السبت، 9 مايو 2020

النظافة في الشريعة الإسلامية (1) د/ أحمد عرفة

النظافة في الشريعة الإسلامية (1)

د/ أحمد عرفة

أخرج البخاري ومسلم عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: ((إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لِيَنتَثِر وَمَن اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِن نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الإِنَاءِ ثَلاَثًا، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أَينَ بَاتَتْ يَدُهُ))، وفي لفظٍ لِمسلمٍ: ((فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمِنْخَرَيْهِ مِن المَاءِ))، وفي لفظٍ: ((مَن تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ)).

قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرحه على صحيح مسلم ( 3/ 179- 182): "وفي هذا الحديث دلالة لمسائل كثيرة في مذهبنا ومذهب الجمهور منها:

1- أن الماء القليل إذا وردت عليه نجاسة نجسته وإن قلت ولم تغيره فإنها تنجسه؛ لأن الذي تعلق باليد ولا يرى قليل جدًا.

2- ومنها: الفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه وأنها إذا وردت عليه نجسته وإذا ورد عليها أزالها.

3-  ومنها: أن الغسل سبعًا ليس عامًا في جميع النجاسات وإنما ورد الشرع به في ولوغ الكلب خاصة.

4-  ومنها: أن موضع الاستنجاء لا يطهر بالأحجار بل يبقي نجسًا معفوًا عنه في حق الصلاة.

5-  ومنها: استحباب غسل النجاسة ثلاثًا؛ لأنه إذا أمر به في المتوهمة ففي المحققة أولى.

6-  ومنها: استحباب الغسل ثلاثًا في المتوهمة.

7-  ومنها: أن النجاسة المتوهمة يستحب فيها الغسل ولا يؤثر فيها الرش فإنه صلى الله عليه وسلم قال: "حتى يغسلها"، ولم يقل حتى يغسلها أو يرشها.

8-  ومنها: استحباب الأخذ بالاحتياط في العبادات وغيرها ما لم يخرج عن حد الاحتياط إلى حد الوسوسة.

9- ومنها: استحباب استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى من التصريح به فإنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدري أين باتت يده" ولم يقل: "فلعل يده وقعت على دبره أو ذكره أو نجاسة أو نحو ذلك، وإن كان هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم ولهذا نظائر كثيرة في القرآن العزيز والأحاديث الصحيحة، وهذا إذا علم أن السامع يفهم بالكناية المقصود فإن لم يكن كذلك فلا بد من التصريح لينفي اللبس والوقوع في خلاف المطلوب، وعلى هذا يحمل ما جاء من ذلك مصرحًا به، والله أعلم.

10-       النهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها وهذا مجمع عليه لكن الجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه نهي تنزيه لا تحريم فلو خالف وغمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس".

والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق