الخميس، 7 أكتوبر 2021

حالهم وحالنا مع القرآن الكريم د: أحمد عرفة

حالهم وحالنا مع القرآن الكريم

القرآن الكريم دستور الأمة الخالد، أنزله الله عز وجل على حبيب قلوبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ليكون دستورا ومنهجا تسير عليه الأمة إلى أن تلقى ربها جل وعلا.

ولكن الناظر في حال كثير من المسلمين اليوم يجد أنهم أصبحوا بعيدين كل البعد عن القرآن الكريم، فمنهم من هجر القرآن الكريم تلاوة، ومنهم من هجر العمل به، ومنهم من هجر تدبره وتأمله، ومنهم من هجر تحكيمه والتحاكم إليه، ومنهم من هجر التداوي والاستشفاء به.

ولقد كان لسلف الأمة حال عجيبة مع كتاب الله تعالى من التأمل والتدبر والعمل به وتطبيقه، في الوقت الذي أصبح كثير من المسلمين اليوم مع القرآن الكريم لا قراءة، ولا استماع، ولا تدبر، ولا عمل، إلا من رحم الله تعالى.

ومن المحزن والمؤسف أن ترى في حفلات القرآن الكريم الصراخ والضحك وربما الحلف بغير الله وبالطلاق عند الاستماع لتلاوة القرآن الكريم، ويظن هؤلاء أن هذا من التأثر بالتلاوة أو بصوت القاريء، وهذا من الخطأ الكبير طبعا في التعامل مع القرآن الكريم، فتلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه ليست مجالا للعبث والضحك والصراخ أثناء تلاوته، بل المستحب في هذه الحالة هو الاستماع والإنصات والتأمل والتدبر لكلام الحق سبحانه وتعالى، وعلى القارئ الذي يجلس للتلاوة أن يعلم المستمع هذه الآداب، وأن يزجرهم عن هذا العبث واللهو عن قراءة القرآن الكريم، فلن ينفع القارئ هؤلاء الذين يمدحون فيه في وجوه الناس، ولا الذين يصرخون برفع الصوت الله الله، وغير ذلك زعما منهم تشجيع القارئ، فلسنا في حفلة غناء أو رقص هدانا الله وإياكم.

فقد قيل لبعض السلف: ألا تنام؟ قال: إن عجائب القرآن أطرن نومي، وهذا من التأمل والتدبر لكلام الرحمن، وفي التنزيل قال الحق سبحانه: (لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر: ٢١)

ومن خلال ما تقدم: أقول لنفسي ولأحبابي ينبغي أن نتأدب مع القرآن الكريم في التلاوة والاستماع، وأن نحرص على قراءته، والاستماع إليه، وتدبره، والعمل به، وقد ألف العلماء رسائل كثيرة في الأدب مع القرآن الكريم، ومن ذلك ما كتبه الإمام النووي رحمه الله في كتابه القيم: التبيان في آداب حملة القرآن، فينبغي علينا الرجوع إليه، والاستفادة منه، وتعليم هذه الآداب للصغار والكبار، كي نجل كتاب الله تعالى حق الإجلال؛ كي نسعد في الدنيا والآخرة.

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين.

والحمد لله رب العالمين

كتبه

د: أحمد عرفة

عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن

جامعة الأزهر الشريف

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق