دورة فقه الصيــام
الدرس الثامن
أركان الصيام
(1) النية :
&وذلك لما رواه البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل إمريء ما نوى "([1])0
وذلك لأن صوم رمضان عبادة ، فلا تجوز إلا بالنية.
والإمساك قد يكون للعادة ، أو لعدم الاشتهاء ، أو للمرض ، أو للرياضة ، فلا يتعين إلا بالنية ، كالقيام إلى الصلاة والحج .
قال الإمام النووي رحمه الله: لا يصح الصوم إلا بنية ، ومحلها القلب ، ولا يشترط النطق بها ، بلا خلاف([2])0
|
(2)الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس :
& قال تعالى ) فالآن بَاشِرُوهُنّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمّ أَتِمّواْ الصّيَامَ إِلَى الّليْلِ (([3])0
& فقد أباح الله تعالى هذه الجملة من المفطرات ليالي الصيام ، ثم أمر بالإمساك عنها في النهار ، فدل على أن حقيقة الصوم وقوامه هو الإمساك
|
(3) ثبوت الشهر نفسه :
ولما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته "([5]) فالشهر شرط في صحة الصوم لأنه خارج عن الماهية ، ومتقدم عليها في الوجوب ،وهو يعتبر شرط وجوب وصحة .
|
بم يثبت صيام شهر رمضان :
يثبت صيام شهر رمضان بأمرين :
الأول : رؤية الهلال 0
الثانى : إكمال شعبان ثلاثين يوما0
أما عن رؤية الهلال:
اختلف الفقهاء في أقل من تثبت الرؤية بشهادتهم .
فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ، إلى ثبوت شهر رمضان برؤية عدل واحد .
وقيد الحنفية اعتبار رؤية عدل واحد بكون السماء غير مصحية ، بأن يكون فيها علة من غيم أو غبار ، أما إذا لم يكن في السماء علة فلا تثبت الرؤية إلا بشهادة جمع يقع العلم بخبرهم .
واستدل القائلون بثبوت الشهر برؤية العدل ، بحديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه ، وأمر الناس بصيامه([6]).
واستدلوا كذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني رأيت الهلال - يعني رمضان - قال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم . قال : يا بلال ، أذن في الناس أن يصوموا غدا([7]).
وذهب المالكية وهو قول عند الشافعية : إلى أنه لا يثبت شهر رمضان إلا برؤية عدلين
واستدلوا بحديث الحسين بن الحارث الجدلي قال : إن أمير مكة - الحارث بن حاطب - قال : عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية ، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما ([8]) .
والإخبار برؤية هلال رمضان متردد بين كونه رواية أو شهادة ، فمن اعتبره رواية وهم الحنفية والحنابلة وهو قول عند الشافعية قبل فيه قول المرأة . ومن اعتبره شهادة وهم المالكية وهو الأصح عند الشافعية لم يقبل فيه قول المرأة .
والأمر الثانى: هو إكمال شهر شعبان ثلاثين يوما:
فإن لم تمكن رؤية الهلال وجب استكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ، وهو قول الجمهور - الحنفية والمالكية والشافعية ورواية في مذهب الحنابلة
واستدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن حال بينكم وبينه سحابة ، فأكملوا العدة ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً([9]) .
وفي رواية : لا تصوموا قبل رمضان ، صوموا للرؤية وأفطروا للرؤية ، فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين ([10]) .
وفي رواية أخرى هي المذهب عند الحنابلة أنه إذا كانت السماء مصحية ولم ير الهلال ليلة الثلاثين أكملت عدة شعبان ثلاثين يوما ، فإذا كان في السماء قتر أو غيم ولم ير الهلال ، قدر شعبان تسعة وعشرين يوما ، وصيم يوم الثلاثين (يوم الشك) احتياطا بنية رمضان ، واستدلوا بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فاقدروا له ([11]) وفسروا قوله : فاقدروا له أي ضيقوا له ، وهو أن يجعل شعبان تسعة وعشرين يوما .
وجمهور الفقهاء على عدم اعتبار الحساب في إثبات شهر رمضان ، بناء على أننا لم نتعبد إلا بالرؤية، وخالف في هذا بعض الشافعية .
اختلاف مطالع هلال رمضان :
ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة وهو قول عند الشافعية : إلى عدم اعتبار اختلاف المطالع في إثبات شهر رمضان ، فإذا ثبت رؤية هلال رمضان في بلد لزم الصوم جميع المسلمين في جميع البلاد ، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : صوموا لرؤيته([12]) ، وهو خطاب للأمة كافة
والأصح عند الشافعية اعتبار اختلاف المطالع 0
واتفق الفقهاء على اعتبار شهادة عدلين في رؤية هلال شوال ، وبه ينتهي رمضان ، ولم يخالف في هذا إلا أبو ثور ، فقال : يقبل قول الواحد . ودليل اعتبار شهادة العدلين حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجاز شهادة رجل واحد على رؤية الهلال - هلال رمضان - وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا بشهادة رجلين ([13]) .
وقياسا على باقي الشهادات التي ليست مالا ، ولا يقصد منها المال ، كالقصاص والتي يطلع عليها الرجال غالبا ، ولأنها شهادة على هلال لا يدخل بها في العبادة ، فلم تقبل فيها إلا شهادة اثنين كسائر الشهود([14]).
( 2004)وصححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود حديث رقم (2338)0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق