الخميس، 23 أغسطس 2012

فضل الصيام فى شوال


فضل  صيام ستة أيام من شوال
إعداد / د : أحمد عرفة
معيد بجامعة الأزهر
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي r قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر)0
قال الإمام الصنعانى رحمه الله:
فيه دليل على استحباب صوم ستة أيام من شوال وهو مذهب جماعة من الآل وأحمد والشافعي وقال مالك: يكره صومها قال: لأنه ما رأى أحدا من أهل العلم يصومها ولئلا يظن وجوبها و الجواب أنه بعد ثبوت النص بذلك لا حكم لهذه التعليلات وما أحسن ما قاله ابن عبد البر: إنه لم يبلغ مالكا هذا الحديث يعني حديث مسلم واعلم أن أجر صومها يحصل لمن صامها متفرقة أو متوالية ومن صامها عقيب العيد أو في أثناء الشهر([1])0
وقال الكشميري رحمه الله:
قوله : ( فذلك صيام الدهر إلخ ) أي تنزيلاً لضابطة الحسنة بعشر أمثالها فإنه إذا صام رمضان يكون أجر عشرة أشهر وبقي شهران وإذا ضربنا ستة في عشرة حصل ستون يوماً ، ولصوم الدهر أنواع عديدة مثل صوم ثلاثة أيام بيض من كل شهر ، وضابطة الحسنة بعشرة أمثالها من خصوص الأمة المرحومة أهدي به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ليلة الإسراء كما رواه مسلم في صحيحه قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أعطيت في ليلة الإسراء خواتيم البقرة والحسنة بعشر أمثالها ،  وصورة أخرى لصوم الدهر تنزيلاً وهو أن يصوم يوماً في أول الشهر ويوماً في وسط الشهر ويوماً في آخر الشهر([2]).
وقال الإمام النووي رحمه الله:
والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر فان فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال قال العلماء وإنما كان ذلك كصيام الدهر لان الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر والستة بشهرين([3])0
قال الإمام ابن رجب رحمه الله:
وفي معاودة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة:
منها: أن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله.
ومنها: أن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تجبر أو تكمل بالنوافل يوم القيامة، كما ورد ذلك عن النبي r من وجوه متعددة، وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال، ولهذا نهى النبي r: (أن يقول الرجل صمت رمضان كله أو قمته كله). قال الصحابي فلا أدري أكره التزكية أم لا بد من الغفلة!.
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: من لم يجد ما يتصدق به فليصم.
يعني من لم يجد ما يخرجه صدقة الفطر في آخر رمضان فليصم بعد الفطر، فإن الصيام يقوم مقام الإطعام في التكفير للسيئات، كما يقوم مقامه في كفارات الإيمان وغيرها من الكفارات في مثل كفارات القتل والوطء في رمضان والظهار.
ومنها: أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بعد بحسنة كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم اتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.
ومنها: أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب كما سبق ذكره، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر وهو يوم الجوائز، فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكرا لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب (كان النبي r يقوم حتى تتورم قدماه فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا)
وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره وغير ذلك من أنواع شكره فقال: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)
 فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكرا عقب ذلك0
 كان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح في نهاره صائما، ويجعل صيامه شكرا للتوفيق للقيام0
وكان وهيب بن الورد يسأل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف ونحوه ؟ فيقول: لا تسألوا عن ثوابه ولكن اسألوا ما الذي على من وفق لهذا العمل من الشكر للتوفيق والإعانة عليه.
ومنها: أن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان، بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حيا. وهذا معنى الحديث المتقدم: أن الصائم بعد رمضان كالكار بعد الفار.
 يعني كالذي يفر من القتال في سبيل الله ثم يعود إليه، وذلك لأن كثيرا من الناس يفرح بانقضاء شهر رمضان لاستثقال الصيام وملله، وطوله عليه، ومن كان كذلك فلا يكاد يعود إلى الصيام سريعا، فالعائد إلى الصيام بعد فطره يوم الفطر يدل عوده على رغبته في الصيام، وأنه لم يمله ولم يستثقله ولا تكرّه به.
والله ولى التوفيق


   ([1])سبل السلام : جـ2 صـ167 0
   ([2]) العرف الشذي شرح سنن الترمذي: محمد أنور شاه ابن معظم شاه الكشميري
    الهندي جـ2 صـ181 تحقيق: محمود أحمد شاكر- طبعة مؤسسة ضحى للنشر والتوزيع0
([3])شرح النووي على مسلم : جـ8 صـ56 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق