الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

وصلني سؤال يقول: هل يشترط للأضحية سن معين؟ وهل تجوز التضحية بأقل من السن المعتبرة شرعاً؟

وصلني سؤال يقول:
هل يشترط للأضحية سن معين؟ وهل تجوز التضحية بأقل من السن المعتبرة شرعاً؟
الجواب:
اتفق العلماء على أن الشرع قد ورد بتحديد سِنٍّ في الأضحية لا يجوز ذبح أقل منه ، ومن ذبح أقل منه فلا تجزئ أضحيته.(المجموع/ للنووي 1/176)؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(لا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ) ففي هذا الحديث التصريح بأنه لا بد من ذبح مسنة ، إلا في الضأن فيجزئ الجذعة . قال الإمام النووي رحمه الله:" قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُسِنَّة هِيَ الثَّنِيَّة مِنْ كُلّ شَيْء مِنْ الإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم فَمَا فَوْقهَا, وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّهُ لا يَجُوز الْجَذَع مِنْ غَيْر الضَّأْن فِي حَال مِنْ الأَحْوَال "(شرح النووي على مسلم 13/117)، وأخرج البخاري ومسلم عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ) . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ . وفي رواية: (عَنَاقاً جَذَعَةً)، وفي رواية للبخاري ( فَإِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا ؟) قَالَ: (اذْبَحْهَا ، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ) وفي رواية : (لا تُجْزِئ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ) . ثُمَّ قَالَ : (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ)، وهذا التخصيص من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:( ولن تجزئ عن أحد بعدك) يدل على أنه لا تصح التضحية بالجذع من الإبل والبقر والماعز ، وهو الذي اعتمد عليه الفقهاء في قولهم إنه لا تجوز التضحية بما دون السنتين من البقر قال الإمام النووي رحمه الله:" أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني , ولا من الضأن إلا الجذع , وأنه يجزئ هذه المذكورات إلا ما حكاه بعض أصحابنا ابن عمر والزهري أنه قال : لا يجزئ الجذع من الضأن . وعن عطاء والأوزاعي أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن " (المجموع 8/366).
وقال الإمام الكاساني رحمه الله:" وتقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة ; حتى لو ضحى بأقل من ذلك سِنًّا لا يجوز ، ولو ضحى بأكثر من ذلك سِنًّا يجوز ، ويكون أفضل , ولا يجوز في الأضحية حَمَل ولا جدي ولا عجل ولا فصيل ; لأن الشرع إنما ورد بالأسنان التي ذكرناها وهذه لا تسمى بها " (بدائع الصنائع5/70).
وبناء على ما سبق فإن السن المعتبر شرعاً في الأضحية في الإبل ما له خمس سنين ودخل في السادسة، والبقر ما له سنتين ودخل في الثالثة، والغنم ما له سنة ودخل في الثانية، ويجزئ الجذع من الضأن وهو ما له ستة أشهر أو عشرة أشهر، ولا يجزئ الجذع من الماعز بإجماع الفقهاء، وأن ذبح الأضاحي دون هذه السن المعتبرة لا يجزئ باتفاق الفقهاء.
وينبغي أن يُعلم أنه ليس المقصود من الأضحية اللحم فقط ، وتوزيعه صدقة أو هدية ، وإنما يُقصد بالأضحية أيضاً تعظيم شعائر الله عز وجل ، وإراقة الدم كوسيلة من وسائل الشكر لله تعالى ، قال الله تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.(سورة الحج الآية 32)، وكذلك الامتثال لأمر الله عز وجل بإراقة الدم ، اقتداءً بإبراهيم عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}(سورة الحج الآية 37).
والله أعلم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق