الجمعة، 24 نوفمبر 2017

كتاب الحضارة الإسلامية حضارة سلام لا إرهاب للأستاذ الدكتور/ مصطفى حلمي. إعداد/ د. أحمد عرفة


الحضارة الإسلامية

حضارة سلام لا إرهاب

هذا الكتاب من تأليف الأستاذ الدكتور/ مصطفى حلمي أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، طبعة الدار العربية للكتاب بالإسكندرية، الطبعة الأولى 1437هـ-2016م، يقع في 220 صفحة.

بدأ الكتاب بوصف موجز للحضارة الإسلامية برؤية غربية، بقلم المؤرخ الأمريكي، وول ديورانت، صاحب موسوعة قصة الحضارة، حيث يقول: " إن قيام الحضارة الإسلامية واضمحلالها لمن الظواهر الكبرى في التاريخ، لقد ظل الإسلام خمسة قرون من عام 700 إلى عام 1200م يتزعم العالم كله في القوة والنظام، وبسطة الملك، وجميل الطباع، والأخلاق، وفي ارتفاع مستوى الحياة، وفي التشريع الإنساني الرحيم، والتسامح الديني، والآداب، والبحث العلمي، والعلوم، والطب، والفلسفة"

وقد قسم المؤلف الكتاب إلى مقدمة وبابين، في المقدمة بيّن أهمية الموضوع وسبب اختياره ثم جاء الباب الأول تحت عنوان: "الإرهاب من صنع الغرب وطبعه" وقد قسّمه إلى سبعة فصول:

في الفصل الأول: تناول الجذور التاريخية والدينية للإرهاب الغربي، وذكر أن اتهام الغرب للإسلام بالإرهاب يرجع إلى ثلاثة عوامل، العامل الأول: الأحقاد الصليبية المترسبة في النفوس ما زالت فعّالة تحتفي وراء قشرة سحطية في المجالات التي تقتضيها المعاملات السياسية والدبلوماسية، والثاني: أن الإرهاب ظاهرة غريبة وهي من سمات حضارته تاريخياً وفي العصر الحديث أيضاً، والثالث: ارتباط الدين بالسياسة في دول الغرب، بخلاف ما يُشاع عنه في كتابات الغربيين وهذا هو مربط الفرس.

وفي الفصل الثاني: بيّن الطابع الغالب على الحضارة الغربية، يقول: "وإذا استعرضنا بإجمال الطابع الغالب على حضارة الغرب منذ تاريخ اليونان حتى عصرنا، سنجد طغيان التمييز العنصري عند اليونان منذ أفلاطون وأرسطو، الذي أباح للأثيني أن يسترق غير الأثيني ثم قيام الدولة الرومانية على القوة والبطش والاستعلاء وتأليه العنف. أما جرائم الاستعمار الأوروبي في القارتين الآسيوية أو الأفريقية فتلطخ صفحات التاريخ الحديث بالعار، ودعنا من وقائع الإرهاب المجسّد في إبادة الهنود الحمر في أمريكا واختطاف الأفريقين من بلادهم وشحنهم كالحيوانات".

وفي الفصل الثالث: كشف عن تاريخ نشأة الإرهاب وبشاعة جرائمه في بلاد الغرب، وتناول فيه صلة الحروب الصليبية بالإرهاب الغربي، ومجازر الصليبين بمدينة القدس، وبيّن أن نكبات المسلمين في إسبانيا كانت نموذجاً لإرهاب الغرب المكثف، ويقول:" وإن القلم يكاد يتوقف من هول ما ينقله من المصادر التاريخية التي سجلّت أنواع التعذيب بما لا يكاد يصدقه عقل من بشاعة وقسوة لا تصدر إلا من بشر نزع الله من قلوبهم الرحمة وسكب فيها ألواناً من الوحشية والدموية التي تعافها الوحوش نفسها".

وفي الفصل الرابع: تحدث عن الاستعمار الغربي: أخطبوط الإرهاب، تناول فيه تعريف الاستعمار، ثم تناول بعد ذلك استمرار الإرهاب الإسرائيلي بعد معاهدة السلام، ومن تطبيقات الإرهاب: الحرب الثقافية في مصر نموذجاً.

وفي الفصل الخامس: بيّن مسئولية الغرب عن غرس إسرائيل وإرهابها، بيّن فيه أن الإرهاب وسيلة اغتصاب أرض فلسطين، وسار اليهود بفلسطين على طريقة المهاجرين الأوائل لأرض أمريكا، ثم تحدث بعد ذلك عن إسرائيل وإرهاب الدولة المنظم.

وفي الفصل السادس: تناول الإرهاب في العصر الحديث: أهدافه، وتطوراته، وبعض نماذجه. قال فيه: "إن من أعجب ما نقرأه ونسمع عنه هو إلصاق تهمة (الإرهاب) بكل من هو مسلم، بينما حقيقة الإرهاب أنه صناعة استعمارية غريبة استخدمه الغرب في إخضاع الشعوب لسيطرته"، وذكر عدة نماذج للإرهاب الغربي، ومنها الإرهاب الروسي وما فعله الاتحاد السوفييتي وبلاد أوروبا الشرقية في المسلمين.

وفي الفصل السابع: ذكر شهادة بعض الشهود على الإرهاب الغربي.

أما الباب الثاني من هذا الكتاب فقد جاء بعنوان: " الحضارة الإسلامية حضارة سلام لا إرهاب"، وقد قسّمه إلى أربعة فصول:

في الفصل الأول: عرض لآراء بعض المنصفين الغربيين عن الحضارة الإسلامية وبيان سماحتها، وأنها حضارة سلام لا إرهاب، ومنهم الكاتبة الإيطالية: د/ لورا فاجليري حيث تصف الرسول صلى الله عليه وسلم بقولها: "كان محمد صلى الله عليه وسلم غاية في التسامح متبعاً في ذلك المبادئ السماوية خاصة نحو أتباع الأديان التي تنادي بالتوحيد وعرف كيف يستعين بالصبر حيال الوثنيين وينتظر معتقداً أن الوقت كفيل بإحداث التغيير المنشود"، وذكر آراء بعض الشخصيات أيضاً كالكاتب البريطاني: توماس كارلايل، والباحثة في الأديان: كارين أرمسترونج، والفيلسوف والأديب الفرنسي الشهير: فولتير.

وفي الفصل الثاني: تناول بالتفصيل الجواب على شبهة وفرية انتشار الإسلام بالسيف، ومن المؤرخين الغربيين الذين أبطلوا هذه الشبهة السير توماس أرنولد حيث قال بالحرف الواحد:" إذا نظرنا إلى التسامح الذي امتد على هذا النحو إلى رعايا المسلمين من المسيحين في صدر الحكم الإسلامي، ظهر أن الفكرة التي شاعت بأن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق"، وكذلك قامت عالمة الأديان كارين أرمسترونج بإزالة وهم الكثيرين من قومها الذين ظنوا أن فتوحات المسلمين كانت لنشر الإسلام بالسيف، وعللت انتصار الجيوش الإسلامية بعاملين: أحدهما: الإيمان العميق بنصر الله لهم، إذ ألحقوا الهزائم بإمبراطوريتين عظيمين عالميتين، وأمدهم هذا النصر المذهل بالشعور بالمعية الإلهية (وكان نجاحهم شاهداً أيضاً على صدق القرآن الذي وعد بأن المجتمع المستقيم يزدهر لأنه يلتزم بما يريده الله تعالى للبشر، وليتأملوا إذن ما حدث لهم حين أسلموا أنفسهم لله، والثاني: كان السكان في سوريا ودول شمال أفريقيا تحت الحكم البيزنطي، وقد ضاقوا بالاضطهاد الديني الذي كانت تمارسه عليهم الكنيسة الأرثوذكسية فلم يناصروا البيزنطيين في حربهم ضد العرب"

وفي الفصل الثالث: بيّن أن الإسلام دين سلام، وفي ذلك يقول فون هامر أحد الألمان مترجمي القرآن الكريم: " القرآن ليس دستور الإسلام فحسب، وإنما هو أيضاً ذروة البيان العربي فسحر اللغة العظيم، يشهد على أن القرآن الكريم هو وحي من الله تعالى وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ينشر سلطانه على قومه بالسيف، بل نشره في المقام الأول بإعجاز الخطاب، فالكلمة الحية التي فاقت القصائد السبع المعلقة على جدار الكعبة، لم يكن من الممكن أن تكون ثمرة قريحة بشرية، بل تحتم أن تكون كلمة نُطقت وكُتبت منذ الأزل في السماء، ومن هنا فإن القرآن هو وحي الله عز وجل".

وفي الفصل الرابع: بيّن أزمة الإنسان الغربي الروحية وعلاجها (ونماذج من المهتدين للإسلام)، وفي ذلك تقول العالمة الألمانية زيجريد هونكه معبّرة عن نقص معرفة الغرب بالإسلام:" والحق أن على الغربي أن يطرح جانباً تلك المصطلحات الذائعة والتصورات الشائنة، فالإسلام لا يقول أساساً بوارث (الخطيئة الأصلية) ولا بأن أول إنسان كان أثيماً، بمعنى أن الخطيئة أو الإثم ليس أصل الفطرة التي فطر الإنسان عليها، بل أن الإثم قد يُغتفر إذا تاب الإنسان توبة نصوحاً، حيث يغفر التواب الرحيم الذنوب".

د/ أحمد عرفة

باحث دكتوراه بجامعة الأزهر

عضو الجمعية الفقهية السعودية




نشر بجريدة عقيدتي في العدد الصادر بتاريخ 15/11/2016م.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق