختلافًا بين أئمة المذهب في الأصح من القولين أو الوجهين يفزع في الترجيح إلى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة بآرائهم، وكل مسألة فيها قولان: قديم وجديد، وإذا اقتصر في جوابه على حكاية الخلاف بأن قال: فيها قولان أو وجهان.

وبعد أن انتهى من بيان أحكام المفتين تناول بعد ذلك كيفية الفتوى وآدابها، وذكر فيه مسائل: الأولى: يجب على المفتي حيث يجب عليه الجواب أن يبينه بيانًا مزيحًا للإشكال، الثانية: إذا كانت المسألة فيها تفصيل لم يطلق الجواب فإنه خطأ، الثالثة: إذا كان المستفتي بعيد الفهم فينبغي للمفتي أن يكون رفيقًا به صبورًا عليه، الرابعة: ليتأمل رقعة الاستفتاء تأملا شافيًا كلمة بعد كلمة، الخامسة: يستحب له أن يقرأ ما في الرقعة على من بحضرته ممن هو أهل لذلك، ويشاورهم في الجواب، السادسة: ينبغي أن يكتب الجواب بخط واضح وسط ليس بالدقيق الخافي ولا بالغليظ الجافي وإذا كتب أعاد نظره فيه، السابعة: إذا كان هو المبتدئ بالإفتاء فالعادة جارية بأن يكتب فتواه في الناحية اليسرى من الورقة، الثامنة: روي عن مكحول ومالك رضي الله عنهما: "أنهما كانا لا يفتيان حتى يقولا: لا حول ولا قوة إلا بالله" "الدعاء قبل أو بعد الفتوى"، التاسعة: على المفتي أن يختصر جوابه فيكتفي فيه بأنه يجوز أو لا يجوز، أو حق أو باطل، العاشرة: إذا سئل عن مسألة ميراث فالعادة غير جارية بأن يشترط في جوابه في الورثة عدم الرق والكفر "، الحادية عشرة: ليس للمفتي أن يبني ما يكتبه في جوابه على ما يعلمه من صورة الواقعة للمستفتي، الثانية عشرة: لا ينبغي إذا ضاق موضع الفتوى عنها أن يكتب الجواب في رقعة أخرى خوفًا من الحيلة عليه، الثالثة عشرة: إذا رأى المفتي رقعة الاستفتاء قد سبق بالجواب فيها من ليس أهلًا للفتوى، وإذا خاف فتنة من الضرب على فتيا العادم للأهلية، الرابعة عشرة: إذا ظهر له أن الجواب على خلاف المستفتي وأنه لا يرضى بكذبه في ورقته فليقتصر على مشافهته بالجواب، الخامسة عشرة: إذا وجد في رقعة الاستفتاء فتيا غيره وهي خطأ قطعًا، السادسة عشرة: إذا لم يفهم المفتي السؤال أصلًا ولم يحضر صاحب الواقعة، السابعة عشرة: ليس بمنكر أن يذكر المفتي في فتواه الحجة، الثامنة عشرة: يجب على المفتي عند اجتماع الرقاع بحضرته أن يقدم الأسبق فالأسبق، التاسعة عشرة: ليحذر في فتواه أن يميل في فتياه مع المستفتي أو خصمه، العشرون: ليس له إذا استفتي في شيء من المسائل الكلامية أن يفتي بالتفصيل.

ثم انتقل إلى القول في صفة المستفتي وأحكامه وآدابه: الأولى: هل يجب عليه البحث والاجتهاد عن أعيان المفتين؟، الثانية: في جواز تقليد الميت وجهان، الثالثة: هل يجوز للعامي أن يتخير ويقلد أي مذهب شاء؟، الرابعة: إذا اختلف عليه فتوى مفتيين فللأصحاب فيه أوجه أحدها: أنه يأخذ بأغلظها، الثاني: يأخذ بأخفهما، الثالث: يجتهد في الأوثق، فيأخذ بفتوى الأعلم الأورع، الرابع: يسأل مفتيا آخر فيعمل بفتوى من يوافقه، الخامس: يتخير فيأخذ بقول أيهما شاء، الخامسة: إذا سمع المستفتي جواب المفتي لم يلزمه العمل به إلا بالتزامه، السادسة: إذا استفتي فأفتى، ثم حدثت له تلك الحادثة مرة أخرى، فهل يلزمه تجديد السؤال؟ فيه وجهان، السابعة: له أن يستفتي بنفسه وله أن ينفذ ثقة يقبل خبره ليستفتي له، الثامنة: ينبغي للمستفتي أن يحفظ الأدب مع المفتي، التاسعة: ينبغي أن يكون رقعة الاستفتاء واسعة ليتمكن المفتي من استيفاء الجواب، العاشرة: لا ينبغي للعامي أن يطالب المفتي بالحجة فيما أفتاه ولا يقول له: لِمَ؟ وكيف؟

ومن خلال ما تقدم من عرض مفصل لهذا الكتاب القيم، الذي يُعدّ بحق دراسة شاملة عن أدب الفتوى والمفتي والمستفتي، يتبين لنا مدى أهميته لكل مشتغل بالفتوى، وذلك كي يكون على دراية بهذه المسائل والآداب والشروط والأحكام المتعلقة بها، وينبغي أن تعمل كليات الشريعة والدراسات الإسلامية على تدريسه كمادة مستقلة في هذه الأقسام، وكذلك لمن يعملون في حقل الفتوى.

تحرير

د/ أحمد عرفة

Ahmedarafa11@yahoo.com

 

صدر حديثا: التسعير أحكامه الفقهية وآثاره الاقتصادية د: أحمد عرفة أحمد يوسف

 

التسعير أحكامه الفقهية وآثاره الاقتصادية

عن الكتاب:

يتناول هذا الكتاب قضية من القضايا الفقهية الاقتصادية المعاصرة المتعلقة بالسوق، وهي قضية التسعير في الشريعة الإسلامية، وما يتعلق بها من أحكام فقهية، وآثار اقتصادية.

وقد بيّن الكتاب أن الإسلام في نظامه المالي يقر الملكية الفردية مادامت وسائل التملك مشروعة، ويقر حرية التصرف في الأموال مادام ذلك التصرف متمشياً مع روح الشريعة الإسلامية، ومادامت مصلحة الفرد لا تطغى على مصلحة الجماعة. فإن حصل طغيان من الفرد أو الجماعة، أو بدأت مؤشراته تلوح في الأفق فإن في النظام الإسلامي من التدابير ما يكفل إيقاف الناس عند حدودهم، ومنع أي واحد منهم من تعدى تلك الحدود.

ومن أجل الغاية السابقة فقد أوضح الكتاب حقيقة التسعير في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، وحكم التسعير في الشريعة الإسلامية في الأحوال العادية التي تباع فيها السلع بالسعر العادل، وحكم التسعير في حالة الغلاء المفتعل، والتي تبين من خلاله عدم جواز التسعير في الأحوال العادية، وجوازه في حالة الغلاء المفتعل، وأن على الدولة أن تتدخل لحماية المستهلك من جشع التجار والمحتكرين.

وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن من التسعير ما هو ظلم مُحرَّمٌ، ومنه ما هو عدل جائز، فإباحته مطلقاً لا يجوز، ومنعه مطلقاً لا يجوز، فإذا تضمن ظلم الناس، وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، والقاعدة العامة في الحالات التي يجب فيها التسعير أنه كلما استولى على التجار الجشع، وتمكن من نفوسهم الطمع، وسيطرت عليهم الأنانية، وعمدوا إلى الاحتكار والاستغلال، تعين على ولي الأمر التدخل بتحديد الأسعار.

وفي النهاية فإني أعتذر للقارئ من كل ما يشوب الكتاب من خلل أو نقص، وما أنا ـ والله ـ إلاَّ فرد مستفيد من بضاعة أهل العلم، متطفِّل على موائدهم، فرحمني الله برحمته، وجعلني ممَّن يهتدي بهدي نبيِّه وصحابته، سائلاً المولى أن يعصمنا من الفتن، وأن يحفظنا من زلل القول والعمل، والله ولي التوفيق.

 

المؤلف

صدر حديثاً: الاحتكار في الفقه الإسلامي ودور الدولة في مواجهة المحتكرين د: أحمد عرفة أحمد يوسف

 

الاحتكار في الفقه الإسلامي

ودور الدولة في مواجهة المحتكرين

عن الكتاب :

يتناول هذا الكتاب موضوع على قدر كبير من الأهمية في الوقت الحاضر، وهو موضوع: الاحتكار، والأحكام المتعلقة به في ضوء الفقه الإسلامي والقانون الوضعي.

فبدأ بذكر حقيقة الاحتكار في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، والفرق بين الاحتكار وبين ما يشبهه من المصطلحات الأخرى: كالادخار، والاكتناز، وإمساك السلع، وغيرها، ثم عرّج على مناقشة حكم الاحتكار في الفقه الإسلامي من حيث: صحة العقد وعدم صحته، ومن حيث الحرمة والكراهة.....إلخ

ولم ينس الكتاب ذكر الحكمة من تحريم الاحتكار، وأنواعه، وصوره، وآثاره على الأفراد والدول، وأردفت الدراسة دور الدولة في معالجة المحتكرين ومواجهتهم، والتدابير الوقائية للحماية من الاحتكار.

وقد اشتمل الكتاب على ثلة من النتائج والتوصيات المهمة، التي قد يستفيد منها صانع القرار الاقتصادي؛ لأنها مزجت بين التنظير والتطبيق، مما أضفى ـ من وجهة نظري ـ أهمية مضاعفة على الكتاب.

والكتاب بين يدي القارئ إن وجد فيه ما يسره دعا لنا بالخير، وإن وجد فيه ما دون ذلك طلب لنا الغفران من الله، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والله ولي التوفيق،،،

 

المؤلـف،،،