الثلاثاء، 24 يوليو 2012

الفوائد الاجتماعية للصيام


الفوائد الاجتماعية للصيام
الفائدة الأولي: النظام
ويأتي الصوم، ليمرن المسلم على النظام في حياته، وعلى الجماعية في معيشته، فالمسلم في أي وقت من ساعات النهار، يجد الطعام أو الشراب موفراً لديه، وقد يطول النهار، حتى تفرغ معدته من بقايا الطعام، فتتحرك ليتضور صاحبها جوعاً، وربما يلح به الحر في الصيف القائض، فيحن إلى جرعة من الماء، ويجد أمامه أرطالاً من الماء القراح، ولكنه يمسك عن تناول أي شيء، قبل أنْ تأذن الشمس بالمغيب، وفي لحظة الغروب، في جميع أقطار العالم الإسلامي ـ كل بحسب توقيت بلده ـ تعتبر لحظة انتهاء المنع العام، فيكون جميع المسلمين جالسين بين عوائلهم، ينتظرون لحظة المغرب، إلى أنْ ينتهي فيها النّهار ويسوّد الليل، وينصتون بخشوع وإيمان، إلى كلمة: (الله أكبر) تنطلق من المآذن أو من المدافع، لتمد الأيدي في جميع البلاد، إلى أول جرعة أو أول لقمة.
الفائدة الثانية: التدريب علي التكبير
لقد انطلقت كلمة: (الله أكبر) مع انطلاق الفجر ـ أول النهار ـ فردت الأيدي وكفّت الأفواه، في لحظة واحدة، وانطلقت كلمة: (الله أكبر) ـ في آخر النهار ـ فانطلقت الأيدي والأفواه، في لحظة واحدة، ليتركز في وجدان عامة المسلمين، النظام الجماعي، الذي يرفض التمييز بين فرد وفرد ويرفض التقديم أو التأخير ولو لحظة أو أقل من لحظة.
الفائدة الثالثة: القدرة على مواجهة الأزمات تدريب إيجابي ومتوازن للفرد
إن رمضان يجعل المسلمين ـ جميعاً ـ يمرون بأقسى التجارب، ليكونوا ـ أبداً ـ على أهبة الاستعداد، للترحيب بالأزمات، التي تعصف بهم فتحاول اجتياحهم، دون أنْ يزعزع شيئاً من مناعتهم الصلدة، لأنّ رمضان قد جعلهم كالجنود المدربين، الذين تمرسوا بأعنف التجارب، ليتغلبوا على الطوارئ، مهما أمعنت في الوحشية والإرهاب.
الفائدة الرابعة: المساواة
بالصوم يصبح المجتمع ملائكياً، يشعر الأغنياء والفقراء فيه بالمساواة، فلا يثور الفقير على الغني، ولا يستعلي الغني فيه على الفقير فها هم الأغنياء والكبراء، وأولئك هم الفقراء والضعفاء، يجوعون ـ جميعاً ـ في وقت واحد، ويشبعون، جميعاً ـ في وقت واحد، ويجمعهم شعورٌ واحد، وحسٌ مشترك وطبيعة سارية فيتعبدون بأمر عام من الله، فالله تعالى فوق الجميع، والجميع متساوون أمامه، فيكون المجتمع الملتزم بالصوم، معجزة من معجزات الإسلام، التي عجزت عن الإتيان بمثلها قوانين الأرض.
الفائدة الخامسة: الصوم رياضة بدنية وروحية
والصوم ـ بطبيعته ـ رياضة عنيفة في ذاته، ورياضة عنيفة في حدوده التي ترفض التلاعب ولو بمقدار لحظة واحدة، وهو رياضة للنفس، بما يكبح من جماحها، ورياضة للبدن، بما يحمله من تجربة قاسية.
وهو تعبئة إعدادية عامّة، وتأهب القادرين على خوض معترك الحياة، لاقتحامه، كلما دقت الأجراس.
فالخيل، تضمر قبل السباق، والجند، يدرب قبل المعركة، وكل صاحب مهنة أو وظيفة، يجرب قبل أنْ يعهد إليه بمسؤوليته، ولكن ليس هنالك إعداد عام لحمل أعباء الحياة، سوى الصوم.
الفائدة السادسة: ترسيخ الإيمان بالنفس
فمن قاوم غرائزه، وكافح رغباته كلها، طول النّهار، طوال شهر كامل، راضت نفسه على الانقياد لله، ورضخت لاتباع أوامره وزواجره حرفياً، فلا تكاد تمضي عليه شهور من رمضان، إلاّ وتتركز أعماله وأقواله، على (مراقبة الله) حتى تصبح (ملكة) مطبوعة راسخة، في أعمق أعماق وجدانه، بحيث تقوى على التحكم في حياته، وتنمو وتتوسع على ممر الأيام، ولا تتهافت ولا تبور.
فبالصوم يتمكن الأيمان من نفس الفرد، ويملأ كيانه، ويتأصل في عواطفه وأفكاره([1]).


([1]) المصدر : موقع الدكتور مازن إسماعيل هنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق