الأحد، 10 سبتمبر 2023

من الصدقات الجارية

 من الصدقات الجارية
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
فمن الصدقات الجارية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العلم النافع التي ينتفع به الناس في الدنيا وفي الآخرة سواء أكان هذا العلم من العلوم الشرعية أم العلوم الحياتية كالطب والصيدلة والهندسة وغير ذلك من العلوم النافعة.
ونحن على مقربة من العام الدراسي الجديد نحتاج إلى أن يكون هناك تكاتف وتعاون من الأغنياء -الذين وسع الله تعالى عليهم في المال- أن يقفوا بجانب طلاب العلم الفقراء والمساكين وذلك من خلال مساعدتهم بشراء ما يلزم لهم لإتمام العملية التعليمية، فكم رأينا من طلاب تركوا التعليم وانصرفوا عنه بسبب أنهم لا يجدون هذه النفقات، لا سيما في ظل هذا الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار
ومن ذلك مثلا: الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس وغيرها مما يلزم الطلاب، وكذلك أيضا رأينا بعض الطلاب ممن فتح الله عليهم فى الفهم والحفظ يتركون مجال التعليم بحجة أنه أصبح لا يؤتي ثماره المرجوة منه، وغير ذلك مما نراه ويراه الناس في كل مكان.
فما أحوجنا إلى أن يكون هناك تعاون مع الطلاب غير القادرين ومساعدتهم على استكمال مسيرة التعليم، ولنعلم جميعا أن هذا باب عظيم من أبواب الصدقات الجارية والعلم النافع الذي يظل لصاحبه بعد موته، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سبع يجري أجرهن للعبد وهو في قبره بعد موته، وذكر منها: من علم علما أو نشره...).
 ويمكن مساعدة هؤلاء الطلاب بالآتي:
١.دفع مصروفات المدارس والمعاهد عند بداية كل عام دراسي، أو مساعدة هؤلاء الطلاب بتقديم مستندات للإعفاء من هذه المصروفات.
٢.شراء ما يلزم لهم من الكتب والملخصات التي تساعدهم على إنجاز دروسهم، وذلك كزملائهم من الأغنياء لا أن نقول لهم اكتفوا بكتاب المدرسة أو استعينوا بالكتب القديمة، وإن كان ذلك فيكون في أضيق الحدود عند عدم الاستطاعة.
٣.توفير ما يلزم لهم من كراسات وأقلام وسائر المستلزمات اللازمة لهم حسب طبيعة كل مرحلة وما يناسبها.
٤.المساهمة في تخفيف أعباء الدروس الخصوصية عليهم بدفعها عنهم، أو تخفيضها من قبل المدرس القائم على هذا الأمر، ولو أمكن إعفاء الطلاب الأيتام والفقراء لكان هذا أفضل حسب طبيعة كل مدرس في هذا الباب، والخير موجود في كثير من المدرسين جزاهم الله خيرا، لكن هذا يحتاج إلى تفعيل، ولو دفع لهم أحد الأغنياء ذلك لكان حسنا.
٥.متابعة هؤلاء الطلاب لا سيما الأيتام والسؤال عنهم في المدرسة وحلقات الدرس وتعاهد أحوالهم، فهذا أيضا باب عظيم من أبواب الخير.
كانت هذه إشارات سريعة حول الصدقات الجارية بتعليم النافع، وأن هذا هو الذي يبقى للإنسان بعد موته، وسوف يجد ذلك في يوم القيامة غدا بين يدي الله تعالى إن أحسن بهذا النية والقصد في الدنيا.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين يارب العالمين
كتبه
د: أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية
جامعة الأزهر الشريف

موت الفجأة والمبادرة بالتوبة قبل الرحيل

 موت الفجأة والمبادرة بالتوبة قبل الرحيل
لقد انتشر موت الفجأة في زماننا هذا بصورة مخيفة جدا، حتى أصبح لا يفرق بين الصغير والكبير، والشباب والشيوخ، والرجال والنساء والأطفال، فربما ينام الإنسان على فراشه، وإذا به يستيقظ على سؤال الملكين في القبر، والآخر يذهب إلى عمله فيرجع في نهاية اليوم إلى أهله محمولا على الأعناق، وذاك يتغرب عن وطنه وإذ به يرجع إلى بلده وحيدا في صندوق خشبي نراه ويراه الناس، وغير ذلك كثير من الأمور والأحوال التي تدعونا إلى العظة والاعتبار.
وقد رأيت في الأيام والأسابيع الماضية العديد من حوادث موت الفجأة ما بين أطفال وشباب يموتون غرقى في لحظات، وهذا الأمر يدعونا إلى التأمل والاعتبار والعظمة، وإلى أن نفيق من غفلتنا، وأن نأخذ العظة والعبرة بما نراه من حولنا كل يوم.
وعندما نتأمل في السنة النبوية المطهرة نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين لنا أن موت الفجأة من علامات الساعة، وجاء ذلك واضحا جليا في أحاديث كثيرة منها ما جاء في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقا، وأن يظهر موت الفجأة).
وجاء في مسند الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: موت الفجأة راحة للمؤمن وأخذة أسف للكافر).
ولخطورة موت الفجأة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ منه، وكان من دعائه ا صلى الله عليه وسلم:( رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَدْعو فيقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أَعوذُ بك مِنَ الهَدمِ، والتَّرَدِّي، والهَرَمِ، والغَرَقِ، والحريق...) (أخرجه أبو داود).
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال:( كان من دُعَاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ).
لذلك فإن على الإنسان أن يستعد للموت، وأن يكون الموت نصب عينيه في كل لحظة، كما أن عليه أن يكتب وصيته؛ لأنه لا يعلم متى ستكون المنية، ولذلك جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ قال: « مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَىْءٌ ، يُوصِى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ ، إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».
وعليه فإن السعيد من وعظ بغيره، والشقي من مات فوعظ به غيره، فعلى الإنسان العاقل الللبيب أن يبادر ويسارع بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله عز وجل قبل أن يأتيه الموت فجأة.
فالله عز وجل دعانا إلى التوبة وبين سبحانه وتعالى أنه يقبل توبة عباده حين يتوب ويرجع إليه حيث قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (سورة الزمر: ٥٣)، وقال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (سورة النور: ٣١).
وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى فيقول: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إليه واستغفره في اليوم أكثر من سبعين مرة) (أخرجه البخاري)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)(أخرجه الترمذي)، أي: قبل أن تبلغ الروح الحلقوم.
كما بين صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده حين يتوب ويرجع إليه، ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ).
فما أحوجنا إلى أن نبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى قبل أن يدركنا الموت فجأة، فالموت ليس سن معين، ولا زمان معين، ولا مكان معين، وإنما لكل إنسان منا أنفاس معدودة إذا انتهت ينتهي الأجل، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ). (سورة الأعراف: ٣٤).
فاللهم تب علينا توبة نصوحا، وارزقنا حسن الخاتمة اللهم آمين يارب العالمين
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين يارب العالمين
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
كتبه
د: أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية
جامعة الأزهر الشريف

#للباحثين_وطلاب_الدراسات_العليا_ كتب البحث العلمي في الشريعة والدراسات الإسلامية

 #للباحثين_وطلاب_الدراسات_العليا_
كتب البحث العلمي في الشريعة والدراسات الإسلامية
من الأمور المهمة التي يجب على كل باحث بصفة عامة وفي الشريعة والدراسات الإسلامية بصفة خاصة أن يحرص عليها، أن يتعرف على كيفية البحث العلمي ومصادره، وقد وصلتني العديد من الأسئلة من الباحثين عن كيفية كتابة البحث وإعداد الخطة البحثية ومصادر البحث العلمي، ففكرت في كتابة هذه الإشارات السريعة بذكر بعض المراجع العامة في البحث العلمي، والمراجع الخاصة في كيفية البحث في الشريعة والدراسات الإسلامية، وذلك كما يلي:
أولًا: كتب عامة في البحث العلمي:
هناك العديد من الكتب والدراسات في كيفية إعداد البحث العلمي، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- كيف تكتب بحثًا أو رسالة، دراسة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراة، د/ أحمد شلبي، وهو من مطبوعات مكتبة النهضة المصرية بالقاهرة، الطبعة الأولى 1952م، ويقع هذا الكتاب في 199 صفحة من القطع الصغير، وهو أول الكتابات في هذا الباب، وقد اشتمل على ستة فصول: جاء الفصل الأول في الرسالة وعناصر نجاحها، والفصل الثاني مشكلات ما قبل الكتابة، والفصل الثالث كتابة الرسالة، والفصل الرابع هيئة الرسالة، والفصل الخامس كتابة الرسالة بالآلة الكتابة وتجليدها، والفصل السادس المناقشة والنتيجة.
2- منهج البحوث العلمية للطلاب الجامعيين، د/ ثريا عبد الفتاح ملحس، وهذا الكتاب من مطبوعات دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، ومكتبة المدرسة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1960م، ويقع هذا الكتاب في 233 صفحة من القطع الصغير.
3- أصول البحث العلمي ومناهجه، د/ أحمد بدر، وهذا الكتاب من مطبوعات وكالة المطبوعات بالكويت، الطبعة الأولى 1973م، ويقع هذا الكتاب في 536 صفحة من القطع الكبير، وقد بيّن فيه مؤلفه أساسيات المنهج العلمي في البحث، وكيفية البحث عن المعلومات بالمكتبة، وكيفية كتابة الرسالة العلمية، واختيار منهج البحث، وكيفية جمع وتحليل وتقديم نتائج البحث.
4- أضواء على البحث والمصادر، د/ عبد الرحمن عميرة، وهو من مطبوعات شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع بالسعودية، الطبعة الثالثة 1401هـ- 1981م، ويقع هذا الكتاب في 196 صفحة من القطع الكبير.
5- إعداد البحوث والرسائل العلمية من الفكرة حتى الخاتمة، د/ أحمد إبراهيم خضر، الطبعة الأولى 1434هـ- 2013م، ويقع هذا الكتاب في 383 صفحة من القطع الكبير.
6- دليل المحققين والباحثين في تحقيقاتهم وأبحاثهم، د/ مروان العطية، وهو من مطبوعات دار العلا للنشر والتوزيع بالقاهرة، الطبعة الأولى 2014م، ويقع هذا الكتاب في 423 صفحة من القطع الكبير، حيث تناول في الباب الأول التحقيق مفهومه وأصوله ومناهجه ومدارسه وطرائقه، وفي الباب الثاني البحث العلمي أصوله ومناهجه.
ثانيًا: كتب خاصة بالبحث العلمي في الشريعة والدراسات الإسلامية:
هناك العديد من الكتب الخاصة بالبحث العلمي في الشريعة والدراسات الإسلامية على وجه الخصوص، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- كتابة البحث العلمي ومصادر الدراسات الإسلامية، د/ عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان، وهو من مطبوعات دار الشروق، 1978م، ويقع هذا الكتاب في 680 صفحة من القطع الكبير، وهذا الكتاب يعتبر بحق موسوعة من الموسوعات القيمة في البحث العلمي ومصادر الدراسات الإسلامية والتي لا يستغني عنها باحث في البحث العلمي بصفة عامة والدراسات الإسلامية بصفة خاصة.
2- منهج البحث في العلوم الإسلامية، د/ محمد الدسوقي، وهو من مطبوعات دار الأوزاعي، الطبعة الأولى 1404هـ- 1984م، ويقع هذا الكتاب في 400 صفحة من القطع الكبير.
3- منهج البحث في الفقه الإسلامي خصائصه ونقائصه، د/ عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان، وهو من مطبوعات المكتبة المكية، مكة المكرمة، ودار ابن حزم، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1416هـ- 1996م، ويقع هذا الكتاب في 285 صفحة من القطع الكبير. وهو الكتب الأصيلة في هذا الباب والتي ينبغي على كل باحث في الفقه الإسلامي أن يعتني بها عناية فائقة ويستفيد منها، وهو بحق جهد رائع كتب بعمق المادة وسهولة وعذوبة العرض.
4- أبجديات البحث في العلوم الشرعية (محاولة في التأصيل المنهجي) ضوابط . مناهج. تقنيا. آفاق، د/ فريد الأنصاري، وهو من مطبوعات دار الكلمة بالمنصورة، مصر، الطبعة الأولى 1423هـ- 2002م، ويقع هذا الكتاب في 212 صفحة من القطع الكبير.
5- البحث الفقهي طبيعته- خصائصه- أصوله- مصادره، د/ إسماعيل سالم عبد العال، وهو من مطبوعات مكتبة الأسدي بمكة المكرمةـ الطبعة الأولى 1429هـ- 2008م، ويقع هذا الكتاب في 334 صفحة من القطع الكبير. ويُعد هذا الكتاب من الكتب القيمة في هذا الباب، والتي ينبغي على الباحث في الفقه الإسلامي أن يعتني بها ويستفيد منها في كيفية إعداد بحثه بصورة علمية صحيحة.
6- تعريف الطلبة بمصنفات فقهاء المذاهب الأربعة. دراسة موجزة لجملة كبيرة مما طبع من مصنفات فقهاء المذاهب الأربعة المشهورة، د/ عبد العزيز بن محمد بن عبدالله العجيلان، وهو من مطبوعات دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، والدار المتخصصة بالرياض، الطبعة الأولى 1430هـ- 2009م، ويقع هذا الكتاب في 510 صفحة من القطع الكبير.
7- تأصيل بحث المسائل الفقهية، د/ خالد بن عبد العزيز السعيد، وهو من مطبوعات دار الميمان، بالسعودية، الطبعة الأولى 1431هـ- 2010م، ويقع هذا الكتاب في 198صفحة من القطع الكبير.
8- منهج البحث في التراث الفقهي دراسة في كيفية توثيق الآراء الفقهية، د/ الناجي لمين، وهو من مطبوعات دار الكلمة بالمنصورة، مصر، الطبعة الأولى 1432هـ- 2011م، ويقع هذا الكتاب في 160 صفحة من القطع الكبير، وقد اشتمل هذا الكتاب على خمسة مباحث: المبحث الأول في المصنفات في الخلاف العالي فائدتها وقصورها، والمبحث الثاني المدخل إلى المذهب الحنفي، والمبحث الثالث المدخل إلى المذهب المالكي، والمبحث الرابع المدخل إلى المذهب الشافعي، والمبحث الخامس المدخل إلى المذهب الحنبلي.
9- مقومات البحث الفقهي المعاصر في المعاملات المالية دراسة تحليلية نقدية، د/ تركي حسن القحطاني، وهو من مطبوعات جمعية البر، الإمارات العربية المتحدة، دبي، الطبعة الأولى، 1443هـ- 2021م، ويقع هذا الكتاب 752 صفحة من القطع الكبير.
10- منهج البحث الشرعي، د/ علي محمد الربابعة، وهو من مطبوعات دار النفائس، الأردن، الطبعة الأولى 1443هـ- 2022م، ويقع هذا الكتاب في 306 صفحة من القطع الكبير.
كانت هذه بعض الإشارات السريعة بأهم الكتب في البحث العلمي بصفة عامة، وكتب البحث العلمي في الشريعة والدراسات الإسلامية بصفة خاصة، والتي ينبغي على الباحث أن يستفيد من قراءاتها ومطالعتها في كيفية إعداد البحث العلمي في تخصصه؛ ليخرج البحث في صورته المنشودة، ويفيد في مجاله.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
كتبه
د: أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
 بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون- شرقية
جامعة الأزهر الشريف

الفتاوى الإلكترونية وخطورتها على الفرد والمجتمع

 الفتاوى الإلكترونية وخطورتها على الفرد والمجتمع
إن للفتوى في الإسلام منزلة عظيمة، ولما لا وهي توقيع عن رب العالمين، وبيان لحكم الله تعالى في الوقائع والنوازل والقضايا المستجدة وغيرها.
ولذا كان للفتوى خطورتها على الفرد والمجتمع، لا سيما إذا كانت من غير المتخصص، والذي يتجاسر ويتجرأ على الفتوى والقول على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، وهذا مما نراه ونشاهده وللأسف الشديد كل يوم في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية.
وعندما نتأمل حال السلف الصالح رضوان الله عليهم نجدهم يتورعون عن الفتوى، وعدم الخوض فيها، وإحالة السائل إلى غيرهم، وغيرهم يحيل إليهم وهكذا، وهذا كله منهم لعلمهم بمدى خطورة الفتوى ومكانتها، ومن ذلك ما جاء عن ابن أبي ليلى رحمه الله قال: أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أراه قال في المسجد، فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا.
ومن صور الفتوى ومجالاتها الفتاوى عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال المواقع المتخصصة، ومواقع العلماء وطلبة العلم هنا وهناك، وهذه الفتاوى الإلكترونية لها خطورتها إذ أن من قواعد الفتوى وضوابطها أن تختلف باختلاف الزمان والمكان والعرف والعادة، وكذلك تختلف الفتوى بحسب الأشخاص والأحوال والبلدان، ولذلك نرى العلماء رحمهم الله تعالى يحذرون من مجرد الفتوى بالمنقول من الكتب والجمود عليه دون مراعاة لتغير الحال والعرف.
وقد بين الإمام ابن القيم رحمه الله أهمية الفتوى ومكانتها ومنزلتها في شريعة الإسلام، وأنها تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والعادة حيث قال: (فصلٌ: في تغيّر الفتوى، واختلافها بحسب تغيّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد.
ثم قال: (هذا فصلٌ عظيمُ النفع جدًا، وقع بسبب الجهلِ به غَلَطٌ عظيم على الشريعة أوْجَبَ من الحرج والمشقة وتكليفِ ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي هي في أعلى رُتَب المصالح لا تأتي به.
فإنَّ الشريعة مَبْنَاها وأساسَهَا على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عَدْلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلها، ومصالحُ كلها، وحكمةٌ كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجَوْر، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة وإن أُدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عَدْل اللَّه بين عبادة، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتَمَّ دلالةٍ وأصدقَهَا...) إعلام الموقعين، ٣/ ٣ وما بعدها).
كما أنه لا بد من مراعاة تغير العرف وأحوال الناس وعاداتهم، وأنه لا ينبغي الجمود على مجرد المنقول في الكتب دون مراعاة ذلك، وفي هذا يقول الإمام القرافي رحمه الله حيث قال: (فمهما تجدد من العرف؛ اعتبِرْه, ومهما سقط؛ أسقِطْه , ولا تجمُد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك؛ لا تُجرِه على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأجْرِه عليه، وأفته به دون عرف بلدك والمقررِّ في كتبك، فهذا هو الحق الواضح, والجمود على المنقولات أبدًا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين).(الفروق، ١/ ٣٢١).
ثم علق الإمام ابن القيم رحمه الله على ذلك فقال: (ومَن أفتى الناسَ بمُجرّد المنقول في الكتب -على اختلاف عُرْفهم ، وعوائدهم ، وأزمنتهم ، وأمكنتهم ، وأحوالهم، وقرائن أحوالهم-؛ فقد ضلّ وأضلّ، وكانت جنايتُه على الدين أعظمَ مِن جناية مَن طبّب الناسَ –كلَّهم- على اختلاف بلادهم ، وعوائدهم ، وأزمنتهم ، وطبائعهم - بما في كتابٍ مِن كُتُب الطِّبِّ- على أبدانهم!
بل هذا الطبيبُ الجاهلُ - وهذا المفتي الجاهلُ- أضرُّ ما على أديانِ الناسِ وأبدانِهم - والله المستعان). (إعلام الموقعين، ٣ / ٧٨).
وعليه فإن الناظر في هذه الفتاوى الإلكترونية المنشورة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي يجد أن تختلف من بلد إلى أخرى، ومن سائل إلى آخر، وكذلك هيئة الفتوى مختلفة، فقد تكون هيئة الفتوى في بلد، والسائل في بلد، وقد يختلف المذهب الفقهي المفتى به في هذه البلد عن الأخرى، وكذلك حال السائل أيضا.
وبناء على ما سبق فإنه ينبغي أن يكون نقل الفتوى من متخصص يعلم ما هو منشور، ويميز بين الصحيح وغيره، وذلك حسب السائل مع مراعاة عرف أهل كل بلد، فإن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والعادة.
كذلك لا بد أن تكون هذه المواقع المتخصصة في الفتاوى هي لهيئات علمية معروفة، وبإشراف من أهل العلم المشهود لهم في مجال الفتوى، وأن تكون هناك رقابة على ما ينشر من فتاوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي هنا وهناك سواء من قبل المتخصصين أو غيرهم، وذلك عملا على وحدة الأمة والحذر من الفرقة والاختلاف.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين يارب العالمين
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
كتبه
د: أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالديدامون شرقية
جامعة الأزهر الشريف