السبت، 5 يناير 2013

ميراث الأنبياء



ميراث الأنبياء
قال الإمام ابن الجو زى  رحمه الله :
من أحب أن يكون للأنبياء وارثاً وفي مزارعهم حارثاً فليتعلم العلم النافع وهو علم الدين ففي الحديث:(العلماء ورثة الأنبياء) وليحضر مجالس العلماء فإنها رياض الجنة ومن أحب أن يعلم ما نصيبه من عناية الله فلينظر ما نصيبه من الفقه في دين الله ففي الحديث:(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) ، ومن سأل عن طريق تبلغه الجنة فليمش إلى مجلس العلم ففي الحديث من سلك طريقا يلتمس فيها علما سلك الله به طريقا إلى الجنة ومن أحب ألا ينقطع عمله بعد موته فلينشر العلم بالتدوين والتعليم ففي الحديث:(إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) ([1])0
وقال أبو هلال العسكري رحمه الله :
ولفضل العلم ذلت في التماسه الأعزاء ، وتواضع الكبراء ، وخضع لأهله ذوو الأحلام الراجحة ، والنفوس الأبية ، والعقول السليمة ، واحتملوا فيه الأذى ، وصبروا على المكروه ، ومن طلب النفيس خاطر بالنفيس ، وصبر على الخسيس ([2]).
وقال الجاحظ رحمه الله:
 العلم عزيز الجانب ، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك ، وأنت إذا أعطيته كلك كنت من إعطائه إياك البعض على خطر .
قال أبو هلال العسكرى معلقاً على كلام الجاحظ :
وقد صدق ، فكم من راغب مجتهد في طلبه لا يحظى منه بطائل على طول تعبه ومواصلة دأبه ونصبه ، وذلك إذا نقص ذكاؤه وكل ذهنه ونبتت قريحته، والفهم إنما يكون مع اعتدال آلته ، فإذا عدم الاعتدال لم يكن قبول ، كالطينة إذا كانت يابسة أو منحلة لم تقبل الختم ، وإنما تقبله في حال اعتدالها ، وإذا أكدى الطالب مع الاجتهاد ، فكيف يكون مع الهوينا والفتور، فإذا كنت أيها الأخ ترغب في سمو القدر ونباهة الذكر وارتفاع المنزلة بين الخلق ، وتلتمس عزا لا تثلمه الليالي والأيام ولا تتحينه الدهور والأعوام ، وهيبة بغير سلطان ، وغنى بلا مال ، ومنعة بغير سلاح ، وعلاء من غير عشيرة ، وأعوانا بغير أجر ، وجندا بلا ديوان وفرض ، فعليك بالعلم ، فاطلبه في مظانه ، تأتك المنافع عفوا ، وتلق ما يعتمد منها صفوا ، واجتهد في تحصيله ليالي قلائل ، ثم تذوق حلاوة الكرامة مدة عمرك ، وتمتع بلذة الشرف فيه بقية أيامك ، واستبق لنفسك الذكر به بعد وفاتك، ولأمر ما اجتهد فيه طائفة العقلاء ، وتنافس عليه الحكماء ، وتحاسد فيه الفضلاء ، ولا يصلح الحسد والملق في شيء غيره([3])0
قال الشيخ أبو هلال العسكرى رحمه الله:
 فإذا كان العلم مؤنسا في الوحدة ، ووطنا في الغربة ، وشرفا للوضيع ، وقوة للضعيف ، ويسارا للمقتر ، ونباهة للمغمور حتى يلحقه بالمشهور المذكور ، كان من حقه أن يؤثر على أنفس الأعلاق ، ويقدم على أكرم العقد ، ومن حق من يعرفه حق معرفته أن يجتهد في التماسه ليفوز بفضيلته .
فإن من كانت هذه خصاله ، كان التقصير في طلبه قصورا ، والتفريط في تحصيله لا يكون إلا بعدم التوفيق ، ومن أقصر عنه أو قصر دونه ، فليأذن بخسران الصفقة وليقر بقصور الهمة ، وليعترف بنقصان المعرفة ، وليعلم أنه غبن الحظ الأوفر ، وخدع عن النصيب الأجزل ، وباع الأرفع بالأدون ، ورضي بالأخس عوضا عن الأنفس ، وذلك هو الضلال البعيد ([4]).






([1]) التذكرة في الوعظ : للإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي جـ 1 ص 55 – صـ 57 طبعة  : دار المعرفة - بيروت - 1406 ، الطبعة : الأولى ، تحقيق : أحمد عبد الوهاب فتيح 0
([2]) الحث على طلب العلم وجمعه : للإمام أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكرى : جـ 1 صـ 51 وما بعدها تحقيق الدكتور مروان قبانى طبعة المكتب الإسلامى سنة 1406هـ - 1986 م 0
([3]) المرجع السابق : جـ ا صـ 42 وما بعدها 0
([4]) المرجع السابق : جـ ا صـ 42 وما بعدها 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق