الاثنين، 16 نوفمبر 2015

ما حكم رفع الصوت بذكر الله أثناء الجنازة؟



وصلني سؤال يقول:
ما حكم رفع الصوت بذكر الله أثناء الجنازة؟
الجواب:
يكره رفع الصوت بالذكر والتهليل خلف الجنازة، وقد سئل شيخ الإسلام عن رفع الصوت في الجنازة فأجاب: الحمد لله لا يستحب رفع الصوت مع الجنازة لا بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك هذا مذهب الأئمة الأربعة وهو المأثور عن السلف من الصحابة والتابعين ولا أعلم فيه مخالفا ; بل قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم{ أنه نهى أن يتبع بصوت أو نار} رواه أبو داود، وسمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلا يقول في جنازة: استغفروا لأخيكم، فقال ابن عمر: لا غفر الله بعد، وقال قيس بن عباد - وهو من أكابر التابعين من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز وعند الذكر وعند القتال، وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يكن على عهد القرون الثلاثة المفضلة ، وأما قول السائل : إن هذا قد صار إجماعا من الناس فليس كذلك بل ما زال في المسلمين من يكره ذلك وما زالت جنائز كثيرة تخرج بغير هذا في عدة أمصار من أمصار المسلمين، وأما كون أهل بلد أو بلدين أو عشر تعودوا ذلك فليس هذا بإجماع ; بل أهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم التي نزل فيها القرآن والسنة وهي دار الهجرة والنصرة ; والإيمان والعلم لم يكونوا يفعلون ذلك; بل لو اتفقوا في مثل زمن مالك وشيوخه على شيء ولم ينقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو خلفائه لم يكن إجماعهم حجة عند جمهور المسلمين وبعد زمن مالك وأصحابه ليس إجماعهم حجة باتفاق المسلمين فكيف بغيرهم من أهل الأمصار ، وأما قول القائل: إن هذا يشبه بجنائز اليهود والنصارى فليس كذلك بل أهل الكتاب عادتهم رفع الأصوات مع الجنائز وقد شرط عليهم في شروط أهل الذمة أن لا يفعلوا ذلك ثم إنما نهينا عن التشبه بهم فيما ليس هو من طريق سلفنا الأول وأما إذا اتبعنا طريق سلفنا الأول كنا مصيبين وإن شاركنا في بعض ذلك من شاركنا كما أنهم يشاركوننا في الدفن في الأرض وفي غير ذلك .(مجموع الفتاوى 24/294-295).
وقال الإمام النووي رحمه الله:[ يستحب له - أي الماشي مع الجنازة - أن يكون مشتغلاً بذكر الله تعالى والفكر فيما يلقاه وما يكون مصيره وحاصل ما كان فيه ، وأن هذا آخر الدنيا ومصير أهلها ، وليحذر كل الحذر من الحديث بما لا فائدة فيه، فإن هذا وقت فكر وذكر يقبح فيه الغفلة واللهو والاشتغال بالحديث الفارغ ، فإن الكلام بما لا فائدة فيه منهيٌ عنه في جميع الأحوال فكيف هذا الحال .
واعلم أن الصواب المختار ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم السكوت في حال السير مع الجنازة، فلا يرفع صوتاً بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك ، والحكمة فيه ظاهرة وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوب في هذا الحال ، فهذا هو الحق ولا تغترنّ بكثرة من يخالفه ، فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ].(الأذكار136).
وبناء على ما سبق فلا يجوز رفع الصوت أثناء الجنازة بذكر الله تعالى ولا بغيره، وإنما الأولى للمسلم في مثل هذا الموقف هو التأمل والعظة والعبرة بالموت. والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق