الحديث الخامس والثلاثون
عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا
ولا تباغضوا ،ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ،
المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره . التقوى ههنا _ ويشير
إلى صدره ثلاث مرات _ بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم . كل المسلم على المسلم
حرام : دمه وماله وعرضه )) . رواه مسلم0
أولاً:
ترجمة الراوى:
هو عبد
الرحمن بن صخر . من قبيلة دوس ، وقيل في اسمه غير ذلك . صحابي . راوية الإسلام .
أكثر الصحابة رواية . أسلم 7هـ وهاجر إلى المدينة
ولزم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فروى عنه أكثر من خمسة
آلاف حديث . ولاه أمير المؤمنين عمر البحرين ، ثم عزله للين عريكته . وولي المدينة
سنوات في خلافة بني أمية .
انظر ترجمته
فى:[ الأعلام للزركلي 4 / 80 ، و " أبو هريرة " لعبد المنعم صالح العلي
]0
ثانياً:
إعراب الحديث:
من قوله: « لا
تحاسدوا » إلى قوله : « تدابروا » : أفعال مضارعة مجزومة بلا الناهية علامة جزمها حذف
النون . والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل .
« ولا يبع »
: الواو حرف عطف .
« لا » : ناهية . « يبع » : فعل مضارع مجزوم علامة
جزمه السكون .
« بعضكم » :
بعض فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة ، وهو مضاف ، والكاف ضمير خطاب مبني على الضم في محل
جر بالإضافة .
« على بيع »
: جار ومجرور متعلقان بـ يبع .
« بعض » : مضاف
إليه مجرور علامة جره الكسرة . « و » : حرف عطف .
« كونوا » :
فعل أمر من كان يعمل عملها أي يرفع الاسم وينصب الخبر .
« الواو » :
ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم كان .
« عباد » : منادى
بحرف نداء محذوف منصوب، وهو مضاف . « الله » : مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« إخواناً » : خبر كان منصوب .
« المسلم أخو
» : مبتدأ وخبر مرفوعان . جملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب
« المسلم »
: الثانية مضاف إليه مجرور .
« لا » : نافية .
«يظلمه» : فعل
مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة وفاعله مستتر جوازاً تقديره هو « الهاء : ضمير متصل مبني
على الضم في محل جر .
« ولا يخذله
، يحقره » : تعرب إعراب يظلمه .
« التقوى »
: مبتدأ مرفوع بضمة مقدره منع من ظهورها التعذر .
«ههنا» : اسم
إشارة يفيد الظرفية متعلق بمحذوف خبر المبتدأ .
« ويشير » :
الواو واو الحال يشير فعل مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة . والفاعل مستتر جوازاً تقديره
هو والجملة في محل نصب حال من فاعل قال .
« إلى صدره » : جار ومجرور متعلقان بـ يشير . والهاء
في محل جر بالإضافة .
« ثلاث » : نائب
مفعول مطلق مبين للعدد وهو مضاف مرات مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« بحسب » : جار
ومجرور خبر مقدم وهو مضاف امرئ مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة .
« من الشر »
: جار ومجرور متعلقان بمعنى حَسْب أي يكفي .
« أن يحقر »
: « أن » : حرف مصدري .
«يحقر » :فعل
مضارع منصوب بأن علامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، الفعل يحقر
يؤول بمصدر مبتدأ مؤخر .
«أخاه » : مفعول
به منصوب علامة نصبه الألف وهو مضاف . الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة
.
«المسلم» : صفة
منصوبة علامة نصبها الفتحة .
« كل » : مبتدأ مرفوع علامة رفعه الضمة ، وهو مضاف
.
«المسلم » :
مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة على المسلم جار ومجرور متعلقان بحرام .
« حرام » : خبر
المبتدأ مرفوع علامة رفعه الضمة .
« دمه » : بدل
من حرام مرفوع ، وهو مضاف. الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة .
« ماله وعرضه
» : تعربان إعراب دمه[1]
.
ثالثاً:
مفردات الحديث:
لا تحاسدوا
: لا يحسد بعضكم بعضا .
ولا تناجشوا
: لا يزد بعضكم في ثمن سلعة لا يريد شراءها . ليخدع بذلك غيره ممن يرغب فيها .
ولا تباغضوا
: لا تتعاطوا أسباب التباغض .
ولا تدابروا
: لا يعط أحد منكم أخاه دبره حين يلقاه مقاطعة له .
ولا يبع بعضكم
على بيع بعض : بأن يقول لمن اشترى سلعة في مدة الخيار : افسخ هذا البيع ، وأنا أبيعك
مثله بأرخص منه ثمنه ، أو أجود منه بثمنه . أو يكون المتبايعان قد تقرر الثمن بينهما
وتراضيا ، ولم يبق إلا العقد فيزيد عليه ، أو يعطيه بأنقص ، وهذا بعد استقرار الثمن
، أما قبل الرضا فليس بحرام .
وكونوا عباد
الله أخوانا : كالتعليل لما تقدم ، أي تعاملوا معاملة الأخوة في المودة ، والرفق والشفقة
والملاطفة ، والتعاون في الخير ، ونحو ذلك مع صفاء القلوب
المسلم أخو المسلم
: لأنه يجمعهما دين واحد ، قال تعالى : (( إنما المؤمنون أخوة )) .
لا يظلمه : لا
يدخل عليه ضررا في نفسه ، أو دينه ، أو عرضه ، أو ماله بغير إذن شرعي .
ولا يخذله :
لا يترك نصرته المشروعة ، لأن من حق حقوق أخوة الإسلام : التناصر .
ولا يكذبه :
بفتح ياء المضارعة ، وتخفيف الذال المكسورة على الأشهر ، ويجوز ضم أوله وإسكان ثانية
_ لا يخبره بأمر خلاف الواقع .
ولا يحقره :
بالحاء المهملة والقاف _ لا يستصغر شأنه ويضع من قدره ، لأن الله لما خلقه لم يحقره
بل رفعه وخاطبه وكلفه .
التقوى : اجتناب
عذاب الله بفعل المأمور ،و ترك المحظور .
بحسب امريء من
الشر : يكفيه من الشر .
عرضه : حسبه
، وهو مفاخره ومفاخر آبائه ، وقد يراد به النفس([2])
.
رابعاً: ما
يستفاد من الحديث:
يستفاد منه
:
1- تحريم الحسد
،والتباغض ، و التدابر ، وبيع البعض على بيع البعض .
2- النهي عن
أذية المسلم بأي وجه من الوجوه من قول أو فعل .
3- النهي عن
الأهواء المضلة ، لأنها توجب التباغض .
4- الأمر باكتساب
ما يصير به المسلمون إخوانا على الإطلاق ، ويدخل في ذلك أداء حقوق المسلم على المسلم
: كر د السلام ، وابتدائه ، وتشميت العاطس ، وعيادة المريض ، وتشييع الجنائز ، وإجابة
الدعوة ، والنصح .
5- تحريم الظلم
.
6- أن من حقوق
المسلم على المسلم نصره إذا احتاج إليه ، سواء كان ذلك الأمر دنيويا مثل أن يقدر على
دفع عدو يريد أن يبطش به ، فيجب عليه دفعه ، أو دينيا مثل أن يقدر على نصحه عن غيه
بنحو وعظ فيجب عليه حينئذ النصح ، وتركه هو الخذلان المحرم .
7- التحذير من
تحقير المسلم ، فإن الله لم يحقره إذ خلقه ، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض ،
وسماه مسلما ، ومؤمنا ، وعبدا ، وجعل الرسول منه إليه محمدا صلى الله عليه وسلم . فمن
حقر مسلما من المسلمين فقد حقر ما عظمه الله تعالى .
8- إن عمدة التقوى
ما في القلب من عظمة الله ، وخشيته ومراقبته ، ولا اعتبار بمجر د الأعمال الصالحة بدون
ذلك .
9- تحريم دماء
المسلمين ، وأموالهم وأعراضهم([3])
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق