الاثنين، 7 أكتوبر 2013

فوائد من كتاب مداواة النفوس للإمام ابن حزم رحمه الله 2



وقال الإمام ابن حزم رحمه الله:
 ومن أحسن العبادة أن يمتلئ قلب العبد من حب الطاعة فإذا فاض عملت الجوارح على قدر ما رأت من القلب فربما كانت الجوارح في العبادة والقلب في البطالة .
 قلت: وكيف عبادة القلب دون الجوارح وكيف يفيض القلب بالعبادة إلى الجوارح قال: أن يصير وعاء للهم والحزن والافتقار والخوف والندامة والتواضع والاضطرار إلى الله عز وجل والنصح له وحب ما يحب الله وبغض ما يبغض الله فإذا عامل الله على هذا بقلبه هاجت الجوارح بمثل ما رأت من القلب فانبعث على الطاعة وإنما يكون ذلك من القلب إذا خالط سويداءه ما تأتي به القيامة ، والباب الآخر أن يمتلئ قلبه من معرفة نعم الله عز وجل وسروره بالله وأنسه بعبادة الله وشوقه إلى محاب الله وحبه للشكر لله ورجائه مغفرة الله .
 فإذا عامل الله بهذا من قلبه اشتاق إلى عبادة الجوارح معه فيكون عاملا وفي عمله أنس وسرور وحلاوة.




ومن أشرف العبادة أن تراقب الله بما يحب الله فإذا فترت عن ذلك راقبته فيما يكره ملتمسا العود إلى الحالة الأولى التي كنت عليها حريصا على ذلك فيحدث لك حينئذ إليها حنين شديد فإنه إذا رآك كذلك تحن وتحرص رد عليك ما سلبك .


ومن أحسن الأخلاق أن تكون سجية العبد التواضع ومن أحسن الفعال الإحسان إلى من أساء إليك .

اجتهد ولا تيأس ولا تقل عند ذكر الصالحين لولا ذنوبي لرجوت طريقة الصالحين فيفترك ذكر ذنوبك عن العمل فإن صاحب الحمل الثقيل أولى أن يجتهد في إسقاط ما قد حمل من المخف الذي ليس على ظهره شيء.

 إن أردت أن ينظر الله إليك بالرحمة فانظر أنت إلى الصالحين بالغبطة والى العاصين بالرأفة.


إذا وقع في قلب العبد الاهتمام بالنفس اشتد خوفه عليها وعظم رجاؤه للناس وإذا خلا قلبه من هم نفسه حسن ظنه بها وعظم رجاؤه لها وخاف على الناس .

 من طالت فكرته في أربعة أشياء أورثته الحزن والهم وهي تؤدي بعضها إلى بعض وكل خصلة منها كافية إذا فكرت في علم الله فيك وأين اسمك في أم الكتاب وبم يختم لك وذكرت ذنوبك .


من طالت فكرته في أربعة أشياء أورثته الخوف والخشية وهي تؤدي بعضها إلى بعض وكل واحدة منها كافية من فكر في الموت وسرعة انقضاء الأجل والمصير إلى القبر والوقوف للحساب والنار التي لا صبر لأحد عليها .

لا تنازع الله في محبته فتكون قد عاملته بالغلبة .
لا تؤثر على الله أحداً فيكلك إلى من آثرته عليه .

إذا أردت أن تقسم صدقة أو معروفاً في الناس أو في سواك
قريب منك فإنما تبدأ أقربهم منك منزلا وأشدهم إلى صدقتك فقراً ثم الذي يليه ولم تذكر بصدقتك من بعد منك أو استغنى عن صدقتك فقرب يا أخي منزلتك من الله واكشف له عن فقرك إليه ينلك معروفه في أول من ينال فافهم يا أخي إن كنت تفهم .

لو كان لك عبيد أردت عتق بعضهم أليس كنت تبدأ بأعدلهم سيرة وأنصحهم لك وأخدمهم .


من كان يحب القرب من الله فليترك ما يباعد من الله تعالى .

إنك لو رأيت من باع نصيبه من الآخرة بنصيب غيره من الدنيا لعجبت منه فبع أنت نصيب غيرك من الدنيا بنصيبك من الجنة فإن الذي يبقى منك إنما هو رزق غيرك .

لا تطلب المحمدة ممن يموت فلتلحقك المذمة ممن لا يموت .

اترك خوف الدنيا تأمن الآخرة واطلب أمن الآخرة بخوف الدنيا.

إذا عرضت لك شهوة فاذكر العاقبة فكم من شهوة ذهبت عنك لذتها وبقيت عليك حسرتها .

إن الذي يفسد عليك الآخرة هو الذي لا تحتاج إليه في الدنيا فما راحتك إليه .

لو رأيت رجلا بين جماعة وكل واحد يكيده بألوان المكايد ثم لم تره يتضرع ويستكين وينقطع إلى من يرجو نجاته لسفهت رأيه وعقله فلا تكونن أنت هو .
ما وجد أحد من صاحبه رائحة أطيب رائحة أطيب من رائحة حسن الخلق .

إن لك في خصال ثلاث شغلا عما سواها في مراقبتك ربك ومحاسبتك نفسك ومذاكرتك ذنبك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق