الاثنين، 16 نوفمبر 2015

ميراث الأنبيـــــــــــــــاء



ميراث الأنبياء
بينما الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يمر ذات يوم بسوق المدينة، فوقف عليها، فقال: "يا أهل السوق، ما أعجزكم" قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة ؟ قال: " ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم، وأنتم هاهنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه " قالوا : وأين هو؟ قال: " في المسجد" فخرجوا سراعاً إلى المسجد، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم: "ما لكم؟ " قالوا : يا أبا هريرة فقد أتينا المسجد ، فدخلنا، فلم نر فيه شيئا يقسم. فقال لهم أبو هريرة: " أما رأيتم في المسجد أحدا؟ " قالوا: بلى ، رأينا قوماً يصلون، وقوما يقرءون القرآن ، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام ، فقال لهم أبو هريرة:" ويحكم، فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم "أخرجه الطبراني بسند حسن.
فالعلم ميراث الأنبياء كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي بسند صحيح عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)). قال الإمام ابن القيم رحمه الله: هذا من أعظم المناقب لأهل العلم فإن الأنبياء خير خلق الله فورثتهم خير الخلق بعدهم، ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء كانوا أحق الناس بميراثهم.(مفتاح دار السعادة صـ73).
 فما أحوج الأمة الآن لمعرفة منزلة العلم ومكانته في الإسلام، فالعلم هو سبيل الرقي والتقدم، وبه تنهض الأمم، وتبنى الحضارات، فالعلم شرف، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف، ومن فضله وشرفه أن الله عز وجل نفي التسوية بين أهله وبين غيرهم كما نفى التسوية بين أصحاب النار وأصحاب الجنة فقال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [الزمر: 9]، وقال سبحانه:( لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) [الحشر: 20]، وهذا يدل على غاية فضلهم وشرفهم.
والعلم حياة ونور والجهل موت وظلمة، والشر كله سببه عدم الحياة، والنور والخير كله سببه النور والحياة فإن النور يكشف عن حقائق الأشياء ويبين مراتبها. قال تعالى:(أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا) [الأنعام: 122]. كان ميتاً بالجهل قلبه فأحياه بالعلم وجعل له من الإيمان نوراً يمشي به في الناس، وذم الله تعالى أهل الجهل في مواضع كثيرة من كتابه فقال تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) [الأنعام: 111] وقال: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) [الأنعام: 37]. وقال - تعالى-: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [الفرقان: 44]، وما ذاك إلا دليل على عظم وشرف العلم وأهله.
وأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد من العلم فقال تعالى:(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [طه: 114]. قال الإمام القرطبي رحمه الله: فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم.(تفسير القرطبي 4/40).
ولأهمية العلم ومنزلته دعا ربنا تبارك وتعالى للنفرة في سبيل تعلمه وتعليمه فقال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)]التوبة: 122]، وأخرج البخاري ومسلم عن معاوية - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)).
وأخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي - رضي الله عنه -: ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم))، وهذا يدل على فضل العلم والتعليم ومنزلة أهله بحيث إذا اهتدى رجل واحد بالعلم كان ذلك خيراً له من حمر النعم وهي خيارها وأشرفها عند أهلها فما الظن بمن يهتدي به كل يوم طوائف من الناس، وأخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عالم والآخر عابد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم))، ثم قال رسول الله: ((إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلمي الناس الخير)).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض يصلون على معلم الناس الخير)): لما كان تعليمه للناس الخير سبباً لنجاتهم وسعادتهم وزكاة نفوسهم جازاه الله من جنس عمله بأن جعل عليه من صلاته وصلاة ملائكته وأهل الأرض ما يكون سبباً لنجاته وسعادته وفلاحه، وأيضاً فإن معلم الناس الخير لما كان مظهراً لدين الرب وأحكامه ومعرفاً لهم بأسمائه وصفاته جعل الله من صلاة أهل سمواته عليه ما يكون تنويهاً به وتشريفاً له وإظهاراً للثناء عليه بين وصلاة أهل السموات والأرض.(مفتاح دار السعادة صـ72).
والعلم هو الصدقة الجارية التي تنفع صاحبها بعد الموت، ويظل ثوابها له في قبره بعد موته، وذلك لما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، وأخرج البزار في مسنده بسند حسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته :من عَلّم علماً, أو أجرى نهراً, أو حفر بئراً, أو غرس نخلاً, أو بنى مسجداً , أو ورّث مصحفاً , أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته).
وما أعظم وصايا لقمان الحكيم لابنه يحثه على طلب العلم وتوقير أهله في وصية عظيمة نحتاج أن نتعلمها ونعلمها أبنائنا اليوم يقول رحمه الله: " يا بني لا تعلم العلم لتباهي به العلماء أو لتماري به السفهاء أو ترائي به في المجالس، ولا تترك العلم زهداً فيه ورغبة في الجهالة، يا بني اختر المجالس على عينك، وإذا رأيت قوماً يذكرون الله فاجلس معهم، فإنك إن تكن عالماً ينفعك علمك، وإن تكن جاهلاً يعلموك، ولعل الله أن يطلع عليهم برحمة فيصيبك بها معهم، وإذا رأيت قوماً لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإنك إن تكن عالماً لا ينفعك علمك، وإن تكن جاهلاً زادوك غياً أو عياً، ولعل الله يطلع عليهم بعذاب فيصيبك معهم".
وما أروع ما سطره الإمام أبو هلال العسكري رحمه الله في عبارات جميلة ما أحوجنا لتدبرها وفهمها والعمل بها إذ يقول: (ولعمري أن شيئاً ينزل المملوك منزلة الملوك، ويحل التابع محل المتبوع، ويحكم به السوقة على الملك العظيم ، لحقيق أن ينافس فيه، ويحسد صاحبه عليه، ويجتهد في طلبه أشد الاجتهاد ، وأمراً يخدم فيه عبد الله بن عمر مجاهداً، ومجاهد هو ابن جبر، أحد مماليك مكة ، وعبد الله عبد الله في فضله وزهده وورعه وشهرة اسمه، أبوه في شرفه ومكانه من الصحية ، ثم من رتبة الخلافة، وملكه الأرض شرفا وغربا ، وطاعة أهل الإسلام والكفر له طوعاً وكرهاً ، لحري أن يرغب فيه العاقل ويحافظ عليه اللبيب).(الحث على طلب العلم صـ53).
فمن أحوجنا جميعاً ونحن على أعتاب بداية عام دراسي جديد أن نقدر قيمة العلم وأهله، وأن يضرب كل منا بسهم في خدمة وطنه في نشر العلم وتعليمه والإخلاص في العمل لله تعالى في التوعية الدينية الصحيحة، ويعلم كل منا أن عليه مسئولية تجاه وطنه، وأن الإصلاح والتغيير الحقيقي لا يكون إلا بالعلم عن طريق النهضة بالمعلم والطلاب والمؤسسات التعليمية والمراكز البحثية، وأن يعلم كل منا أنه مسئول أمام الله عز وجل غداً عن عمله وعلمه فماذا نحن قائلون لربنا غداً.
هدانا الله وإياكم ووفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال اللهم آمين. 

د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية
Ahmedarafa11@yahoo.com

ما حكم رفع الصوت بذكر الله أثناء الجنازة؟



وصلني سؤال يقول:
ما حكم رفع الصوت بذكر الله أثناء الجنازة؟
الجواب:
يكره رفع الصوت بالذكر والتهليل خلف الجنازة، وقد سئل شيخ الإسلام عن رفع الصوت في الجنازة فأجاب: الحمد لله لا يستحب رفع الصوت مع الجنازة لا بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك هذا مذهب الأئمة الأربعة وهو المأثور عن السلف من الصحابة والتابعين ولا أعلم فيه مخالفا ; بل قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم{ أنه نهى أن يتبع بصوت أو نار} رواه أبو داود، وسمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلا يقول في جنازة: استغفروا لأخيكم، فقال ابن عمر: لا غفر الله بعد، وقال قيس بن عباد - وهو من أكابر التابعين من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز وعند الذكر وعند القتال، وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يكن على عهد القرون الثلاثة المفضلة ، وأما قول السائل : إن هذا قد صار إجماعا من الناس فليس كذلك بل ما زال في المسلمين من يكره ذلك وما زالت جنائز كثيرة تخرج بغير هذا في عدة أمصار من أمصار المسلمين، وأما كون أهل بلد أو بلدين أو عشر تعودوا ذلك فليس هذا بإجماع ; بل أهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم التي نزل فيها القرآن والسنة وهي دار الهجرة والنصرة ; والإيمان والعلم لم يكونوا يفعلون ذلك; بل لو اتفقوا في مثل زمن مالك وشيوخه على شيء ولم ينقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو خلفائه لم يكن إجماعهم حجة عند جمهور المسلمين وبعد زمن مالك وأصحابه ليس إجماعهم حجة باتفاق المسلمين فكيف بغيرهم من أهل الأمصار ، وأما قول القائل: إن هذا يشبه بجنائز اليهود والنصارى فليس كذلك بل أهل الكتاب عادتهم رفع الأصوات مع الجنائز وقد شرط عليهم في شروط أهل الذمة أن لا يفعلوا ذلك ثم إنما نهينا عن التشبه بهم فيما ليس هو من طريق سلفنا الأول وأما إذا اتبعنا طريق سلفنا الأول كنا مصيبين وإن شاركنا في بعض ذلك من شاركنا كما أنهم يشاركوننا في الدفن في الأرض وفي غير ذلك .(مجموع الفتاوى 24/294-295).
وقال الإمام النووي رحمه الله:[ يستحب له - أي الماشي مع الجنازة - أن يكون مشتغلاً بذكر الله تعالى والفكر فيما يلقاه وما يكون مصيره وحاصل ما كان فيه ، وأن هذا آخر الدنيا ومصير أهلها ، وليحذر كل الحذر من الحديث بما لا فائدة فيه، فإن هذا وقت فكر وذكر يقبح فيه الغفلة واللهو والاشتغال بالحديث الفارغ ، فإن الكلام بما لا فائدة فيه منهيٌ عنه في جميع الأحوال فكيف هذا الحال .
واعلم أن الصواب المختار ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم السكوت في حال السير مع الجنازة، فلا يرفع صوتاً بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك ، والحكمة فيه ظاهرة وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوب في هذا الحال ، فهذا هو الحق ولا تغترنّ بكثرة من يخالفه ، فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ].(الأذكار136).
وبناء على ما سبق فلا يجوز رفع الصوت أثناء الجنازة بذكر الله تعالى ولا بغيره، وإنما الأولى للمسلم في مثل هذا الموقف هو التأمل والعظة والعبرة بالموت. والله أعلم.

هل يجوز تعجيل الزكاة وإخراجها قبل الحول؟



يجوز تعجيل الزكاة قبل وقتها
وصلني سؤال يقول:
هل يجوز تعجيل الزكاة وإخراجها قبل الحول؟
الجواب:
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه إذا بلغ المال نصاباً مما يشترط له الحول، فإنه يجوز تعجيل الزكاة فيه قبل تمام الحول، واستدلوا على ذلك بأدلة منها ما أخرجه أبو داود في سننه وغيره عن عليّ رضي الله عنه: أن العباس سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك)، وبما أخرجه أبو داود الطيالسي من حديث أبي رافع: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر: "إنَّا كنا تعجلنا صدقة مال العباس عام الأول)، وقالوا أيضاً: بأن هذا تعجيل لمال وُجِد سبب وجوبه قبل وجوبه، وذلك جائز، كتعجيل قضاء الدين قبل حلول أجله، وكأداء كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث، وكفارة القتل بعد الجرح قبل زهوق الروح، وهو مسلم وجائز عند مالك (المغني: 2/630).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد وجود سبب الوجوب عند جمهور العلماء منهم الأئمة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب).(الفتاوى 25/85).
ويقول الدكتور/ يوسف القرضاوي: هذا وترك التعجيل وإخراج الزكاة في حينها أولى وأفضل، خروجًا من الخلاف، وضبطًا للموارد المالية السنوية للدولة، إلا إذا عرضت حاجة تقتضي ذلك، كحاجة بيت المال إلى زيادة في الموارد لجهاد مفروض، أو لكفاية الفقراء، فله أن يستسلف أرباب المال أو بعضهم، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عمه العباس، وينبغي ألا يزيد التعجيل ولا الاستسلاف على حولين، اقتصارًا على ما ورد به النص.(فقه الزكاة 2/ 307).
وبناء على ما سبق فإن الراجح من أقوال جمهور أهل العلم أنه يجوز تقديم الزكاة قبل عام الحول ـ للمصلحة ـ إذا وجد سبب الوجوب وهو ملك نصاب كامل نام أو فاضل عن الحاجة الأصلية لحصول الغنى به، وتأخير الأداء إلى تمام الحول هو من باب التيسير ، فلو أخرجها قبل الحول صح، وعلى ذلك فإن كان السائل قد نوى أداء الزكاة عند إخراجه لهذا المال صحت زكاته وأجزأت عنه.والله أعلم.


هل يجوز تأخير إخراج الزكاة ؟



يجوز تأخير إخراج الزكاة لمصلحة معتبرة
وصلني سؤال يقول:
هل يجوز تأخير إخراج الزكاة ؟
الجواب:
الأصل في إخراج الزكاة أن تكون في وقتها المحدد لها شرعاً عند بلوغ النصاب ومرور الحول، ولكن إذا جاز تعجيل الزكاة قبل وقتها فإنه لا يجوز تأخيرها عن وقت إخراجها الواجب إلا لحاجة داعية، أو مصلحة معتبرة تقتضي ذلك. مثل أن يؤخرها ليدفعها إلى فقير غائب هو أشد حاجة من غيره من الفقراء الحاضرين، ومثل ذلك تأخيرها إلى قريب ذي حاجة؛ لما له من الحق المؤكد، وما فيها من الجر المضاعف.
وله أن يؤخرها لعذر مالي حلَ به، فأحوجه إلى مال الزكاة، فلا بأس أن ينفقه ويبقى دينًا في عنقه، وعليه الأداء في أول فرصة تسنح له.
قال الإمام شمس الدين الرملي رحمه الله: (وله تأخيرها لانتظار أحوج أو أصلح أو قريب أو جار؛ لأنه تأخير لغرض ظاهر وهو حيازة الفضيلة، وكذلك ليتروى حيث تردد في استحقاق الحاضرين، ويضمن إن تلف المال في مدة التأخير. لحصول الإمكان، وإنما أخر لغرض نفسه، فيتقيد جوازه بشرط سلامة العاقبة، ولو تضرر الحاضر بالجزع حرم التأخير مطلقًا؛ إذ دفع ضرره فرض، فلا يجوز تركه لحيازة فضيلة (نهاية المحتاج: 2/134).
واشترط الإمام ابن قدامة رحمه الله في جواز التأخير لحاجة أن يكون شيئًا يسيرًا، فأما إن كان كثيرًا فلا يجوز، ونقل عن أحمد قوله: لا يجرى على أقاربه من الزكاة في كل شهر. يعني لا يؤخر إخراجها حتى يدفعها إليهم متفرقة في كل شهر شيئًا، فأما إن عجلها فدفعها إليهم، أو إلى غيرهم، متفرقة أو مجموعة جاز؛ لأنه لم يؤخرها عن وقتها، وكذلك إن كان عنده مالان أو أموال زكاتها واحدة، وتختلف أحوالها، مثل أن يكون عنده نصاب، وقد استفاد في أثناء الحول من جنسه دون النصاب، لم يجز تأخير الزكاة ليجمعها كلها؛ لأنه يمكنه جمعها، بتعجيلها في أول واجب منها (المغني: 2/685).
وبناء على ما سبق فإنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إلا لعذر، أو ضرورة ومصلحة تقتضي ذلك، ويأثم إذا أخرها لغير حاجة داعية لذلك. والله أعلم.

الأحد، 15 نوفمبر 2015

اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم



اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
وصلني سؤال يقول:
هل يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطايا والهبات؟
الجواب:
اتفق العلماء على مشروعية العدل بين الأولاد في العطية فلا يخص أحدهم أو بعضهم بشيء دون الآخر، وأنه لا يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري ومسلم عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْجِعْهُ "، وفي لفظ لمسلم  فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا قَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ"، ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهر على وجوب العدل بين الأولاد ، وأن تفضيل بعضهم دون الآخر ظلم وجور، إضافة إلى امتناعه صلى الله عليه وسلم عن الشهادة عليه وأمره برده، وهذا كله يدل على تحريم التفضيل، ولما في تفضيل بعضهم على بعض من وقوع للعداوة والبغضاء فيما بينهم، وقطيعة الرحم وغير ذلك.والله أعلم.


الموسوعة الطبية الفقهية (موسوعة جامعة للأحكام الفقهية في الصحة والمرض والممارسات الطبية) ، د. أحمد محمد كنعان ، تقديم د. محمد هيثم الخياط

فقه القضايا الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة مزودة بقرارات المجامع الفقهية والندوات العلمية ، أ.د. علي القره داغي و أ.د. علي المحمدي

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

فضائل يوم عاشوراء

فضائل يوم عاشوراء د/ أحمد عرفة



فضائل يوم عاشوراء
يوم عاشوراء هو أحد أيام شهر المحرم، وهو أحد الأشهر الحرم التي عظمها الله تعالى وذكرها في كتابه فقال: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )(التوبة:36)، وأخرج البخاري ومسلم عن أَبي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ:(إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ)، ويستحب الإكثار من الصيام في شهر الله المحرم، وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)، ويوم عاشوراء كانت تعظمه اليهود والنصارى، وذلك كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ فسألهم فقالوا: إنه يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، فقال صلى الله عليه وسلم نحن أحق بموسى منكم فصامه، وأمر بصيامه)، وروى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الإمام النووي رحمه الله: والحاصل من مجموع الأحاديث: أن يوم عاشوراء كانت الجاهلية من كفار قريش، وغيرهم، واليهود ، يصومونه ، وجاء الإسلام بصيامه متأكداً، ثم بقيَ صومه أخف من ذلك التأكد.( شرح النووي على مسلم 8 / 9، 10).
 وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عَبْد اللّهِ بْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ: إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، إِنْ شَاءَ اللّهُ، صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ». قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّىٰ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللّهِ، ويتأكد صيام يوم عاشوراء ؛ وذلك لما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان).
 وبيّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم ما في صيام هذا اليوم من الفضل العظيم والثواب الجزيل، وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله)، وبيّن أن صيامه سنة وليس واجباً كما في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن عاشوراء يوم من أيام الله ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه)، وأخرج البخاري في صحيحه عن عائشةَ رضيَ اللّهُ عنها قالت: «كان عاشوراءُ يوماً تَصومهُ قريش في الجاهلية، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصومه. فلما قدِمَ المدينةَ صَامَهُ وأمرَ بصيامه، فلما نزلَ رمضانُ كان مَن شاءَ صامه، ومن شاء لا يَصومُه»، ويستحب حث الصبيان على صيامه ؛ كما في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن الربيِّع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار (مَن أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم) قالت: فكنا نصومه بعد ونصوِّمه صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار، ويستحب صيام يوم قبل اليوم العاشر أو بعده ؛ وذلك لما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، وصوموا قبله يوماً أو بعده يوماً). قال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ولا سيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان، فلما فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضا كما ثبت في الصحيح ، فهذا من ذلك، فوافقهم أولا وقال: (نحن أحق بموسى منكم) ، ثم أحب مخالفتهم فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله ويوم بعده خلافا لهم ".(فتح الباري 4/770).
ومراتب صيام عاشوراء ثلاثة كما قال الإمام ابن القيم  رحمه الله:(مراتب صومه ثلاث، أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم).(زاد المعاد 2/75).
فإن قلت: ما الحكمة من صيام التاسع مع العاشر؟ فالجواب: قال الإمام النووي رحمه الله: ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجهاً: أحدها: أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر، والثاني: أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم، كما نهى أن يصام يوم الجمعة وحده، ذكرهما الخطابي وآخرون، والثالث: الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلطٍ، فيكون التّاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر.(المجموع 6/433).
فينبغي علينا جميعاً أن نحرص على اغتنام هذا اليوم بالأعمال الصالحة من الصيام والمحافظة على الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله عز وجل وسائر أعمال الخير والبر، وعلى الإنسان المسلم أن يحذر من الاغترار بعمله، وألا يتكل على صيام هذا اليوم مع مقارفته للكبائر إذ الواجب التوبة من جميع الذنوب قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة حتى يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر ولم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر فرمضان والجمعة إلى الجمعة لا يقويا على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوي مجموع الأمرين على تكفير الصغائر فكيف يكفر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها غير تائب منها هذا محال ".(الجواب الكافي صـ13).  
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل


د/أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية
Ahmedarafa11@yahoo.com

الخميس، 1 أكتوبر 2015

مكانة العمل التطوعي في الإسلام د/ أحمد عرفة

داعش وأفكارها في ميزان الشريعة الإسلامية د/ أحمد عرفة

التحذير من فتنة التكفير د/ أحمد عرفة

وصلني سؤال يقول: ما حكم بيع السجائر؟

وصلني سؤال يقول:
ما حكم بيع السجائر؟
الجواب:

بيع الدخان حرام لما فيه من الضرر البين على الجسم، والله تعالى قد أحل لنا كل طيب، وحرم علينا كل خبيث. قال سبحانه:(يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) [ المائدة:4]، وقال سبحانه:(وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)[الأعراف:]، ومما لا شك فيه أن الدخان من الخبائث التي اتفق على خبثها المسلمون والكفار، والله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه وأما المال المكتسب من بيع الحلال من المواد الغذائية، فلا يحرمه اجتماعه بالمال الخبيث المكتسب من بيع السجائر والواجب على المسلم أن يتخلص من المال الحرام، بإنفاقه في المصالح العامة وحاجات المسلمين.والله أعلم.

وصلني سؤال يقول: هل للربح حد أعلى في الإسلام؟

وصلني سؤال يقول:
هل للربح حد أعلى في الإسلام؟
الجواب:
ليس في الشريعة حد معين للربح ، فيجوز أن تتفقا على أن يكون الربح مبلغاً معيناً ، أو نسبة معلومة من ثمن البضاعة كالثلث أو الربع ، أو أكثر من ذلك ما دام المشتري يعرف قيمة السلعة في السوق ، وينبغي الرفق والإحسان وعدم استغلال حاجة الناس .

فالذي رجحه العلماء أن الربح ليس له حد تحرم مجاوزته، ولكن ينبغي للتاجر أن يكون سمحاً في معاملاته، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى). هذا والله تعالى أعلم. 

د. أحمد عرفه خلال حواره لـ”راية مصر” العقيقة نوع من أنواع التكافل الاجتماعي

الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

وصلني سؤال يقول: هل تجوز الأضحية بالأنثى من الحيوان؟

وصلني سؤال يقول:
هل تجوز الأضحية بالأنثى من الحيوان؟
الجواب :
يشترط في الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام ، سليمة من العيوب ، بالغة السن المعتبرة شرعاً ، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى ، فتجوز الأضحية بكليهما
قال النووي رحمه الله : " فشرط المجزئ في الأضحية أن يكون من الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم , سواء في ذلك جميع أنواع الإبل , وجميع أنواع البقر, وجميع أنواع الغنم من الضأن والمعز وأنواعهما , ولا يجزئ غير الأنعام من بقر الوحش وحميره وغيرها بلا خلاف, وسواء الذكر والأنثى من جميع ذلك , ولا خلاف في شيء من هذا عندنا " (المجموع 8/364).
وبناء على ما سبق تجوز الأضحية بالأنثى من الحيوان بشرط أن تكون من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم ، وأن تكون سليمة من العيوب، وأن تكون في وقت الذبح ، وأن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعاً. والله أعلم.





وصلني سؤال يقول: هل تجوز الأضحية عن الميت؟

وصلني سؤال يقول: 
هل تجوز الأضحية عن الميت؟ 
الجواب: 
أجمع المسلمون على مشروعيتها من حيث الأصل، ويجوز أن يضحى عن الميت؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» ، وذبح الأضحية عنه من الصدقة الجارية؛ لما يترتب عليها من نفع المضحي والميت وغيرهما. والله أعلم.

وصلني سؤال يقول: ما الحكم فيمن اشتري أضحية وعينها للتضحية بها ثم حدث بها عيب قبل الذبح؟

وصلني سؤال يقول:
ما الحكم فيمن اشتري أضحية وعينها للتضحية بها ثم حدث بها عيب قبل الذبح؟
الجواب:
إذا عيَّن الإنسان الأضحية ، ثم حصل لها عيب من غير تعدٍّ منه ولا تفريط ، ثم ذبحها في وقت الذبح ، فإنها تجزئ ، وتكون أضحية . قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " إذا أوجب أضحية صحيحة سليمة من العيوب , ثم حدث بها عيب يمنع الإجزاء , ذبحها , وأجزأته . روي هذا عن عطاء والحسن والنخعي والزهري والثوري ومالك والشافعي وإسحاق " (المغني13/373)، وذلك لما رواه البيهقي عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه أُتِي في هداياه بناقة عوراء ، فقال: ( إن كان أصابها بعد ما اشتريتموها فأمضوها ، وإن كان أصابها قبل أن تشتروها فأبدلوها)، وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالة " أحكام الأضحية" في ذكر الأحكام المترتبة على تعيين الأضحية : " إذا تعيبت عيباً يمنع من الإجزاء فلها حالان : إحداهما: أن يكون ذلك بفعله أو تفريطه فيجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل ؛ لأن تعيبها بسببه فلزمه ضمانها بمثلها يذبحه بدلاً عنها ، وتكون المعيبة ملكاً له على القول الصحيح يصنع فيها ما شاء من بيع وغيره .
الثانية : أن يكون تعيبها بدون فعل منه ولا تفريط فيذبحها وتجزئه ، لأنها أمانة عنده وقد تعيبت بدون فعل منه ولا تفريط فلا حرج عليه ولا ضمان".
وبناء على ما سبق فإذا حدث بالأضحية عيب بعد تعيينها بدون تعد أو تفريط من المضحى فإنه يجوز ذبحها والتضحية بها وتجزئه ولا شيء عليه، وأما إن كان هذا العيب بفعل منه وتفريط فإنه يجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل. والله أعلم.


وصلني سؤال يقول: هل تجوز الأضحية بالأنثى من الحيوان؟

وصلني سؤال يقول:
هل تجوز الأضحية بالأنثى من الحيوان؟
الجواب :
يشترط في الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام ، سليمة من العيوب ، بالغة السن المعتبرة شرعا ، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى ، فتجوز الأضحية بكليهما
قال النووي رحمه الله : " فشرط المجزئ في الأضحية أن يكون من الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم , سواء في ذلك جميع أنواع الإبل , وجميع أنواع البقر, وجميع أنواع الغنم من الضأن والمعز وأنواعهما , ولا يجزئ غير الأنعام من بقر الوحش وحميره وغيرها بلا خلاف, وسواء الذكر والأنثى من جميع ذلك , ولا خلاف في شيء من هذا عندنا " (المجموع 8/364).
وبناء على ما سبق تجوز الأضحية بالأنثى من الحيوان بشرط أن تكون من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم ، وأن تكون سليمة من العيوب، وأن تكون في وقت الذبح ، وأن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعاً. والله أعلم.





وصلني سؤال يقول: ما الحكم فيمن اشتري أضحية وعينها للتضحية بها ثم حدث بها عيب قبل الذبح؟

وصلني سؤال يقول:
ما الحكم فيمن اشتري أضحية وعينها للتضحية بها ثم حدث بها عيب قبل الذبح؟
الجواب:
إذا عيَّن الإنسان الأضحية ، ثم حصل لها عيب من غير تعدٍّ منه ولا تفريط ، ثم ذبحها في وقت الذبح ، فإنها تجزئ ، وتكون أضحية . قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " إذا أوجب أضحية صحيحة سليمة من العيوب , ثم حدث بها عيب يمنع الإجزاء , ذبحها , وأجزأته . روي هذا عن عطاء والحسن والنخعي والزهري والثوري ومالك والشافعي وإسحاق " (المغني13/373)، وذلك لما رواه البيهقي عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه أُتِي في هداياه بناقة عوراء ، فقال: ( إن كان أصابها بعد ما اشتريتموها فأمضوها ، وإن كان أصابها قبل أن تشتروها فأبدلوها)، وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالة " أحكام الأضحية" في ذكر الأحكام المترتبة على تعيين الأضحية : " إذا تعيبت عيباً يمنع من الإجزاء فلها حالان : إحداهما: أن يكون ذلك بفعله أو تفريطه فيجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل ؛ لأن تعيبها بسببه فلزمه ضمانها بمثلها يذبحه بدلاً عنها ، وتكون المعيبة ملكاً له على القول الصحيح يصنع فيها ما شاء من بيع وغيره .
الثانية : أن يكون تعيبها بدون فعل منه ولا تفريط فيذبحها وتجزئه ، لأنها أمانة عنده وقد تعيبت بدون فعل منه ولا تفريط فلا حرج عليه ولا ضمان ".
وبناء على ما سبق فإذا حدث بالأضحية عيب بعد تعيينها بدون تعد أو تفريط من المضحى فإنه يجوز ذبحها والتضحية بها وتجزئه ولا شيء عليه، وأما إن كان هذا العيب بفعل منه وتفريط فإنه يجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل. والله أعلم.


وصلني سؤال يقول: هل تجوز الأضحية للميت؟

وصلني سؤال يقول:
هل تجوز الأضحية للميت؟
الجواب:
أجمع المسلمون مشروعيتها من حيث الأصل، ويجوز أن يضحى عن الميت؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» ، وذبح الأضحية عنه من الصدقة الجارية؛ لما يترتب عليها من نفع المضحي والميت وغيرهما. والله أعلم.

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

وصلني سؤال يقول: من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره هل هذا للمضحى فقط أم لأهل البيت كلهم؟

وصلني سؤال يقول:
من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره هل هذا للمضحى فقط أم لأهل البيت كلهم؟
الجواب:
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره» قال الإمام النووي رحمه الله: والمراد بالنهى عن أخذ الظفر والشعر النهى عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذه بنورة أو غير ذلك وسواء شعر الإبط والشارب والعانة والرأس وغير ذلك من شعور بدنه. ثم قال:"والحكمة في النهى أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار، وقيل: التشبه بالمحرم قال أصحابنا: هذا غلط؛ لأنه لا يعتزل النساء، ولا يترك الطيب واللباس، وغير ذلك مما يتركه المحرم".[شرح النووي على مسلم: 13/138-139].
 فهذا الحديث دال على المنع من أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، فالرواية الأولى فيها الأمر والترك، وأصله أنه يقتضي التحريم، أي: تحريم الأخذ، ولا نعلم صارفاً يصرفه عن ذلك، فتبين بهذا: أن هذا الحديث خاص بمن أراد أن يضحي فقط، أما المضحى عنه فسواء كان كبيراً أو صغيراً فلا مانع من أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظفاره بناء على الأصل وهو الجواز، ولا نعلم دليلاً يدل على خلاف الأصل. والله أعلم.


وصلني سؤال يقول: هل يشترط للأضحية سن معين؟ وهل تجوز التضحية بأقل من السن المعتبرة شرعاً؟

وصلني سؤال يقول:
هل يشترط للأضحية سن معين؟ وهل تجوز التضحية بأقل من السن المعتبرة شرعاً؟
الجواب:
اتفق العلماء على أن الشرع قد ورد بتحديد سِنٍّ في الأضحية لا يجوز ذبح أقل منه ، ومن ذبح أقل منه فلا تجزئ أضحيته.(المجموع/ للنووي 1/176)؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(لا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ) ففي هذا الحديث التصريح بأنه لا بد من ذبح مسنة ، إلا في الضأن فيجزئ الجذعة . قال الإمام النووي رحمه الله:" قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُسِنَّة هِيَ الثَّنِيَّة مِنْ كُلّ شَيْء مِنْ الإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم فَمَا فَوْقهَا, وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّهُ لا يَجُوز الْجَذَع مِنْ غَيْر الضَّأْن فِي حَال مِنْ الأَحْوَال "(شرح النووي على مسلم 13/117)، وأخرج البخاري ومسلم عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ) . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ . وفي رواية: (عَنَاقاً جَذَعَةً)، وفي رواية للبخاري ( فَإِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا ؟) قَالَ: (اذْبَحْهَا ، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ) وفي رواية : (لا تُجْزِئ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ) . ثُمَّ قَالَ : (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ)، وهذا التخصيص من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:( ولن تجزئ عن أحد بعدك) يدل على أنه لا تصح التضحية بالجذع من الإبل والبقر والماعز ، وهو الذي اعتمد عليه الفقهاء في قولهم إنه لا تجوز التضحية بما دون السنتين من البقر قال الإمام النووي رحمه الله:" أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني , ولا من الضأن إلا الجذع , وأنه يجزئ هذه المذكورات إلا ما حكاه بعض أصحابنا ابن عمر والزهري أنه قال : لا يجزئ الجذع من الضأن . وعن عطاء والأوزاعي أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن " (المجموع 8/366).
وقال الإمام الكاساني رحمه الله:" وتقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة ; حتى لو ضحى بأقل من ذلك سِنًّا لا يجوز ، ولو ضحى بأكثر من ذلك سِنًّا يجوز ، ويكون أفضل , ولا يجوز في الأضحية حَمَل ولا جدي ولا عجل ولا فصيل ; لأن الشرع إنما ورد بالأسنان التي ذكرناها وهذه لا تسمى بها " (بدائع الصنائع5/70).
وبناء على ما سبق فإن السن المعتبر شرعاً في الأضحية في الإبل ما له خمس سنين ودخل في السادسة، والبقر ما له سنتين ودخل في الثالثة، والغنم ما له سنة ودخل في الثانية، ويجزئ الجذع من الضأن وهو ما له ستة أشهر أو عشرة أشهر، ولا يجزئ الجذع من الماعز بإجماع الفقهاء، وأن ذبح الأضاحي دون هذه السن المعتبرة لا يجزئ باتفاق الفقهاء.
وينبغي أن يُعلم أنه ليس المقصود من الأضحية اللحم فقط ، وتوزيعه صدقة أو هدية ، وإنما يُقصد بالأضحية أيضاً تعظيم شعائر الله عز وجل ، وإراقة الدم كوسيلة من وسائل الشكر لله تعالى ، قال الله تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.(سورة الحج الآية 32)، وكذلك الامتثال لأمر الله عز وجل بإراقة الدم ، اقتداءً بإبراهيم عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}(سورة الحج الآية 37).
والله أعلم .


وصلني سؤال يقول: أرجو التكرم بتوضيح شروط الأضحية بارك الله فيكم؟

وصلني سؤال يقول:
أرجو التكرم بتوضيح شروط الأضحية بارك الله فيكم؟
الجواب: 
يشترط للأضحية ستة شروط :
أحدها: أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) الحج/34 , وبهيمة الأنعام هي الإبل ، والبقر ، والغنم هذا هو المعروف عند العرب ، وقاله الحسن وقتادة وغير واحد .
الثاني: أن تبلغ السن المحدود شرعاً بأن تكون جذعة من الضأن ، أو ثنية من غيره لقوله صلى الله عليه وسلّم : " لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " . رواه مسلم .
والمسنة : الثنية فما فوقها ، والجذعة ما دون ذلك .
فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين .
والثني من البقر : ما تم له سنتان .
والثني من الغنم ما تم له سنة .
والجذع : ما تم له نصف سنة ، فلا تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز ، ولا بما دون الجذع من الضأن .
الثالث :أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة :
1 ـ العور البين : وهو الذي تنخسف به العين ، أو تبرز حتى تكون كالزر ، أو تبيض ابيضاضاً يدل دلالة بينة على عورها .
2 ـ المرض البين : وهو الذي تظهر أعراضه على البهيمة كالحمى التي تقعدها عن المرعى وتمنع شهيتها ، والجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحته ، والجرح العميق المؤثر عليها في صحتها ونحوه .
3 ـ العرج البين : وهو الذي يمنع البهيمة من مسايرة السليمة في ممشاها .
4 ـ الهزال المزيل للمخ : لقول النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل ماذا يتقي من الضحايا فأشار بيده وقال : " أربعاً : العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء التي لا تنقى ".
فهذه العيوب الأربعة مانعة من إجزاء الأضحية ، ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد، فلا تجزىء الأضحية بما يأتي :
1 ـ العمياء التي لا تبصر بعينيها .
2 ـ المبشومة ( التي أكلت فوق طاقتها حتى امتلأت) حتى تثلط ويزول عنها الخطر .
3 ـ المتولدة إذا تعسرت ولادتها حتى يزول عنها الخطر .

4 ـ المصابة بما يميتها من خنق وسقوط من علو ونحوه حتى يزول عنها الخطر 

5 ـ الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة .
6 ـ مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين .
فإذا ضممت ذلك إلى العيوب الأربعة المنصوص عليها صار ما لا يضحى به عشرة . هذه الستة وما تعيب بالعيوب الأربعة السابقة .
الشرط الرابع :أن تكون ملكاً للمضحي ، أو مأذوناً له فيها من قبل الشرع ، أو من قبل المالك فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه ؛ لأنه لا يصح التقرب إلى الله بمعصيته . وتصح تضحية ولي اليتيم له من ماله إذا جرت به العادة وكان ينكسر قلبه بعدم الأضحية .
وتصح تضحية الوكيل من مال موكله بإذنه .
الشرط الخامس: أن لا يتعلق بها حق للغير فلا تصح التضحية بالمرهون.
الشرط السادس: أن يضحي بها في الوقت المحدود شرعاً وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، فتكون أيام الذبح أربعة : يوم العيد بعد الصلاة ، وثلاثة أيام بعده ، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد ، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته ؛ لما روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك في شيء ". 
ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلاً ونهارا ً، والذبح في النهار أولى ، ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل ، وكل يوم أفضل مما يليه ؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل الخير . والله أعلم. 

وصلني سؤال يقول: ما حكم الأضحية هل هي واجبة أم سنة مؤكدة؟

وصلني سؤال يقول:
ما حكم الأضحية هل هي واجبة أم سنة مؤكدة؟
الجواب:
الأضحية هي: ما يذبح من بهيمة الأنعام في أيام الأضحى تقرباً إلى الله عز وجل، وقد اختلف العلماء في حكمها على قولين: القول الأول: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء أنها سنة مؤكدة، القول الثاني: أنها واجبة، وهو قول الأوزاعي والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد.
وقد استدل جمهور الفقهاء  بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره" ، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن أمته، وبقوله " ثلاث هن علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى" أخرجه الحاكم، واستدلوا أيضاً بما صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يظن أن الأضحية واجبة، واستدل القائلين بالوجوب بقوله صلى الله عليه وسلم: " من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا" رواه أحمد وفي إسناده كلام لأهل العلم.
والراجح والله أعلم هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء أن الأضحية سنة مؤكدة، وقد صرح كثير من القائلين بعدم الوجوب بأنه يكره تركها للقادر، ولا شك أن تارك الأضحية مع قدرته عليها قد فاته أجر عظيم وثواب كبير . والله أعلم.


الأحد، 19 يوليو 2015

فتاوى خاصة بشهر شوال د/ أحمد عرفة

وصلني سؤال يقول:
ما حكم صيام الست أيام من شوال؟
الجواب:
من الأيام التي يستحب صومها صيام ستة أيام من شوال، ويشرع للمسلم صيام هذه الأيام، وذلك لما فيها من الفضل العظيم والأجر الكبير، ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"
وقد فسّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة في سننه بسند صحيح عن ثوبان ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
قال الإمام النووي رحمه الله:فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة، وقال مالك وأبو حنيفة يكره ذلك قال مالك في الموطأ ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها قالوا فيكره لئلا يظن وجوبه ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها.(شرح النووي على مسلم:جـ8صـ56).
والله أعلم.











وصلني سؤال يقول:
هل يشترط التتابع في صيام الستة أيام من شوال؟
الجواب:
صيام الستة أيام من شوال سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة، فإن صامها متتابعة أو متفرقة حصل الأجر إن شاء الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق صيامها ولم يذكر فيه تتابعاً ولا تفريقاً، وإنما قال صلى الله عليه وسلم: (من رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).
قال الإمام النووي رحمه الله: والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة؛ لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال.(شرح النووي على مسلم:جـ8صـ56).والله أعلم.





















وصلني سؤال يقول:
هل يجوز صيام الأيام الست من شوال قبل قضاء ما أفطره من رمضان؟
الجواب:
نعم يجوز صيام الأيام الست من شوال قبل قضاء الأيام التي أفطرها من رمضان بعذر كمرض وحيض ونفاس ونحو ذلك، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، قال النووي رحمه الله: ومذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير السلف والخلف أن قضاء رمضان في حق من أفطر بعذر كحيض وسفر يجب على التراخي، ودليلهم على ذلك أن قضاء رمضان ليس واجباً على الفور وإنما على التراخي، ولما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سلمة ، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها ، تقول : " كان يكون علي الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان " ، قال يحيى : الشغل من النبي أو بالنبي صلى الله عليه وسلم"، ولأن قضاء رمضان موسع فيه، وصوم مثل هذه الأيام ضيق، فلا يدرك إن فات.والله أعلم.

















وصلني سؤال يقول:
هل يجوز الجمع بين قضاء رمضان وصيام ست من شوال بنية واحدة؟
الجواب:
الجمع بين عبادتين بنية واحدة يجوز في النوافل، وذلك إذا كان في الوسائل أو مما يتداخل صح، وحصل المطلوب من العبادتين، كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة، فإن جنابته ترتفع ويحصل له ثواب غسل الجمعة، وإن كانت إحدى العبادتين غير مقصودة، والأخرى مقصودة بذاتها صح الجمع ولا يقدح ذلك في العبادة كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، فتحية المسجد غير مقصودة بذاتها، وإنما المقصود هو شغل المكان بالصلاة، وقد حصل.
 وأما الجمع بين عبادتين مقصودتين كصيام فرض أداءً أو قضاء كفارة كان أو نذراً، مع صيام مستحب كست من شوال فلا يصح التشريك، لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى مقصودة بذاتها لا تندرج تحت العبادة الأخرى.
فصيام شهر رمضان، ومثله قضاؤه مقصود لذاته، وصيام ست من شوال مقصود لذاته لأنهما معاً كصيام الدهر، فلا يصح التداخل والجمع بينهما بنية واحدة. والله أعلم.


د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية
عضو الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي

Ahmedarafa11@yahoo.com

وماذا بعد رمضان د/ أحمد عرفة

ماذا بعد رمضان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فإن من أعظم الدروس المستفادة من شهر رمضان تهذيب الأخلاق التي هي أصل عظيم دعا إليه الإسلام ، وشُرعت من أجله العبادات ، ونجد ذلك واضحاً جلياً في فريضة الصيام حيث قال صلى الله عليه وسلم:(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (رواه البخاري ومسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم:(فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل وإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم) (رواه البخاري ومسلم)
فما أحوج المسلمين للتمسك بأخلاق الصيام والمحافظة عليها بعد رمضان، فالإسلام جاء لتهذيب الأخلاق وإصلاحها وقد قال صلى الله عليه وسلم:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)(رواه البيهقي).
ومن الدروس المستفادة أيضاً من شهر رمضان تحقيق تقوى الله عز وجل التي هي المقصد الأعلى والغاية العظمى من فريضة الصيام قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة:183)، والتقوى هي وصية الله تعالى للأولين والآخرين قال تعالى:( وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ)(النساء:132)، والتقوى هي أن يجعل الإنسان بينه وبين ما يُغضب الله تعالى وقاية ، فما أحوج المسلمين إلى درس التقوى بعد رمضان والمواظبة عليه في كل وقت وكل في لحظة من لحظات الحياة في السر والعلانية بين الإنسان وبين نفسه، وبين الإنسان وغيره، أي أن يستوي سره وعلانيته .
ومن الدروس المستفادة أيضاً من شهر رمضان المداومة على الطاعات، فلقد حرص كثير من المسلمين على اغتنام هذا الشهر بالصيام والقيام وقراءة القرآن وذكر الله ، والإكثار من الصدقات والإنفاق في سبيل الله ، وغير ذلك من الطاعات التي داوم عليها في رمضان، فما أحوج المسلمين إلى المداومة على هذه الطاعات بعد رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في المداومة على العمل وإن كان قليلاً فقد جاء في البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ » . قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ لَزِمَتْهُ، فلنحافظ على الصلوات في أوقاتها بعد رمضان، ونكثر من صيام التطوع كصيام ست من شوال، وصيام يومي الاثنين والخميس، والثلاثة أيام البيض، وليكن لنا ورد يومي من القرآن الكريم يومياً ، ولنحرص على الصدقة أيضاً والإنفاق في سبيل الله بما تيسر فالنبي صلى الله عليه وسلم قال:(اتقوا النار ولو بشق تمرة) (رواه البخاري)، وليحرص أيضاً على قيام الليل ولو بركعتين فقيام الليل من أفضل الصلوات بعد صلاة الفريضة قال صلى الله عليه وسلم:(أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم)(رواه مسلم).
ثم في النهاية ليحذر المسلم بعد رمضان من الانغماس في الشهوات والمعاصي ولا يكون حاله كحال هذه المرأة التي ضربها الله تعالى مثلاً لنا في القرآن قال تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(سورة النحل:92) يبيّن لنا ربنا جل وعلا في هذه الآية الكريمة حال هذه المرأة التي ظلت تغزل طوال الليل فلما أصبحت نقضت هذا الغزل الذي تعبت فيه بعد عناء ومشقة بأن هذا خيبة وسفاهة، فليحذر المسلم بعد رمضان أن يكون حاله كهذه المرأة أن ينقض الطاعات والقربات التي قام بها في رمضان من صلاة وصيام وقراءة للقرآن وصدقة وغير ذلك من أعمال البر التي كان محافظاً عليها في رمضان بالذنوب والمعاصي والعودة إلى الحال التي كان عليها قبل رمضان، ولقد سُئل بعض السلف أيهما أفضل شعبان أم رمضان فقال: كن ربانياً ولا تكن ربانياً ، ولمَّا سُئِل بشر الحافي- رحمه الله- عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضانُ تركوا، قال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان!
فما أحوجنا إلى المداومة على الطاعات بعد رمضان ، فالمداومة على الطاعة من علامات القبول فمن علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها، فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا وأن يوفقنا للمداومة على العمل الصالح بعد رمضان اللهم آمين .
د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية
عضو الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي

Ahmedarafa11@yahoo.com

السبت، 18 يوليو 2015

المنهج النبوي في الدعوة إلى الله

الحكمة. والموعظة الحسنة
بقلم: نهلة متولى
المصدر: الأهرام المسائى
16-7-2015
More Sharing ServicesShare| Share on facebookShare on favoritesShare on googleShare on twitter
المنهج النبوي فى الدعوة إلى الله لابد وأن يتسم بالحكمة والموعظة الحسنة والمصداقية والواقعية والإحسان لمن أساءوا إلينا ولن يتحقق للدعوة أهدافها إلا إذا التزم دعاة العصر بنهج نبيهم وآمنوا وطبقوا ما يدعون الناس إليه وكان لديهم من التقوى والورع ما يجعلهم قدوة الناس ومثالهم الذي يحتذى به واختلطوا بالناس وتفاعلوا مع مشكلاتهم وبصروا الناس بالمنهج الحق لحل ما يواجههم فى حياتهم وفق منهج الله تعالى وشرعه.
وحول المنهاج النبوى فى الدعوة يقول الدكتور عبدالفتاح محمود إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر إنه لم يكن المنهج الذي اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم فى الدعوة إلى الله تعالى منهجا بشريا بل كان منهجا إلهيا أرشده إليه ربه، فقد أمره أن تكون دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة فقال سبحانه: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وأمره ربه أن يكون رفيقا بمن يدعوهم قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر) وأمره أن يجادلهم بالحسنى فقال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال له عند مخاطبة أهل الكتاب: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) كما أمر نبيه أن يحسن إلى من يدعوهم إلى الإسلام وإن أساءوا إليه فقال تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) وقال سبحانه: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ولذا فقد طبق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الهدي فى دعوته.
فعندما قسم الرسول صلي الله عليه وسلم غنائم هوازن جذبه أعرابي من جذبه جبذة أثر طرف الثوب بها فى عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أعطني يا محمد مما أعطاك الله فلم يزد عن أنه تبسم له وأمر أن يعطى من المال المغنوم تلك كانت شيمته صلى الله عليه وسلم فى دعوته إلى الله تعالى حتى فتحت بدعوته قلوب غلف وأشربت دعوته أفئدة هي كالحجارة أو أشد قسوة فصاروا من أتباع هذا الدين يدافعون وينافحون عنه ولن يصلح هذا الدين إلا بما صلح به أوله مؤكدا أن هذا هو المنهج النبوي الذي إذا ترسمناه فى الدعوة إلى الله تعالى كان الفلاح كله فى هذا السبيل ولم نجد فى حياتنا ما يشذ من خلق أو تصرف أو سلوك أو شطط فكري أو انحراف فى التوجه أو الفهم.
بينما يقول أحمد عرفة باحث دكتوراه بجامعة الأزهر إّنَّ الدعوة إلى الله تعالى هي سبيل الأنبياء والمرسلين ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين من العلماء الناصحين والدعاة الصادقين قال عزّ وجل مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وقال تعالى: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) ومن أجل ذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب للدعوة إليه سبحانه تذكيراً للغافل وتعليماً للجاهل ورداً للشارد عن منهج الله عز وجل ودعوةً له للرجوع إليه سبحانه كما قال تعالى: (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ.)، وقال تعالى: (وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ.)، وقال تعالى: (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى).
ويضيف ماأحوج الأمة الإسلامية الآن فى هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن إلى المنهج النبوي فى الدعوة إلى الله ليكون الداعي على بصيرة بما يدعو، فالدعوة إلى الله تعالى من أشرف الأعمال وأجلها قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (سورة فصلت: الآية: 33).
ويؤكد أن المتأمل فى منهج النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه قد اتخذ عدة أساليب منها: أولاً: مراعاة حال المدعوين: فمن منهج النبي صلى الله عليه وسلم مراعاته صلى الله عليه وسلم لحال المدعوين فالدعوة إلى الله كالدواء لابد من وضعه فى محله ولا يمكن وضعه فى المحل المناسب إلا بعد معرفة حال المريض وما يناسبه من الدواء فما يصلح لمريض قد لا يصلح لآخر.
ويطالب عرفة الدعاة إلى الله تعالى اليوم بالرحمة والرفق تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم سيد الدعاة فى دعوته، ومن الأمثلة على ذلك ما رواه الإمام مسلم فى صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم؟ تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني "أي انتهرني" ولا ضربني ولا شتمني قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "فما أحوج الدعاة اليوم إلى تعلم هذا الرفق واللين والرحمة فى الدعوة إلى الله كما كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم فى دعوته.
ويقول الشيخ إبراهيم محمود عبدالراضى إمام وخطيب بوزارة الأوقاف إن الدعوة بمعناها العام هي حث الغير على الخير فحض الناس على الخير دعوة سواء كان هذا الخير فى فعل أمر فيفعلوه أو فى ترك أمر فيجتنبوه وفى كل خير ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله له (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) فهو الداعي إلى الله بإذن من الله ولذلك لم تكن دعوته كأي دعوة بل كانت دعوته على بصيرة (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة).
ويؤكد أن البصيرة فى الدعوة هي المنهج فى الدعوة وبصيرته صلى الله عليه جعلت منهجه يتسم بالحكمة والمصداقية والواقعية والتيسير أما الحكمة فهي لا تعني اللين ولا تعني الشدة بل هي اللين فى موضعه والشدة فى موضعها وهي خير دلنا الله على خيريته بقوله (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) ولم يؤت رسول الله الحكمة فحسب بل وعلم الحكمة أمته (هوالذي بعث فى الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) وقال فى لينه فى موضع اللين (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وشدته فى موضع الشدة (وما كان رسول الله يغضب إلا حينما تنتهك محارم الله).
ويشير إلى أنه إن أردنا مثالاً على حكمته صلى الله عليه وسلم فلا أدل على ذلك من استقباله للشاب الذي أراد الرخصة فى الزني فأراد بعضهم نهره إلا أنه قربه إليه وقال: ادن، يعني اقترب وفى قوله هذا من الود ما فيه قال له، أترضاه لأمك؟ قال الشاب لا، قال كذلك الناس لايرضونه لأمهاتهم أترضاه لأختك؟ قال لا قال كذلك الناس لايرضونه لأخواتهم، أترضاه لعمتك لخالتك. فحرك النبي صلى الله عليه وسلم فيه فطرته وغيرته ونخوته ثم دعا له بحفظ القلب وتحصين الفرج، حكمة ما بعدها حكمة فى التعامل مع الشاب.

ويضيف إن المصداقية هي أن يفعل الداعية ما يقول (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) ورسول الله هو الصادق الأمين غفر الله له ومع ذلك يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ويقول (أفلا أكون عبدا شكورا؟!) يقول (إني لأتقاكم لله وأشدكم له خشية) وهكذا ينبغي على كل داعية أن يوافق قوله فعله وكيف لا تتسم دعوته بالمصداقية وهو ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، أما الواقعية فلا يليق أن يكون الداعية فى معزل عن الواقع حتى لا يجنح بالدعوة إلى غير المراد.