الثلاثاء، 24 يوليو 2012

الفوائد الاقتصادية للصيام


الفوائد الاقتصادية للصيام
إن للصيام فوائد اقتصادية كثيرة منها تحرير النفوس من أثر ثقافة الاستهلاك ، وتخليص النفوس من رذيلة الجشع وتحليتها بفضيلة القناعة، و توفير مزيد من الوقت للعمل والإنتاج ، وغير ذلك من الفوائد الاقتصادية ، ولقد قرأت مقالاً على شبكة الانترنت حول الآثار الاقتصادية للصيام لأستاذ الدكتور ربيع خليفة عبد الصادق حفظه الله تعالى أنقله هنا بتمامه لتعم الفائدة 0
فريضة الصيام ركن من أركان الإسلام، شرعها الله كغيرها من الفرائض، بقصد امتحان قابلية المكلف للخضوع لله والاستسلام لأمره، وليكون فرصة تربوية لتزكية النفس وترويضها على الامتثال لأمره، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183-184]، وقد شرع الله أحكامه لتحقيق مصلحة الإنسان العاجلة والآجلة بالضوابط الشرعية، ومن هذه المصالح: 
تحرير النفوس من أسر ثقافة الاستهلاك:
نقول عن أي شخص: إنه أسير لثقافة الاستهلاك إذا كانت رغباته أكثر من حاجاته، فتنشأ عنده عادات استهلاكية شاذة، فيرغب فيما لا حاجة له به، أو فيما لا يتسع له دخله، وقد بلغ الأسْر لثقافة الاستهلاك بالشخص مداه، حين يقتني ما لا يرغب في استهلاكه، فيقتني فقط من أجل الاقتناء، أو يقترض بالربا ليقتني بمقتنيات كمالية يسعه الاستغناء عنها.
وقد ورد عن علي كرم الله وجهه قوله: (استغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج لمن شئت تكن أسيره)، والإنسان له القدرة متى توافرت لديه الإرادة على تغيير عاداته الاستهلاكية، والاستغناء عن كثير مما يراه مهما في حياته، وقديمًا قيل: (كم من حاجة قضيناها بتركها)، وفريضة الصيام فرصة مهمة لاكتساب عادات جديدة في الاستهلاك، وترويض النفس على الاستغناء من غير الموجود، فإن النفس إذا يئست من الشيء استغنت عنه، وهذا ما يظهر واضحًا خلال شهر الصيام، حيث إن الصائم تطاوعه نفسه في تغيير أوقات الطعام، وتتوق نفسه إلى الطعام ويمنعها، فتستغني عنه وتنساه، وهكذا حال النفس مع كل رغباتها، فالصوم مدرسة لتدريب النفس على مواجهة الحرمان.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل أهل بيته في الصباح عما يفطر به؟ فيقال: لا، فينوي الصيام، إنها لعظمة نفسية جديرة بالإكبار أن يواجه المرء البأساء والضراء مكتمل الرشد باسم الثغر، والأفراد والجماعات تقدر على ذلك لو شاءت، وأعتقد أن أسباب انتصار المسلمين في الفتوح الأولى قلة الشهوات التي يخضعون لها، أو قلة العادات التي تُعجز عن العمل إن لم تتوافر، يضع الواحد منهم تمرات في جيبه وينطلق إلى الميدان، أما جنود فارس والروم، فإن العربات المشحونة بالأطعمة كانت وراءهم وإلا توقفوا.
وقد اعتمد غاندي على هذا السلاح عندما حارب بريطانيا العظمى، كان الإنتاج البريطاني يعتمد على الاستهلاك الهندي، وقرر غاندي أن ينتصر بتدريب قومه على الاستغناء، فاستغنوا عن المنتجات البريطانية، فحرر قومه من التبعية الاقتصادية لبريطانيا، فهل نعقل فوائد المقاطعة الاقتصادية لمنتجات أعدائنا؟!
تخليص النفوس من رذيلة الجشع وتحليتها بفضيلة القناعة:
من فوائد الصيام الاقتصادية تربية النفوس على العفة والقناعة وتخليصها من الجشع والطمع الذي هو أصل كثير من المفاسد الاقتصادية، كالربا والرشوة، والقمار والغش والاحتكار، وغيرها من المفاسد التي تؤدي إلى تضييع حقوق الناس وأكل أموالهم بالباطل، والتضييق عليهم في معاشهم، كما أن هذا من شأنه أن يجعل التجار يكتفون بحلال الربح، وإن كان قليلًا، ويمنعهم من جمع المال بالطرق المحرمة.
توفير مزيد من الوقت للعمل والإنتاج:
من الفوائد الاقتصادية للصيام توفير مزيد من الوقت للعمل والإنتاج، فإن إعداد الطعام وتناوله، وما يتطلبه ذلك من إجراءات سابقة ولاحقة يستهلك من صاحبه وقتًا طويلًا، وكل هذا الوقت يوفره الصيام للعمل مما يوفر لهم هامشًا زمنيًّا أطول للإنتاج.
إثارة الشعور بمعاناة أهل الخصاصة في نفوس أهل الغنى:
إن الإنسان غالبًا لا يستشعر معاناة الآخرين ما لم يعش تجربتهم، ولا يدرك آلام المحرومين ما لم يذق مرارة الحرمان، فلا يمكن أن يستشعر آلام المرضى ما لم يكن مريضًا ولا آلام الجائعين من لم يذق مرارة المسبغة يومًا، فلهذا جعل الله الصيام فرصة لتذكير الأغنياء، بأن ما يعانونه من آلام المخمصة في نهار رمضان، يعانيه أهل الحرمان على الدوام! فتتحرك في نفوسهم مشاعر الإحسان، ودوافع العطف على الفقراء، فيواسونهم بفضول أموالهم، مما يسهم في تقليص الفوارق، بين الطبقة المترفة والطبقات الكادحة في المجتمع، ويعمل على تداول المال بين الجميع حتى لا يبقى دولة بين الأغنياء من الناس. 
دور الفدية والكفارة وزكاة الفطر في مواساة الفقراء: 
الفدية هي قدر من الطعام يخرجه كل يوم من أيام رمضان من عجز عن الصيام عجزًا مزمنًا؛ كالشيخ الكبيرة، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى برؤه، إذا كان الصيام يجهدهم في جميع فصول السنة، قال الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، والكفارة هي عقوبة شرعية تترتب على من تعمد الإفطار في رمضان بجماع اتفاقًا، وبأكل وشرب في مذهب مالك وأبي حنيفة، ومن صورها إطعام ستين مسكينًا من أوسط ما يطعم منه أهله، بالإضافة إلى زكاة الفطر.
وزكاة الفطر فريضة تتبع فريضة الصيام، وهي صاع من طعام، يخُرجه المسلم عن كل فرد ممن تلزمه نفقته؛ طهرة للصائم مما عسى أن يكون وقع فيه من اللغو والرفث، ولتكون عونًا للفقراء والمعوزين.
عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين) [رواه أبو داود، (1611)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (1609)]، هذه الأمور الثلاثة كلها من قرائن الصيام، وفائدتها الاقتصادية ظاهرة، حيث إنها تسهم في تحسين الوضع المعيشي للطبقات الفقيرة في المجتمع.
نستطيع أن نخلص مما سبق إلى أن الآثار الاقتصادية لفريضة الصيام، في مجموعها تعود إلى نوعين من الآثار:
1-       ما له أثر مباشر في الاقتصاد؛ كتناقص الاستهلاك خلال الصيام، وكبعض قرائن الصيام التي تسهم في مواساة المعوزين؛ كالفدية والكفارة وزكاة الفطر.
2-       ما له أثر غير مباشر في الاقتصاد، وهي أمور ترتبط بتهذيب النفوس وتزكيتها من بعض الرذائل، التي تنجم عنها مفاسد اقتصادية كالجشع والطمع، أو تحلية النفوس ببعض الفضائل التي تعود على الاقتصاد بالنفع؛ كالعفة والجودة الشعور بمعاناة المحرومين([1])0


([1]) المصدر : http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/4273/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق