الخميس، 11 نوفمبر 2021

الإنسان بين الصحة والمرض (1)

 

الإنسان بين الصحة والمرض (1)
إن المتأمل في نعم الله تعالى على عباده، يجد أنه سبحانه قد أنعم علينا بنعم كثيرة، لا تعد، ولا تحصى، نعم ظاهرة، ونعم باطنة، قال تعالى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" (إبراهيم: 34)، وقال سبحانه: "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ" (النحل: 18).
وهو سبحانه المنعم المتفضل على عباده بهذه النعم وحده جل وعلا دون سواه، حيث قال: " وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ" (النحل: 53).
ومن هذه النعم الجليلة التي لا تقدر بملايين الدنيا كلها نعمة الصحة والعافية، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»، وحثنا على اغتنام أوقات الصحة قبل المرض، كما جاء في الحديث: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَفَرَاغَك قَبْلَ شَغْلِكَ، وَغِنَاك قَبْلَ فَقْرِكَ، وَشَبَابَك قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِك". (أخرجه الحاكم في المستدرك).
فنعمة الصحة والعافية نعمة عظيمة لا تعادلها كنوز الدنيا كلها، ولذا كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم، وقد جاء ذلك فيما أخرجه أبو داود في سننه عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: «أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لم يَكُن يَدَعُ هؤلاءِ الكلِمَاتِ حينَ يُمسي وحينَ يُصبِحُ: اللَّهمَّ إني أسألُكَ العَافِيَةَ في الدنيا والآخِرةِ، اللَّهمَّ إني أَسألُكَ العَفو والعَافِيَةَ في دِيني ودُنيايَ، وأهلي ومَالي، اللَّهمَّ استُر عَوْرَاتي، وآمِنْ رَوْعَاتي، اللَّهمَّ احفظني من بَينِ يَدَيَّ ومِن خَلْفي، وَعن يَميني، وعن شِمالي، ومِن فَوقي، وأعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحتي» قال وكيعٌ: يعني الخَسْفَ.
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة -رحمه الله-: قال: «قلتُ لأبي: يا أَبَتِ، أسمعُكَ تقولُ كلَّ غدَاة: اللَّهمَّ عافني في سمعي، اللَّهمَّ عافني في بصري، لا إِلهَ إلا أنت، تُكرِّرُها ثلاثًا حين تُصبح، وثلاثًا حين تُمسي، فقال: يا بُنيَّ، إني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو بهنَّ، فأنا أُحِبُّ أن أَستَنَّ بِسُنَّتِهِ».(أخرجه أبو داود).
وأخرج ابن ماجه في سننه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». ثُمَّ أَتَاهُ في الْيَوْمِ الثَّاني فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ: يَا نَبيَّ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالَعَافِيَةَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَقَدْ أَفْلَحْتَ».
فلو تأملنا في هذه الأحاديث وغيرها لتبين لنا بجلاء ووضوح أن نعمة الصحة والعافية هي خير ما أعطي الإنسان في هذه الدنيا، ولذلك قالوا: "الصحة تاج على رؤؤس الأصحاء لا يراه إلا المرضى".
وللحديث بقية إن شاء الله
كتبه
د/ أحمد عرفة
عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن
جامعة الأزهر الشريف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق