الجمعة، 18 مارس 2016

تكريم الإسلام للمرأة



تكريم الإسلام للمرأة
           لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله، وما أجملَ قولَ أمير المؤمنين عمرَ رضي الله عنه: "والله إنْ كنَّا في الجاهلية ما نعدُّ للنساء أمرًا، حتى أنزل الله فيهنَّ ما أنزل، وقسم لهنَّ ما قسم"، ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام أن سواها بالرجل في التصرفات والحقوق المالية كالبيع والشراء، وحق التملك، وأخبرنا جل وعلا أنه خلق الذكر والأنثى، وجعل ميزان التفاضل العمل الصالح والتقوى فقال سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: 13]، وذكرها ربنا سبحانه في كتابه العزيز بجانب الرجل فقال: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]، وأقر الإسلام للمرأة حقها في التعليم، وذلك فيما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قالت النساء للنبي r: «غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن، وأمرهن، فكان مما قال لهن: ما منكن امرأة تُقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابًا من النار، فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: واثنين».
          وكرمها الإسلام بنتاً وأماً وزوجة، فهي إن كانت أماً فقد قرن الله حقها بحقه فقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء:23)، وجعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم أحق الناس بحسن الصحبة, وذلك فيما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أُمك, قال: ثم من ؟ قال: أُمك, قال: ثم من ؟ قال: أُمك, قال: ثم من ؟ قال: أبوك)، وإن كانت بنتاً فحقها كحق أخيها في المعاملة الرحيمة والعطف الأبوي تحقيقاً لمبدأ العدالة قال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل:90), وإن كانت زوجة فهي من نعم الله قال تعالى:( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)(الرعد:39), وهي إن لم تكن أماً ولا بنتاً ولا زوجة فهي من عموم المسلمين يُبذل لها من المعروف والإحسان ما يُبذل لكل مؤمن ولها على المسلمين من الحقوق ما يجب للرجال.
           ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج عن ضرب زوجته بدون سبب؛ لأنها إنسان مكرم داخل في قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)(الإسراء:70)، وليس حسن المعاشرة أمراً اختيارياً بل هو تكليف واجب، وأخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها)، ومن تكريم الإسلام للمرأة أن قرر لها من الحقوق ما يكفل راحتها، وينبه على رفعة منزلتها، ثم جعل للرجل حق رعايتها، ومن ذلك قوله تعالى:(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)(البقرة: )228، فجعلت الآية للمرأة من الحقوق مثل ما للرجل.
          قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: {وَلَهُنَّ} أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن، ولهذا قال ابن عباس: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي ، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها علي، لأن الله تعالى قال:{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي زينة من غير مأثم.(تفسير القرطبي 3/124).
           ومن تكريم الإسلام للمرأة أن نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يسابق زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها؛ وهذا من التبسط ورفع الكلفة بينه وبين زوجته، فهو صلى الله عليه وسلم يقتطع جزءًا من وقته ليدخل السرور على أهل بيته، ويوقف جيشًا بأكمله للبحث عن عقد فُقد عقد لزوجته عائشة رضي الله عنها، فيبحث الناس عن العقد ولا يجدونه، ويخرج وقت صلاة الظهر ولا ماء، فيقول المسلمون: حبسنا من أجل زوجته، فهل وجدتم أحدًا يحترم المرأة ويكرمها كما أكرمها رسول الهدى؟ إنه يوقف الجيش من أجل زوجته مراعاةً لشعورها وتقديرًا لها.
             ونجد القرآن الكريم ينتصر للمرأة فهذه خولة بنت ثعلبة كانت زوجة لأوس بن الصامت، وكان رجلًا غضوبًا قد كبر سنه، فجاء يومًا فراجعته زوجته في أمر ما، فغضب وقال لها: أنت عليَّ كظهر أمي، فذهبت إلى رسول الله تستفتيه عن حالها وتشتكي إليه، فقال:(ما أراك إلا قد حرمت عليه) فجادلته واشتكت، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أراك إلا قد حرمت عليه)؟ فقالت: يا رسول الله!أكل مالي، وأفنى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إليك أشكو، قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآيات:
          ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1].
         ونجد أيضاً تقدير الإسلام لدورها السياسي، فقد بايع رسول الله النساء في موقعة مشهودة للقاصي والداني، فكانت بيعة النساء وسطّرها القرآن الكريم بآيات قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.(الممتحنة:12)، احترام النبي صلى الله عليه وسلم لجوارها، وذلك كما في البخاري ومسلم أن أم هانئ بنت أبى طالب ذهبت إلى رسول الله عام الفتح، فقالت: يا رسول الله زعم ابن أمي علىّ أنه قاتل رجل أجرته: فلان ابن هبيرة، فقال رسول الله"قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ".
           ومنحها الإسلام الاستقلال الفكري، واحترم علمها وبيعتها وشهادتها ووجهة نظرها قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}.(الممتحنة:10) والآية تشير إلى ما كانت تستمتع به المرأة من استقلال فكري وكيان أدبي محترم" في عهد محمد صلى الله عليه وسلم.(فقه السيرة: للغزالي260).
           كانت هذه بعض مظاهر تكريم الإسلام للمرأة، وكيف أنه رفع شأنها وأعلى قدرها ومكانتها، فهي كائن مستقل عن الرجال وليس ملحقاً له، وأنها مكلفة تكليفاً عينياً كالرجل تماماً، وهذا دليل على تكريمها واستقلاليتها، وأنها مخاطبة بدين الله كالرجل.


د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية الفقهية السعودية
Ahmedarafa11@yahoo.com


الاثنين، 14 مارس 2016

حكم سب النبي صلى الله عليه وسلم



حكم سب النبي صلى الله عليه وسلم
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من سب النبي من مسلم أو كافر فانه يجب قتله هذا مذهب عليه عامة أهل العلم
قال ابن المنذر رحمه الله: أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله عليه و سلم القتل] و ممن قاله مالك و الليث و أحمد و إسحاق و هو مذهب الشافعي.
وحكى الإمام أبو بكر الفارسي من أصحاب الشافعي إجماع المسلمين على أن حد من سب النبي صلى الله عليه و سلم القتل كما أن حد من سب غيره الجلد و هذا الإجماع الذي حكاه هذا محمول على إجماع الصدر الأول من الصحابة و التابعين أو أنه أراد به إجماعهم على أن ساب النبي صلى الله عليه و سلم يجب قتله إذا كان مسلماً.
وكذلك قيده القاضي عياض فقال: أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين و سابه و كذلك حكي عن غير واحد الإجماع على قتله و تكفيره.
وقال الإمام إسحاق بن راهويه أحد الأئمة الأعلام: [أجمع المسلمون على أن من سب رسوله الله صلى الله عليه و سلم أو دفع شيئا مما أنزل الله عز و جل أو قتل نبيا من أنبياء الله عز و جل : أنه كافر بذلك و إن مقرا بكل ما أنزل الله.
قال الخطابي: [ لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله]
وقال محمد بن سحنون: [ أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه و سلم والمتنقص له كافر و الوعيد جار عليه بعذاب الله له و حكمه عند الأمة القتل و من شك في كفره و عذابه كفر] (الصارم المسلمون على شاتم الرسول صـ9)